بما أنني ممن يداومون من الساعة السابعة صباحا حتى في رمضان، فقد طالبت في العام الماضي على (تويتر) بأن يخفض أئمة المساجد صوت (المايكروفونات) التي تخترق جدران غرف النوم الصلبة. في ظل تنافس أصوات الأئمة وتداخلها وتزيدها على بعضها أيها أرفع من الآخر. وقتها، حين طالبت بذلك، هاجمني كثيرون على اعتبار أنني لا أريد سماع القرآن الذي يقرأ في صلوات التهجد، وأنني ضعيف الإيمان، مع أن أيا من المهاجمين أو المشككين لم يشق عن قلبي ليعرف درجة إيماني. كما أن المسألة لا تتعلق باختبارات الإيمان بقدر ما تتعلق بظروف سكان كل حي وأوقات أعمالهم في الصباح. والأهم هو أن هناك عجائز ومرضى وأطفالا أصوات القراءة (المايكروفونية) توقظهم أول الليل وآخره. ولكي تقتنعوا بوجهة نظري، أورد لكم فيما يلي فتاوى وآراء علماء كبار خصوا هذه المسألة بكثير من النصح والتوجيه والأدلة: قال العلامة محمد ناصر الدين الألباني، رحمه الله: «أعتقد أن إذاعة الأذان بمكبر الصوت مصلحة شرعية، لكن إذاعة الإقامة بنفس الوسيلة ليس مصلحة شرعية؛ لأن الشارع الحكيم حينما شرع الأذان وشرع الإقامة فاوت بينهما؛ جعل الأذان على سطح المسجد وجعل الإقامة في داخل المسجد. جعل الأذان على سطح المسجد لإبلاغ صوت المؤذن إلى أبعد مكان ممكن، ورغب في أن يكون هذا المؤذن صيتا، أما الإقامة فجعلها بين جدران المسجد الأربعة، كذلك يلحق بالإقامة فلا يشرع إذاعة قراءة الإمام يوم الجمعة بخاصة، بل وفي الصلوات الخمس بعامة إلى خارج المسجد؛ لأن هذه القراءة ليس المقصود بها تسميع الناس كلهم، وإنما تسميع الذين يصلون بالمسجد». (سلسلة الهدى والنور .. رقم 361) وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين، يرحمه الله، بعد أن أجاب أحد السائلين عن استخدام الأئمة لمكبرات الصوت في القراءة من المساجد: «نصيحتي لإخواني المسلمين: أن يسلكوا طريق السلامة، وأن يرحموا إخوانهم المسلمين الذين تشوش عليهم عبادتهم بما يسمعون من الأصوات العالية، حتى لا يدري المصلي ماذا قال، ولا ماذا يقول في الصلاة من دعاء وذكر وقرآن (...). ثم إن سلكوا هذه الطريقة وتركوا رفع الصوت من على المنارات حصل لهم مع الرحمة بإخوانهم امتثال قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يجهر بعضكم على بعض في القرآن». وقوله: «فلا يؤذين بعضكم بعضا، ولا يرفع بعضكم على بعض في القراءة». (مجموع الفتاوى لابن عثيمين). الشيخ صالح بن فوزان الفوزان قال في هذه المسألة: «الجهر يطرد الشيطان، ولكن إذا كان يترتب عليه أذية للناس، إما للنائمين أو المصلين، فإنك لا تجهر.. وهذا ينبهنا إلى ما يفعله كثير من الأئمة الآن في «الميكروفونات»، حيث يرفعون أصواتهم خارج المسجد، ويشوشون على البيوت التي فيها ناس مرضى أو نساء يصلين، أو فيها ناس نائمون ومرضى، فهذا لا يثابون عليه، بل ربما أنهم يأثمون، فلو كان الصوت داخل المسجد بقدر ما يسمع المصلين، كان هذا هو المطلوب، أما خارج المسجد فإن هذا يترتب عليه ما يترتب من الأذى؛ فلا داعي إلى أن الصلاة تذاع خارج المسجد. لا داعي لهذا أبدا، يقولون: من أجل أن الكسالى يأتون ويتنبهون. ونقول: بل هذا يكسل الناس ويحدث العكس، الكسلان يتأخر، فلو أنه لم يسمع القراءة لبادر إلى الصلاة». (حاشية الملخص الفقهي 119/1). وأخيرا، هل بعد هذه الأقوال قول لأحد في مسألة تشويش المايكروفونات، المرتفعة خارج المساجد، على الناس المصلين والنائمين والمرضى في بيوتهم.؟!..