زرت صديقاً لي في احد احياء شمال شرق جدة، وكان ذلك قرب صلاة العشاء وتحديداً موعد اقامة الصلاة فتوجهنا – بعد السلام والتحايا – الى المسجد مباشرة، وفوجئت باننا ندخل "صندقة" اسمها مسجد، اي انه مسجد من الصفيح صغير الحجم. وهذه قضية لوحدها، قضية ان تكون مساجدنا في عدد منها في صنادق وهي داخل المدن الكبرى، مما يجعل المرء يخجل كثيراً من نفسه، ويخجل اكثر لوزارة الشؤون الاسلامية التي اهملت هذا الجانب بشكل لا تخطئه العين، حتى انني اتذكر ان ثمة مسجداً من الصفيح يقع بجانب مقر جريدتنا في حي مشرفة الذي يعتبر في وسط جدة، وقريباً من شارع الصحافة العتيد، هذا الاخير هو مسجد له الآن 15 عاماً بتلك الحال، مقام في طرف حديقة او بالاصح ارض بباب يقال عنها تجاوزاً حديقة، واظن ان القائمين على المسجد قد (نشف ريقهم) حتى سمحت لهم امانة جدة على اقامة تلك الصندقة لتكون مسجداً للسكان في محيط ذلك المكان. وعلى اية حال فان ما تقدم ليس الموضوع الذي اردت الحديث عنه، لكنه كان مدخلاً لما يأتي.. فقد وجدت ان امام ذلك (المسجد/ الصندقة) كغيره من الائمة يدني المايكروفون من فمه، حتى يكاد يلتصق بفيه، ثم اذا اراد ان يركع او يسجد فانه ينعطف بجسمه في حركة واضحة عن المايكروفون حتى لا يصطدم به، ثم يظل طيلة تنقله بين تكبيرات الانتقال في الصلاة يحاذر من الاصطدام بالميكروفون/ مع اصرار على ان يكون فمه متلصقاً به.نحن خلف الامام كنا صفاً ونصف الصف فقط.. يعني حوالى 30 رجلاً بالكثير.. ولو أمّ الصلاة بنا بدون مايكروفون لسمعنا صوته تماماً، وبوضوح كبير، وبالتالي لم يكن هناك لزوم للمايكرفون اصلاً.. نخلص من كل ذلك كنتيجة لتشخيص هذه المسألة.. ان اخواننا الائمة والخطباء لدى عدد منهم ولع شديد بالصوت والمايكرفون فيما المسألة في تقديري اهون من ذلك، كم هي المرات التي تحدثت فيه مع بعض الاخوة الخطباء والائمة وحتى الدعاة الذين يلقون مواعظ بعد الصلاة عبر المايكرفون، فيشوشون على اخوانهم المسبوقين في الصلاة (الذين وصلوا المسجد متأخرين او بعد انقضاء الصلاة) خصوصاً وبعض الدعاة يصبح بأعلى صوته، وفي الميكرفون.. فكيف سيكون فضاء المسجد حينها؟! الذي اتصوره اقرب للصواب لو كان المايكرفون بعيداً عن فم الامام والخطيب بمسافة لا تقل عن ثلاثين سنتيمترا مثلا.. فان ذلك هو الافضل والاصلاح واتذكر انني قد اديت الصلاة قبل سنوات في مسجد ابي داود في حي الثغر بجدة، وكان الصوت هادئاً جداً، فكانت صلاة رائعة حافلة بروحانيات جميلة، واظن ذلك الامام هو الاكثر قدرة على فهم ما يمكن ان يكون صواباً فجزاه الله خيراً. واخيراً نختم بالقول ان من العجيب ان وزارة الشؤون الاسلامية لا تتدخل في كل ما يتم طرحه من ملاحظات مثل هاتين الملاحظتين اللتين أوردناهما هنا.. ولا حتى في غيره.. حتى أنني أكاد اسأل هل هي غائبة؟!.