انتشرت العولمة ومتطلباتها التكنولوجية في العقد الأخير من القرن العشرين والتي تؤثر على المجتمع والتي لم يكن يعرفها بعد او يتعامل معها. فظهر الكمبيوتر الذي تحول الى شريك اساسي للبشرية في العمل والثقافة والترفيه والانترنت وفرض حصارا حول الشباب والشابات والاطفال، بايجابياته وسلبياته التي تضر بمستخدميه صحياً واجتماعياً ونفسيا، وربما بدنيا، فتعددت مشاكله. وقد ارتفعت حالات ادمان استخدام هذا الجهاز العجيب (الكمبيوتر) في مختلف دول الوطن العربي، حيث اكدت الاحصائيات استخدام الكثيرين للجهاز و40% من الشعب العربي يتعامل مع الشبكة العنكبوتية (الانترنت) الذي يأخذ الناس من حياتهم الاعتيادية الى افاق عالمية ومن اكثر المتعاملين مع الكمبيوتر هم فئة الشباب والشابات الذين يعتبرون الكمبيوتر الصديق الوحيد لهم والذي لا يستطيعون الاستغناء عنه مهما كانت الظروف فكل شاب او فتاة يعمل لنفسه اكثر من ايميل يتلقى رسائل الاصدقاء ويستخدمه في الشات، ويصل الى فتحه كل نصف ساعة لمعرفة المرسلين حديثا، والبعض يحول ذلك على جهازه المحمول فكلما يصل له ايميلا جديدا تصله رسالة او اشارة على محموله الخاص ومن هنا تبدأ علاقة الشباب والفتيات بمن حولهم في المنزل وخارجه تقل تدريجيا حتى تصل الى العزلة. مشاكل الكمبيوتر بدأت مشاكل الكمبيوتر خاصة الصحية تزداد مطلع الثمانينات بعد الاعتماد الكامل عليه في كافة مجالات الحياة، هذا ما اكدته احدى الدراسات التي تمت في كل من امريكا، واليابان وألمانيا على مجموعة يتعاملون مع الكمبيوتر بشكل متواصل ولعدة ساعات يوميا والتي اظهرت ان التعامل مع الكمبيوتر يؤدي الى اضعاف البصر وزيادة الارهاق النفسي، وظهور بعض امراض الحساسية، كما يؤثر على انتظام الدورة الدموية ودقات القلب، ولكن التأثير الاوضح يتعرض له الاطفال والناشئون، وذلك كما تقول الدراسة للاسباب التالية: ان اجسامهم ما زالت في طور النضج وهي اشد عرضة للتأثير، اذ انها ما زالت اخذة في النمو والتطور ولان الاطفال ينجذبون نحو التكنولوجيا الجديدة، ويتعلقون بالعاب الكمبيوتر اكثر من الكبار، لذلك ينصح العلماء والاطباء بتحديد وتنظيم فترات التعامل مع الكمبيوتر للانسان هنا باختلاف مراحل عمره، فالاطفال من سن 6-9 اعوام يجب الا يتعاملوا مع الكمبيوتر لاكثر من 30 دقيقة يوميا يتخللها فترة راحة من 15-20 دقيقة. اما الاطفال من 10 -11 سنة فيجب الا يتعاملوا مع الكمبيوتر لاكثر من 45 دقيقة يتخللها 15 دقيقة راحة بعد كل 15 دقيقة عمل، بينما الاطفال 12-13 سنة فيمكنهم الا يتعاملوا مع الكمبيوتر لمدة 60 دقيقة يوميا ولكن مع اخذ راحة حوالى 15 دقيقة او بعد كل 20 دقيقة، والناشئون من 14-15 سنة فيمكنهم التعامل معه لمدة 80 دقيقة يوميا يتخللها راحة 20 دقيقة بعد كل كل 20 دقيقة عمل وتنصح الدراسة الا يتعامل الجميع مع هذا الجهاز لاكثر من ثلاث مرات اسبوعيا على الا تكون في ايام متتالية، كما يفضل قضاء فترات الراحة في الهواء الطلق قدر الامكان مع تحريك الجسم بشكل يكفل تحريك جميع عضلاته. أخطاء شائعة تشير اخصائية طب العيون بالوحدة الصحية الاولى للبنات بجدة د. مها الحكيم حول ذلك.. بلا شك ان امراض الكمبيوتر متعددة ومتنوعة ومنها امراض العيون، فمستخدم الكمبيوتر فترات طويلة قد تصل الى الساعات لاستخدامه والنظر الى شاشته بتركيز شديد مما يؤدي الى ارهاق النظر والعين، وليس ضعف النظر كما هو معروف مسبقا يعتبر خطا شائعا ان نتهم الكمبيوتر بسارق النظر لانه كلما حملت على العين وزاد استخدامك لها قوي النظر ولكن بشروط، وهو ما يشبه مرض كسل العين والذي يتلخص عندما تكون هناك عين ضعيفة واخرى قوية. فالمخ يحمل مجهره على القوية ويترك الضعيفة ومن هنا تزداد ضعفا مما يؤثر على قدرتها بعد ذلك على الرؤية ولو لم يتم علاجها سيفقد النظر وهذا ما يحدث مع الكمبيوتر بالضبط فكلما نستخدمه يقوي نظرنا ولكن بشروط، وهي ضرورة وضع شاشة على الجهاز لحجب الاشعاع الصادر من مختلف الاجهزة كالكمبيوتر والتلفزيون والليزر والذي يسبب اضرار للجلد والعين واستخدام نظارة مخصصة لذلك بها نفس المادة، ايضا استخدام اضاءة مناسبة صحية ومتجانسة مع جو الغرفة بحيث لا يتم تركيزها من جهة واحدة فعندما نفتح جهاز الكمبيوتر يجب ان نفتح النور ليشمل جميع انحاء الحجرة وتكون مرتفعة، الى جانب الجلسة الصحية السليمة امام الجهاز باستقامة الظهر والمتابعة الدائمة مع طبيب العيون مع التقليل من ساعات الجلوس امام الكمبيوتر خاصة الاطفال فيكفيهم ساعة واحدة فقط. وتضيف د. الحكيم بأن استخدام الكمبيوتر بكثرة بالطبع يضعف العين ويرهقهان فيسبب لها مشاكل صحية متمثلة في حساسية العين مع غزارة الدموع واحمرار العين، وايضا الاصابة بالصداع والزغللة. الإشعاعات والعين اما د. محاسن طه اخصائية العيون في معهد الرمد فتوضح: ان السبب في التأثير الضار الذي تحدثه شاشة الكمبيوتر على العين هو الاشعاعات الكهرومغناطيسية والتي تخرج من الشاشة على العين مباشرة ويكون تأثيرها المبدئي على عدسة العين وهو ما يسبب قصر النظر والاستجماتيزم، تداخل الخطوط المرئية وهذا هو التأثير المباشر اما التأثير غير المباشر فقد يكون ابعد من هذا بالضغط على المخ أو احداث خلل في الجهاز العصبي أحياناً أخرى، وان كانت أمراض غير مؤكدة حتى الآن، ولكن في بعض الاحيان بعض الأمراض الخاصة بالمخ والاعصاب ينصح دائماً بابتعاد المريض عن التعامل مع الكمبيوتر مباشرة. عزلة اجتماعية وعن التأثير السلبي للكمبيوتر يقول د. احمد المجدوب استاذ علم الاجتماع: ان الكمبيوتر مثل غيره من الاجهزة ينبغي استخدامه بالمجالات المفيدة دون افراط، فاذا استخدمناه بالصورة السليمة فهو أداة تواصل تدعم العلاقات الاجتماعية ولكن مع الافراط يتحول على العكس الى ادمان ويحتاج الى علاج ضروري. ويضيف د. المجدوب صحيح اننا لا ننكر فضل وايجابيات هذا الجهاز العجيب كونه يسمح الى التواصل بين الاصدقاء والاقارب المسافرين والغائبين بشكل رخيص وسهل، ومن هنا فنحن نتحرك في اطار تواصل اجتماعي محمود وصلة ولكن ما اثبتد الدراسات الاجتماعية الأجنبية عكس ما نتمناه ونطالب به.. حين أكدت بأن الكمبيوتر يدفع الى المزيد من العزلة الاجتماعية وأفقد الجيل الجديد الكثيرب من مهارات الاتصال والتواصل بالناس والتكيف معهم، كما زادت نسبة التفكك الاسري والروابط الاسرية سواء بين الآباء وابنائهم او بين الازواج لدرجة ان كثيرا من الازواج يشكون هذا الجهاز الذي أصبح عزولاً بينهم وتسبب في حدوث الكثير من المشاكل الاجتماعية التي تصل في بعض الاحيان الى الطلاق. ومن هنا نرى بأن ادمان الكمبيوتر خطر يعرقل مسيرة الحياة والعلاقات الطبيعية بين البشر التي تضيف للانسان خبرات وتدعم ثقته بذاته واحساسه بأهميته وتدفع الى التراحم. العزلة النفسية والأمراض يؤثر الكمبيوتر وخاصة الانترنت على الأفراد المتعاملين معه بشكل ايجابي وسلبي كل حسب استعماله فليس تسلية وبحث عن الممنوعات، كما انه ليس استخدامات جادة ومفيدة دائماً. بهذه النداخلة التي بدأها معنا د. حسان المالح استشاري الطب النفسي حول ادمان الشباب على الكمبيوتر وتأثيره النفسي عليهم. فيقول: إن كثيراً ما يدمن الشباب الكمبيوتر فيقضون أوقاتاً طويلة مع الجهاز واهمال القيام بالمسؤوليات التي يجب القيام بها مما أصبح أمراً واقعاً يفرضه التطور والتقنية الحديثة والتي ادت بدورها الى ظهور العزلة النفسية لمستخدميه وعدم تأقلمهم مع الواقع الاجتماعي مما يؤدي في بعض الاحيان للأمراض النفسية كالانطواء وأحياناً الاكتئاب فيرفضون مقابلة الآخرين أو التعامل معهم بجهاز الكمبيوتر. ويضيف د. المالح التعلق بالجهاز يعود الى انه يحقق لهم المتعة الشخصية من خلال التقنية الجذابة كما يشعر الفرد انه يحقق ذاته من خلال الانترنت كما يحاول الفرد المدمن للكمبيوتر الهروب من المشكلات العملية والاجتماعية والتي تسبب له آلام واحباطات نفسية كثيرة الى الانترنت لتغطية تقصيره واهماله في واجباته المتنوعة بحجة انه يقوم بعمل مفيد. الكمبيوتر والخلافات الزوجية ومن أهم المشاكل النفسية الاجتماعية التي يسببها الكمبيوتر هي: الخلافات الزوجية بسبب كثرة استخدام الزوج أو الزوجة للانترنت هرباً من مشكلات الزواج اليومية والكلام مازال على لسان د. المالح يؤدي ذلك الى تفاقم الخلاف وتأثيره على كيان الأسرة وتربية النشء فينشأ الاطفال داخل جو مشحون بالتوتر والقلق بسبب الكمبيوتر، لذلك نؤكد على ضرورة مراجعة النفس والسير في حل هذه المشكلات بدلاً من الهروب منها. أيضاً ترشيد التعامل مع الكمبيوتر بما يناسب الجو العائلي أو العملي والتثقيف وقليل من الاستمتاع حتى نتفادى الكثير من المشاكل النفسية والأسرية. ويوافقه الرأي د. ايهاب نوح أخصائي الأمراض العصبية والنفسية.. مؤكداً على مدى التأثير السلبي للكمبيوتر على الجهاز العصبي للانسان والقلق في الأعوام الأخيرة.. مع أنه سبب مباشر في تراجع الكفاءة البدنية عموماً لانه يدفع الإنسان لمزيد من الجلوس خاصة إذا كانت الجلسة غير صحية.