المرأة المعلّقة هي المرأة التي علّقها زوجها فأصبحت مهملة منه، ربما تعيش معه أو تذهب إلى أهلها وهي لا تزال - شرعاً - مرتبطة به برباط الزوجية بعد أن انقطعت كل العلاقات الحميمية العادية بينهما كزوجين، فلا هو طلّقها وفارقها وتركها تمضي في حال سبيلها ولا هو أكرمها وعاشرها بالمعروف... عملاً بحكم الشرع:"فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان". هؤلاء الزوجات تعارفنا - اصطلاحاً - على وصفهن بالمعلقات، لكن التقنيات والعولمة أوجدت لنا نوعاً جديداً من"المعلقات"اللاتي يعشن في مجتمعنا الكبير ويعانين مصيبة"التعليق"والحرمان من حقوق الزوجية فيما يَظهرن أمام الناس في أحسن حالة، وسبب معاناتهن هو أن أزواجهن شبه أدمنوا الجلوس أمام شاشة الانترنت لساعات طويلة صامتين لا يتحدثون مع زوجاتهم، وإذا اضطروا للإجابة على سؤال ما من الزوجة بهدف إخراجه من حالة إدمانه تلك، أجابوا إجابات مقتضبة لا تزيد على عبارات نعم أو لا، لا أدري، أو ما يشبه هذه المفردات التي تدل على الضيق وعدم الرغبة في الكلام، فتلزم المسكينة الصمت ساعات وساعات في انتظار أن يشعرها بقيمة وجودها في حياته! والمعلقات حائرات، ماذا يفعلن مع هذه المصيبة التي لا يدرين إلى أين ستصل بزواجهن ولا يدرين إلى متى يبقين معلقات، أو كالمعلقات مع أزواج انصرفوا بالكلية عنهن وعن أولادهم، وآثروا عليهن وعليهم تلك الشاشة اللعينة؟ في مجلة"معاً"الصادرة عن الجمعية الخيرية في جدة تم تناول هذه المشكلة، إذ أجرت المجلة عدداً من الحوارات مع زوجات يتجرعن العلقم جراء هذه الحياة الانفصالية التي يعشنها بسبب إدمان أزواجهن للشبكة العنكبوتية، خصوصاً في ظل سماعهن لمشكلات دمرت أسراً عدة بسبب خيانات زوجية، مثل حديث عابر مع نساء أخريات يجر إلى تبادل صور وأحاديث مثيرة صارت تنقلها الشبكة العنكبوتية بسرعتها العالية بالتقنيات البرمجية المتقدمة مثل برامج"الفيس بوك"التي قال إحصاء لمستخدميها من السعودية إن عددهم يتجاوز المئتي ألف مستخدم، وان نسبة كبيرة منهم يظهرون على الشبكة بأسمائهم وصورهم الحقيقية، فضلاً عن صور الكثير من الفتيات السعوديات اللاتي أبطلن مفعول الرقابة العائلية، بإغلاق أبواب غرفهن الخاصة عليهن ويظهرن على الشبكة العنكبوتية، فيعبثن بحياة أسر مستقرة تسلية ويخربن كثيراً من البيوت! شخص فاضل ممن أدمن الدخول على الشبكة، تعرف على واحدة عن طريقها، صحيح أنها ليست سيئة لكن تولدت علاقة وتعارف وصلة وتقارب حاد وحب لم يجد له علاجاً إلا الارتباط بها وتم له ذلك بالفعل، ولكن ليس كل علاقة عن طريق الانترنت تنتهي بزواج شرعي سيلحق الضرر بالتأكيد بالزوجة الأولى، بسبب انصراف زوجها المتوقع عنها إلى الزوجة الجديدة التي كانت ثمرة علاقة الإنترنت. ولعلنا نذكر أن محكمة الأحوال الشخصية في مصر سجلت أول حالة خلع لزوجة عانت الأمرين من إدمان ذلك الزوج للشبكة العنكبوتية لساعات طويلة لدرجة أنها دخلت في سلك الزوجات معلقات الانترنت التي يعايشها زوجها ما يزيد على 14 ساعة، ففضلت أن ترد له كل ما قدمه لها من مهر وغيره لتحرر نفسها من جحيم التعليق الذي لا يطاق على حد وصفها! الظاهرة فيما يبدو ليست إقليمية أو محلية، بل أصبحت ذات أبعاد عالمية بدليل أن محكمة شيكاغو في أميركا تسجل تزايد حالات الطلاق والانفصال في الولاية وذلك بسبب إدمان الأزواج للانترنت وانصرافهم عن زوجاتهم حتى وصلت حالات الطلاق بسبب الانترنت إلى 65 في المئة في الولاية. لا شك أن العدد مزعج بالتأكيد، وينذر بمرض وآفة مدمرين للحياة الزوجية في مجتمعنا وأسرنا مع تزايد أعداد النسوة المعلقات بسبب الانترنت، اللائي يعانين المرارة والفراغ، بسبب حياتهن الأسرية مع هذا النوع من الأزواج الذين لم يستطيعوا الموازنة بين هواياتهم وأعمالهم وبين واجباتهم ومسؤولياتهم الزوجية. عضو الجمعية السعودية للإدارة [email protected]