على رغم ان زوج صفاء لم يتزوج من أخرى، لكنها تشعر أن لديها"ضرة"، يقضي معها زوجها معظم وقته، فإضافة إلى الساعات الثماني التي يقضيها زوجها في وظيفته، فإنه يقضي مع جهاز الحاسب الآلي والإنترنت نحو ست ساعات، وينام نحو ثماني ساعات، فيتبقى من يومه نحو ساعتين، سيجد خلالهما ما يشغله عن زوجته وأطفاله الثلاثة. ولا تعد صفاء، التي مضى على زواجها نحو عشر سنوات، الوحيدة التي تشعر أن الإنترنت بمثابة"ضرة"أخرى لها، فعدد كبير من الزوجات السعوديات ينظرن إلى هذه التقنية التي دخلت البلاد منذ نحو عقد من الزمان، النظرة ذاتها. وتقول صفاء:"على رغم معرفتي بفوائد شبكة الانترنت ومنفعتها، إلا أنني أشعر بالكره نحوها، بسبب الانطباع السيئ الذي أوجده زوجي في نفسيتي تجاه هذه التقنية". وتصل حدة المشكلات المتكررة بين صفاء وزوجها إلى حد الضرب أحياناً، أثناء نوبات العصبية والغضب، التي تجتاحه ما ان تنتقد بقاءه لساعات مع الإنترنت، وإهماله لشؤون المنزل. وإذا كانت مشكلة صفاء مع شبكة الإنترنت، تتمثل في بقاء زوجها معها لساعات طويلة، فإن لنسرين أسباباً أخرى في معاداة هذه التقنية، التي تعتقد أنها"ستخرب منزلنا". وتقول:"تفاقمت المشكلات بيننا، وأصبح التشكيك الخط العريض لحياتنا، فشبكة الإنترنت كانت البوابة التي دخل منها زوجي إلى عالم العلاقات المحرمة"، مضيفة"كانت بداية الأمر شكوكاً تراودني، لكنني تيقنت لاحقاً من ذلك. وحاولت معه بوسائل شتى أن يتوقف عن هذه العلاقات، وأطلق وعوداً عدة بذلك، لكنه كان يعود لاحقاً إلى البحث عن علاقات جديدة". وصل الأمر بين نسرين وزوجها إلى درجة إنها بادرت إلى قطع اشتراك الإنترنت من المنزل، لكن زوجها لم يتوقف، إذ"كان يذهب إلى أحد مقاهي الانترنت، ما أدى إلى تأزم الأمور بيننا، وتدخل الأهل بيننا، وكان زوجي أمام خيارين لا ثالث لهما، إما أن يختار بيته وطفله الرضيع، أو الإنترنت". بيد انه قرر أن يعود إلى منزله، وأن يقطع علاقته بالانترنت في شكل نهائي. ولا يعد إدمان الإنترنت مقتصراً على الرجال، فكثير من النساء يقعن في"مصيدة النت"كما تسميها ريم الغامدي، التي تعمل حالياً في إحدى شركات الحاسب الآلي. وتقول:"إن المجتمع السعودي محافظ، وهذا ما قد يجبر المرأة السعودية على استغلال هذه الوسيلة بطرق غير صحيحة، فازدادت أعداد الفتيات المدمنات على الإنترنت. ولم نجد حلاً جذرياً للوقاية. فالإدمان على المخدرات له علاج وأطباء اختصاصيون في علاجه. لكن شبكة الانترنت وتأثيرها السلبي ليس له دواء". وعلى رغم ان دور المرأة السعودية يشهد نهوضاً وتنامياً لاستغلال طاقاتها الفكرية، حتى لو كانت في منزلها. ولكن هل لازالت المرأة السعودية محافظة على قيمها؟. تجيب ريم"المجالات أصبحت متعددة، وهنا فرص عمل كبيرة أمام الفتيات، والالتحاق بالوظيفة يقلل من وقت الفراغ، ويسد أبواباً سلبية، تنعكس على المجتمع، ويكون تأثيرها ملموساً". بدورها، تحذر الباحثة في الشؤون الاجتماعية نورة بكتاش، من"مخاطر غير متوقعة للإنترنت". وتقول:"يمكن لأي شخص عبر الانترنت إن يدعي انه فتاة، والعكس، فكثيراً ما تحدث مضايقات ومواقف أثناء الدردشة مع الآخرين عبر الانترنت". أما عن العلاقات التي تتم من خلال الانترنت، فتضيف"كثير من الفتيات يقع ضحية الوهم، وترتكب الفتاة خطأً في حق نفسها، وتقع في الشبهات، إذ ترسل صورة تعرف عن نفسها، من هنا تبدأ المشكلات". وحول موضوع إدمان شبكة الانترنت، تشير بكتاش إلى انها"قد تؤدي إلى اضطرابات إكلينيكية، ومنها التوتر النفسي الحركي، والقلق وتركيز في شكل قهري، وما يرافقه من أحلام وتخيلات". وتستعرض أعراض الإدمان، ومنها"حدوث مشكلات جسمية، أو اجتماعية، أو مهنية، أو نفسية دائمة، كالسهر والأرق والمشكلات الزوجية، وإهمال واجبات العمل ومواعيده، وإهمال حقوق المقربين من الأهل والأصدقاء"، مضيفة أن"إدمان الإنترنت لا يختلف كثيراً عن إدمان المخدرات، فهو يؤدي إلى فقدان علاقات اجتماعية جوهرية، أو إهدار فرص الترقية، وتحسين الوضع الوظيفي، بسبب الانشغال به"، مشيرة إلى أن بعض مدمني الإنترنت"يلجأون إليه كأسلوب هروب من المشكلات، وتخفيف سوء المزاج، الذي يعانيه الشخص، وغالباً ما يعانون أصلاً من الاكتئاب، أو المزاج الدوري، أو القلق، أو انخفاض تقدير الذات".