في الفترة التي سبقت عصر"الإنترنت"لم تكن هناك حضارة كالتي نعيشها في وقتنا الحاضر، وكانت السعادة الحقيقية تملأ قلوبنا! فما السر في كل هذا؟! إنها البساطة... البساطة في كل شيء، بدءاً من الأحلام، ومروراً بالمشاعر ورقيق الأنسام، وامتداداً لمحبة تدوم بين الأنام، وبياض يلون الأيام. عندما نتجول في عالم"الانترنت"فإننا سنجد عالماً آخر يعيشه الصغير والكبير، عالماً كالبحر، خارجه مختلف تماماً عما بداخله، وإن تعمقنا فيه غرقنا من دون أن نصل إلى بر الأمان، حتى اختلف مفهومه ولم نعد نعرف هل أصبح غاية أم وسيلة؟ إن"الانترنت"عالم له مدمنوه، بحسب بعض الدراسات التي تمت في هذا المجال فإن أكثر الناس قابلية للإدمان هم أصحاب حالات الاكتئاب والشخصيات القلقة، كما أن الناس الذين يعانون من الملل أو الوحدة أو التخوف من تكوين علاقات اجتماعية أو الإحساس الزائد بالثقة بالنفس فتكون لديهم قابلية أكبر لإدمان الانترنت، إذ يوفر فرصة لمثل هؤلاء لتكوين علاقات اجتماعية. يقول العلماء: إن الأفراد الذين تكون لديهم قدرة خاصة على التفكير المجرد هم أيضاً عرضة للإدمان بسبب انجذابهم الشديد للإثارة العقلية التي يوفرها لهم الكم الهائل من المعلومات الموجودة على"الإنترنت". مقالي هذا ليس عن الانترنت ولا عن ايجابياته وسلبياته الكثيرة، ولكن سأسلط الضوء على مشكلة قرأتها كثيراً، ومنها شكوى هذه الزوجة:"أنا متزوجة منذ شهرين تقريباً، والمشكلة لدي أن زوجي يجلس أمام الانترنت ساعات طويلة يومياً، وذلك لأنه يقوم مع أصدقائه بدخول لعبة في الانترنت أو البقاء لساعات أخرى في تصفح المواقع المختلفة، علماً بأن بعض أصدقائه متزوجون، فما الحل لأجعله يقلل من ساعات لعبه؟". ما الأسباب التي تجعل الزوج يهمل زوجته وأولاده وينغمس في"الإنترنت"؟ المسببات كثيرة ومتفرعة، قد يكون السبب في الزوجة وإهمالها، وقد يكون السبب في الزوج الذي لا يستطيع أن يوفق بين هوايته وأسرته فتكون المشكلات الأسرية، وقد يسبب انغماس المدمن في استخدام الانترنت، وقضائه أوقاتاً طويلة، في اضطراب حياته الأسرية، إذ يقضي المدمن أوقاتاً أقل مع أسرته، كما يهمل واجباته الأسرية والمنزلية، فاليوم هو عصر الحب من أول مسد كول حب من أول شات وهو حب الشهوة، حب لا يهدأ ولا ينطفئ، ولا يهم فيه الأشكال ولا الألوان المهم هو الإشباع. وبسبب إقامة علاقات غرامية غير شرعية من هذا النوع خلال"الانترنت"تتأثر العلاقات الزوجية، إذ يحس الطرف الآخر بالخيانة، وقد أطلق على مثل هؤلاء الزوجات بأنهن"أرامل الإنترنت"، أو شعورهن بأن الإنترنت هي الزوجة الثانية التي تشاركها زوجها! في عصر قبل"الإنترنت"كان هناك ما يسمي بالحب العذري الذي يظل صاحباه كالعذارى، حب بإطلالة النظرات، وكل منهما يكتب لصاحبه ويبثه أحزانه ومشاعره وشوق أيامه ودفء خواطره. ومن خلال آخر دراسة أعدتها وزارة التخطيط السعودية أن نسبة الطلاق في السعودية ارتفعت في الأعوام السابقة بنسبة 20 في المئة. كان سببها إهمال الأزواج سواء الرجل أو المرأة، وأوضحت الدراسة أنه يتم طلاق 33 امرأة يومياً في السعودية، لتبلغ حالات الطلاق في العام 12192 حالة. إذاً هل يعتبر إدمان"الإنترنت"عند الرجل هروباً أم مرضاً؟ ومن منظور شخصي أرى أن الهروب هو العامل الأساسي، فالرجل عندما لا يجد من زوجته الرعاية والاهتمام من الطبيعي أن يلجأ لغيرها، ويزيد بحثه عن الأسباب التي ستساعده لإيجاد ذاته ورجولته، وإن كان بشكل خاطئ، فطبيعية الإنسان تجبره على السير في الطرق الكثيرة لإشباع رغباته الداخلية، ولن تحمل الزوجة الخطأ كاملاً بل يلام الزوج كذلك لابتعاده عن زوجته، وأسلوب الحوار الزوجي الذي يبني الحياة الزوجية ويزيدها استقراراً. عبير عبدالله العمودي - الرياض