بعد أن أوقفت محطة MBC هذا العام مسلسل"فنجان الدم"وهي أوقفت بث مسلسل العام الماضي، أوقفت محطة أبو ظبي الفضائية بث مسلسل"سعدون العواجي"، وكلا المسلسلين من الأعمال الدرامية البدوية، ما جعل المحطتين توقفان العملين خوفاً من الفتنة القبلية، وهو الأمر الذي دفع ببعض الاصوات للمطالبة بإيجاد جهة مؤسساتية تعنى بالشأن الثقافي لدرس هذه الاعمال الدرامية قبل تحويلها إلى عمل تلفزيوني. إثارة النعرات القبلية والتحفظ على صحة بعض الأحداث كانا سببين كافيين لتدخل رئيس دولة الإمارات الشيخ خليفة بن زايد لوقف مسلسل"سعدون العواجي"، بعد أيام قليلة من عرضه على شاشة أبو ظبي. وقبل دخول الشهر الكريم، ارتأت مجموعة MBC، وقف عرض مسلسل"فنجان الدم"، للأسباب نفسها. هذان المسلسلان يتعرضان لمرحلة وشخصيات تاريخية، تنتمي إلى قبائل سكنت ولا تزال الجزيرة العربية، غير أن"فوبيا"القبيلة حضرت لتقصي مثل هذه الأعمال، من جداول العرض في شهر الدراما رمضان. حول هذه الحال، قال الناقد الفني فهد الحوشاني، إن ثقافة القبيلة جزء من حياتنا، ويجب أن تُحترم، مؤكداً أن الفن ليس من المفترض أن يخلق الحساسيات والتنافر بين أفراد المجتمع، وإنما يجب أن يكون معززاً للقيم. وبيّن أن مجرد إيجاد عمل درامي"تجاري"يستهدف الإثارة بأي شكل كان، هو هدم للقيمة الاجتماعية. لكن الكاتب محمد السحيمي كان له رأي مخالف، إذ يؤكد أن وقف عرض هذين المسلسلين وغيرهما من الأعمال الدرامية، هو"بمثابة المسكن الذي لا يلبث أن يعيدنا إلى الصفر، ويكرس فينا عنصرية القبيلة بشكل أو بآخر". ويرى السحيمي أن التراث ليس ملكاً لأحد، ويعتبر أن"الفن هو تعبير واضح لما يسكن العقل الباطن"، لذلك فإن"عرض هذه الأعمال أجدى من منعها، ومن حق الطرف الآخر"المعترض"على بعض التفاصيل التاريخية في المسلسل أن يعيد تقديمه درامياً بالطريقة التي يعتقد أنها الصحيحة"المهم ألا نلجأ دوماً إلى المسكنات، لا بد للدم الفاسد أن يخرج". ويؤكد السحيمي، وهو كاتب مطلع على التراث القبلي في الجزيرة العربية، أن فرسان القبائل الأوائل، كتبوا انكساراتهم قبل انتصاراتهم. يقول:"تركي بن حميد كتب قصيدة بكائية في خصمه محمد بن هادي، وهو الذي قتله بيده". يتساءل السحيمي:"أين نحن اليوم من هؤلاء؟". ومن جهته، يعتقد الفنان عبدالإله السناني، ضرورة إيجاد جهة مؤسساتية ثقافية تدرس الأعمال الدرامية التاريخية بشكل جيد، خصوصاً تلك التي تتناول تاريخ وسير الفرسان في الجزيرة، قبل الشروع في تصوير أي مسلسل. ويذهب إلى ضرورة توفير عنصرين في أي عمل درامي، المصادر التي توثق من جهات تعليمية أو أكاديمية، والحبكة الدرامية المتقنة،"من دون هذين العنصرين سيكون المصير الفشل". ويقف الكاتب المسرحي عبدالعزيز إسماعيل، بين مؤيد ومعترض على وقف هذه الأعمال. يقول:"ليس من الإنصاف أن يوقف عرض مسلسل، لمجرد تعرضه لتاريخ قبيلة معينة، وفي الوقت نفسه يتوجب علينا الابتعاد عن أي عرض درامي يحمل الروح العنصرية، ويستهدف تأليب قبيلة على أخرى".