كلنا يعلم أننا نعيش في بلد صحراوي، تندر فيه مصادر المياه، ولا أدل على ذلك من اعتماد الكثير من مناطق السعودية على تحلية مياه البحر، التي وعلى رغم الجهود المبذولة ما زال إنتاجها من المياه المحلاة أقل من الطموحات. وعلى رغم أن المياه مصدر متجدد، بفعل هطول الأمطار، إلا أن التاريخ وشواهده يؤكدان أنها أقل مما يستهلكه المواطنون والمقيمون بكثير. مع كل ما سلف وغيره، مازالت أمانات المدن الكبرى والبلديات الفرعية تصر على غرس الأشجار في الشوارع، وبالتالي تحمل تكاليف مادية لا طائل من ورائها. أنا غير مقتنع بتشجير الشوارع، حتى لو كانت الأشجار المغروسة من النوعية الصحراوية غير المكلفة مائياً، ففي نهاية الأمر هناك ماء يستنزف في السقيا في وقت تنقطع المياه خلاله عن أحياء سكنية، خصوصاً في أوقات الصيف الحارة. إن العمل على تشجير الشوارع بحجة جمالية المنظر العام لا تبرر بحال استنزاف المصدر المائي الشحيح في البلد، ويمكن الاستغناء عن الأشجار والاعتماد على بناء صبات أسمنتية وتجميلها بشعارات وأدعية للتذكير. إن البيئة الصحراوية التي نعيشها تفرض علينا التعامل معها لا تجاهلها، وهذا ما فعلته الجهات الحكومية ذات العلاقة ممثلة في وزارة الزراعة التي أقرت قبل فترة تقنين زراعة القمح ثم بعد سنوات قليلة إيقاف زراعته، إيماناً من المسؤولين بندرة المياه... فلماذا تستمر جهات حكومية أخرى في تجاهل هذا الواقع؟ الأمر نفسه ينسحب على المنشآت الحكومية والخاصة ومنازل الأفراد، فالملاحظ أن الحدائق تشغل مساحات كثيرة من هذه المباني، ولذا فإن البلدية مطالبة بالتعامل مع هذا الواقع، إما بالإزالة أو بإيجاد تعرفة أخرى تخصص لمن يوجد في منزله أو منشأته حدائق أو أشجار. الأمر لا يحتمل التأجيل، ولا أظن الأمر غائباً عن المسؤولين في وزارات الزراعة والشؤون البلدية والقروية والمياه، ونأمل منهم حلاً عاجلاً يحفظ لنا هذا المصدر الحياتي المهم. قال تعالى في محكم التنزيل:"وجعلنا من الماء كل شيء حي". ناصر القحطاني - الرياض