اتهم اقتصاديون سعوديون صندوق النقد الدولي بمحاباة الدول الكبرى الأعضاء على حساب الدول النامية، بعد إعلانه قبل أيام عن إجراءات جديدة متعلقة بالآلية التي سينتهجها في الرقابة على السياسات الاقتصادية في البلدان الأعضاء. وقال الاقتصاديون خلال حديثهم مع"الحياة"، ان القرار الجديد يعد دليلاً جديداً على انتهاج الصندوق سياسات تحقق مصالح الدول الكبرى في الغالب، اذ ان الإجراءات الحديثة التي اقرها للرقابة على السياسات الاقتصادية تخدم بشكل مباشر الولاياتالمتحدة، فهي تدعم الدولار بشكل قوي، وتحاول إخراجه من دائرة الهبوط الحاد. ووفقاً لنشرة صادرة عن صندوق النقد الدولي، فإن هذه الإجراءات تهدف إلى تيسير تنفيذ قرار فارق اعتمده المجلس التنفيذي العام الماضي، وأدى إلى تعزيز رقابة الصندوق على السياسات الاقتصادية في البلدان الأعضاء، عن طريق وضع الاستقرار الخارجي في صميم أنشطة الصندوق الرقابية، وتشجيع المزيد من التركيز والصراحة في عملياته. وأكد الصندوق أن هذه الإضافة ستعمل على رفع فعالية الرقابة، في وقت تسود فيه التوترات المتزايدة الاقتصاد العالمي، مع ارتفاع أسعار السلع العالمية، وتباطؤ النمو العالمي، واستمرار الاختلالات العالمية. وستركز الإجراءات الجديدة على استخدام"المشاورات المخصصة"، التي تعتمد على ثلاث خطوات تشتمل على رفع المدير العام للصندوق توصية للمجلس التنفيذي عقب المناقشات مع البلد العضو، تتضمن المطالبة ببدء جولة مشاورات مخصصة، إذا استشعر قلقاً كبيراً من احتمال ألا يكون البلد العضو مراعياً لواحد أو أكثر من المبادئ الأربعة، أو ان يكون سعر صرف عملته في حال اختلال أساسي. وتركز الخطوة الثانية على أن يناقش المجلس التنفيذي توصية المدير العام، ثم يتخذ قراراً بشأن إجراء جولة مشاورات مخصصة، في حين تنص الخطوة الثالثة، على أن تعقد جولة المشاورات إذا أعطي الضوء الأخضر للقيام بذلك، وتختتم بمناقشة في المجلس التنفيذي، وعادة ما يتوقع استكمال جولة المشاورات في غضون ستة أشهر. وذكر الصندوق في نشرته بالمبادئ الأربعة التي تضمنت أنه على البلد العضو أن يتجنب التأثير في أسعار الصرف أو النظام النقدي الدولي للحيلولة دون إجراء تعديل فعال في ميزان المدفوعات، أو لكسب ميزة تنافسية غير عادلة تميزه عن الأعضاء الآخرين. وأشار إلى أنه ينبغي أن يتدخل البلد العضو في سوق الصرف إذا كان ذلك ضرورياً لمواجهة أوضاع غير منظمة قد تتضمن تحركات مربكة قصيرة الأجل في سعر صرف عملته. ينبغي أن تراعي البلدان في سياسات التدخل المعمول بها مصالح البلدان الأخرى، بما في ذلك البلدان التي تستخدم عملاتها للتدخل في سوق الصرف، وكذلك على البلدان الأعضاء تجنب سياسات أسعار الصرف المخلة بالاستقرار الخارجي. وحول هذه الإجراءات يقول أستاذ الاقتصاد في جامعة الملك عبدالعزيز الدكتور أسامة فيلالي:"الإجراءات الجديدة دليل جديد على محاباة الصندوق للدول الكبرى، وإجحافه بحق الدول النامية، فهي إجراءات تخدم في المقام الأول المصالح الأميركية، وتدعم الدولار بشكل قوي لإخراجه من دائرة الضعف". وأضاف:"أكاد أجزم بأن 90 في المئة من قرارات صندوق النقد الدولي، تتوافق مع الأهداف الأميركية خصوصاً والدول الكبرى عموماً". ويمضي في القول:"الغريب في الأمر أن القرارات التي تخدم الدول النامية لا تطبق بالشكل المطلوب، ولا يسعى الصندوق بكل قوته لإلزام الدول بتفعيلها". من جانبه، يتفق الكاتب والمحلل الاقتصادي الدكتور سالم باعجاجة مع رأي فيلالي، ويؤكد"ان الإجراءات الجديدة تخدم الدول الكبرى وعملاتها، وهي تعد طوق نجاة للدولار الأميركي الضعيف، من خلال إجبار الدول على سياسات متوافقة مع سياسات الدول الكبرى". وقال:"اعتقد أن مثل هذه الإجراءات لن تعود بفائدة مباشرة على الدول النامية، بل هي داعم رئيسي لاقتصادات الدول الكبرى".