أكد تقرير اقتصادي حديث ان السعودية ستبقى شديدة التأثر بتقلّبات الأسعار العالمية للأغذية، ولا بد لها من اتخاذ بعض القرارات الصعبة بشأن قطاعها الزراعي، ونظراً إلى معدل النمو السكاني المرتفع، فإن ضمان الاكتفاء الذاتي الغذائي لم يعد ممكناً لأنّ درجة توافر المياه ستواصل تراجعها طالما بقيت السياسة المائية الحالية قائمة. وبالتالي باتت السياسة الزراعية السعودية بشكلها الحالي، غير قادرة على الاستمرار. وقال التقرير الذي أصدره البنك السعودي البريطاني ساب انه على رغم أنّ الاقتصاد السعودي نجح، بشكل أو بآخر، في تفادي آثار التباطؤ الراهن في الاقتصاد العالمي، إلا أنه لم يتفاد آثار القفزات في الأسعار العالمية للأغذية. ويُعزى تضّخم أسعار السلع الغذائية في المملكة في المقام الأول إلى ضخامة حجم وارداتها الغذائية. مؤكداً ضرورة بذل جهد أكبر لتعزيز قوى السوق في قطاعات مثل: قطاعي اللحوم الحمراء والخضار، خصوصاً على صعيد الإنتاج الوطني. ولفت الى انه من الممكن إدخال التقنيات الجديدة مثل: البيوت الزجاجيّة المتطوّرة، على رغم انها لن تستطيع تلبية حاجات السكان، الذين يتزايدون بوتيرة عالية. مشيراً الى ان المملكة على رغم انها تمتلك اليوم المال الكافي للاستثمار في الزراعة المحلية، إلا أنها ببساطة تفتقر إلى المياه. لذا، يتمثّل الخيار الأمثل بتركيز المملكة على تطوير إنتاج الأغذية المطلوبة بشدّة من سكّانها. ولأنّ دور المملكة الرئيسي هو ضمان أمن الإمدادات العالمية من النفط الخامّ، ينبغي عليها أيضاً أنْ تسعى إلى ضمان مستقبل أمنها الغذائي بواسطة دعم شركائها الاستراتيجيين الرئيسيين. وقال إنّ الأسعار العالمية للمواد الغذائية في ارتفاع مستمر، لذا يتعيّن على المملكة أنْ تُحسّن أسلوبها في تخصيص الدعم الحكومي، فالدعم الحكومي الموجّهة للفقراء يبقى أهم وأجدى بكثير من الدعم الشامل، الذي يستفيد منه الغني والفقير على حدٍّ سواء. وإذا كانت الموارد الرسمية لإدارة الدعم الحكومي الموجّه محدودة حالياً، ينبغي على مشكلة الغذاء المتفاقمة حول العالم أنْ تتحول إلى قوة تغييرية لمثل هذا الواقع. وأوضح ان السعودية تعد أكبر مستورد للمواد الغذائية في الشرق الأوسط. مشيراً الى زيادة واردات المملكة من المواد الغذائية بمعدل 19 في المئة بين عامي 2004 و2007. ويُقدَّر التأثير الذي يمثّله ارتفاع أسعار الأرزّ على مجمل مؤشر غلاء المعيشة بنحو 3 في المئة، ولكن نظراً إلى تدخل الحكومة ودعمها لهذه السلعة، تراجع تأثيرها التضخمي بعض الشيء. أما لحوم الدجاج والماشية، التي نقدِّر تأثيرها في مؤشر غلاء المعيشة بضعف تأثير الأرزّ، فإنها تسهم أكثر بكثير من بقية المنتجات الغذائيّة في مستوى التضخم العام. ولئن ظل تأثير الفواكه والخضار في مؤشر غلاء المعيشة أقل من تأثير اللحوم وأكبر من تأثير الأرزّ. واكد في تقرير له حول ارتفاع اسعار المواد الغذائية ان معالجة قضيّة أمن واردات القمح والأرزّ ونقصها المحتمل وتأثير التضخم السريع تعد مسألة حاسمة بالنسبة إلى عدد من الدول، بما فيها المملكة. فالأرزّ والقمح منتجان غذائيان"أساسيان"لا يمكن الاستغناء عنهما أو استبدالهما بمنتجات أخرى في المدى المنظور، لا سيما بالنسبة إلى ذوي الدخل المحدود. واشار الى ان المملكة ليست الدولة الوحيدة التي تحاول تخفيف عبء الأسعار المتزايدة للسلع الغذائية المستوردة عن شعبها. فقد أعفت الهند أخيراً زيت الطعام والذرة الصفراء من التعريفات الجمركيّة ومنعت تصدير جميع أصناف الأرزّ باستثناء الأرزّ البسمتي ذي القيمة العالية، والذي تعتمد عليه المملكة بشكل كبير. كما أعلنت فيتنام، ثالث أكبر مصدّر للأرزّ في العالم، أنّها ستقلّص صادراتها من الأرزّ بنسبة 11 في المئة في عام 2008. وقال إنّ تضخّم أسعار الأغذية ليس ظاهرة سعودية صرفة. إذ يرجع ارتفاع أسعار المواد الغذائية في المملكة إلى ارتفاع الأسعار العالمية للمنتجات الزراعية. فقد ارتفعت هذه الأسعار بشكل حاد في عامي 2006 و2007. وحتى الآن، قفزت هذه الأسعار بنسبة 30 في المئة في عام 2008. واشار الى ان النمو السكاني العالمي أحد الأسباب الرئيسية للأسعار المتصاعدة إذ يُتوقّع لعدد سكان العالم أنْ يصل، طبقاً إلى بيانات الأمم المتّحدة، إلى حوالى 9.2 بليون نسمة بحلول عام2050، بينما بلغ 6.1 بليون نسمة في عام 2000، لافتاً الى استمرار تزايد عدد سكان المملكة بوتيرة عالية ليصل إلى نحو 53 مليون نسمة بحلول عام2050. كما يرتبط الارتفاع الحالي في مستويات الطلب السعودي على الأغذية أيضاً بالتدفق الكبير للعمالة الوافدة جرّاء تنامي الطلب عليها أخيراً بصورة ملحوظة - كما حدث بالضبط إبّان الطفرة الاقتصادية التي شهدتها المملكة في السبعينيات - وذلك من أجل تنفيذ عدد من المشاريع التنموية في البلاد.