استخدام اسم الدين لترويج أهداف تدميرية متطرفة، يعتبر أسهل طريقة لاستقطاب أكبر عدد من الشباب في الشرق الأوسط، لاسيما أن الوازع الديني هو لغة العصر في هذه المنطقة، بعد فشل العديد من الأفكار السياسية العلمانية، كالقومية العربية والبعثية وغيرها. وضبط ما يصل إلى 520 إرهابياً في السعودية خلال الأشهر الماضية، يشير إلى صراع أيديولوجي يجري في العالم الافتراضي عبر الإنترنت من خلال تقنيات حديثة. فالعولمة وانتشار الإنترنت لم يدعما من يهدف إلى التقدم والمعرفة وبناء حضارة جديدة فحسب، وإنما من يرغب في تدميرها وإلغاء الآخر لمجرد أنه خالفه الرأي. استفاد من يدّعون بأنهم"جهاديون"من الإنترنت والمواقع الجهادية في نشر أفكارهم ومبادئهم الجهادية إلى العالم أجمع بطريقة غير مكلفة لا تستغرق أكثر من ثوان معدودة. ففي الحين الذي وصل فيه عدد المواقع المتطرفة إلى ما يزيد على 5000 موقع، لا يزال عدد المتطرفين نتيجة لهذه الأيديولوجية في اطراد مستمر. العديد من الجماعات المتطرفة أسست لنفسها ما هو أشبه بمنتدى جهادي لا يتمكن من رؤية المواد المنشورة أو النقاشات إلا أعضاء يتم اختيارهم بانتقاء، فأوجدوا لأنفسهم مجتمعهم الخاص، الذي يستقطب الشبان ويحاول تغيير أفكارهم. لم يعد يكفي هؤلاء المجاهدون أن يتناقشوا مع عدد معين من الأعضاء، فأصبحوا اليوم ينشرون أفلامهم الجهادية عبر مواقع متاحة للجميع، ليتمكنوا من التأثير في أكبر عدد من الناس. فما سر هذه الجماعات المتطرفة؟ وكيف هم قادرون على التأثير في أكبر عدد من الناس؟ استطاع هؤلاء الإرهابيون تعيين أعضاء مختصين بأحدث التقنيات، فتمكنوا من صناعة أفلام جهادية تستقطب الشبان. وقد قمت بتقسيم أنواع الأفلام الجهادية إلى الآتي: - أفلام تعرض العمليات الإرهابية التي نفذتها الجماعات المتطرفة، والغرض منها إظهار نجاحهم وغلبتهم على العدو المنشود، ويظهر عدد كبير من هذا النوع من الأفلام في العراق لجماعات متعددة، أهمها دولة العراق الإسلامية، التي تمثل القاعدة في العراق، حتى تكاد وأنت ترى الفيلم الجهادي تعتقد بأن هذه الجماعة المتطرفة تمكنت من التخلص من الأميركيين والسلطات الأمنية العراقية وحصلت على الحكم. لمثل هذه الأفلام أهداف واضحة للتأثير على نفسية المشاهد وإثارة حماسته للذهاب، بعد أن رأى بعينه دليلاً قطعياً على نجاحهم والانضمام ل"الجهاد"وتخويف العدو. هناك العديد من هذه العمليات المكررة، على رغم زعمهم بأن الفيلم لعملية أخرى جديدة. - أفلام تعرض وصية الانتحاريين"الاستشهاديين"قبل أن يفجروا أنفسهم لينتحروا ويقتلوا الآخرين. يظهر الفيلم الجهادي وصية الانتحاري، الذي يتحدث بانتشاء وحماسة، مصمماً على الذهاب لمقابلة الله ولن يشعر بالألم، ثم تظهر هذه الأفلام منظر الرجل، بعد أن مات حتى وإن كان مشوهاً وتصطحب الصورة المرئية آيات قرآنية اختيرت، لتريد من عملية إقناع المشاهد بأنه جهاد واجب لرفعة الإسلام. - هناك أفلام جهادية تهدف من التخويف والترهيب، وتظهر أعضاء الجماعة الإرهابية بعد أن اعتقلوا من يعتبرون ضالين ومنحرفين، فيجبرونهم على الاعتراف بالخطيئة وبالاعتراف بهم كقوة تقيم الحق وتنهي عن الظلم، ثم ينحرونهم على مرأى من الجميع، فتستمع إلى صوت الرجل وهو يشهق والآخر ينحره بتعذيب وتلذذ غير طبيعي. - أفلام جهادية تعلم الإرهابيين كيفية استخدام الأسلحة أو حتى تصنيع المتفجرات. ليصبح كل شخص يرغب في التدمير في أي مكان في العالم قادراً على التعلم عبر الإنترنت ومن دون كلفة تدريبية. - أفلام جهادية تحريضية تظهر أشخاصاً قياديين كأسامة بن لادن وأيمن الظواهري، تظهر هذه الأفلام من فترة لأخرى لتؤلب المسلمين في دولة مختلفة في العالم ضد حكومتها. من آخر هذه الأفلام فيلم ظهر لأبي يحيى الليبي يحرض الناس على الذهاب إلى ما يسميه جهاداً في الصومال مع عرض صور ومعلومات، في محاولة للتأثير في النفوس، ليشعر المشاهد برغبة في الذهاب للمساعدة. تظهر اعترافات بعض المتطرفين الإرهابيين في السعودية أخيراً تأثرهم الشديد بمثل هذه الأفلام، ما أدى بهم إلى الانضمام إلى جماعات تدميرية. ليظهر ذلك الحرب الأيديولوجية التي تقيمها القاعدة وشبيهاتها. إنه صراع مرير لا يقع ضحيته إلا الشبان المتحمسون الذين يذهبون، ظانين أن ما يقومون به هو جهاد سيفضي بهم إلى الجنة. تهدف هذه الجماعات إلى قتل لغة الحوار وتحريم الاعتدال في الدين، مصورة العالم وكأنه سينتهي قريباً وعلى كل شخص أن ينضم إما إلى مخيم الإسلام ليفجر ويقتل الآخرين، أو إلى مخيم الكفر ويشمل غير المسلكين، إضافة إلى المسلمين الباحثين عن التسامح أو التقدم. محزن هو هذا العالم المتخيل، إن كانت هذه هي قناعاتهم، فإنها بالفعل ستفضي إلى الانتحار. لا بد من السعي إلى زيادة التوعية للجيل الجديد المفعم بالحيوية والحماسة الدينية، ومحاولة زرع الاعتدال والسعي في الخير بعيداً عن الغضب وقتل النفس والغير كما نهانا الإسلام، الذي ينظرون إليه من رؤى مختلفة غريبة. [email protected]