شهدت السعودية أخيراً عديداً من دعاوى الأخطاء الطبية كان أبرزها الدعوى التي أقامتها سيدة باكستانية، جاءت إلى المملكة مع زوجها بقصد العمل، نتيجة خطأ طبي وقع من أخصائي جراحة أثناء إجراء عملية استئصال المرارة، أدى إلى وفاة الزوج. وعلى رغم ما يتصور أن هذا النوع من العمليات سهل ويتم إجراؤه كل يوم إلا أن النزيف الشديد الذي حدث أثناء إجراء العملية وعدم قدرة الطبيب على السيطرة عليه تسبب في وفاة المريض. وأدانت الهيئة الصحية الشرعية المختصة بالنظر في قضايا المستشفيات والمستوصفات الخاصة في العاصمة الرياض طبيب الجراحة بناء على قرار اللجنة الطبية المحققة في القضية. وحكمت الهيئة الشرعية بإلزام الطبيب بدفع دية ال"قتل خطأ"لورثة المريض مقدارها 100 ألف ريال سعودي، وعشرة آلاف ريال للحق العام ومصاريف الدعوى. ودفعت شركة التأمين قيمة الدية بموجب وثيقة التأمين ضد أخطاء المهن الطبية التي يملكها الطبيب، وترى السيدة أن هذا المبلغ عوض مناسب عن فقد زوجها وإعانة لها في القيام بمسؤوليتها نحو تربية أبنائها. وفي الرياض أيضاً أدخل أحد المواطنين السعوديين إبنه إلى المدينة الطبية لإجراء عملية من أجل إصلاح فتق ليتسبب خطأ طبي أثناء عملية التخدير بوقوع مشكلات في التنفس ونقص أكسجة نتج عنها أذية عصبية، وأكدت تحقيقات اللجنة الطبية أن هذا الخطأ يقع ضمن مسؤولية إستشاري التخدير وحكمت الهيئة الشرعية الصحية بأن يدفع الطبيب المدعى عليه مبلغ 137 ألف ريال مقابل الأرش والمنافع التي فقدها الطفل. وتحملت شركة التأمين دفع مبلغ التعويض بالكامل الذي طالب به والد الطفل. وفي جدة لم تكتمل فرحة أحد المواطنين بقدوم مولوده بعد أن أدى تؤخر التدخل الطبي المكثف من الطبيب المشرف على ولادة زوجته وعدم وضعه في جهاز التنفس الصناعي عقب الولادة مباشرة إلى تعرض الطفل لمشكلات صحية أثرت على كثير من الوظائف الحيوية للطفل. وإزاء ما أقرته اللجنة الطبية التي حققت في الواقعة بناء على شكوى المواطن، قررت الهيئة الصحية الشرعية في منطقة مكةالمكرمة - جدة إدانة الطبيب ودفع مبلغ 300 ألف ريال للحق الخاص ومبلغ عشرة الآف ريال للحق العام. وفي هذا السياق، كانت وزارة الصحة رفعت مشروعاً للمقام السامي لإصدار مرسوم ملكي يقضي بفرض التأمين ضد أخطاء المهن الطبية بشكل إلزامي على الأطباء وأطباء الأسنان العاملين في المملكة العربية السعودية بعد أن تحولت هذه الأخطاء إلى ظاهرة سلبية خلال السنوات الأخيرة. وصدر بالفعل نظام الممارسة الصحية بموجل المرسوم الملكي رقم م/59 وتاريخ 11/4/1426ه الموافق 20/5/2005 ولائحته التنفيذية الصادرة بتاريخ 4/5/1427ه والذي أقر في مادته رقم 41 بأن يكون الاشتراك في التأمين التعاوني ضد الأخطاء الطبية المهنية إلزامياً على جميع الأطباء وأطباء الأسنان العاملين في جميع المؤسسات الصحية العامة والخاصة ويمكن أن يشمل هذا التأمين التعاوني الإلزامي فئات أخرى من الممارسين الصحيين وذلك بقرار من مجلس الوزراء بناء على اقتراح من وزير الصحة. وتتوقع مصادر في سوق التأمين أن يسهم هذا القرار في تخفيف الضغط على الأطباء لممارسة أعمالهم في جو من الثقة والاطمئنان مما يساعد في الوقت نفسه على إيجاد آلية للتعويض المالي للمتضررين من الأخطاء الطبية في حال وقوعها لا قدر الله، وسط مخاوف من زيادة الأخطاء الطبية نتيجة الضغط المتزايد على عمل الأطباء في ظل إرتفاع الطلب على خدمات الرعاية الصحية في المستشفيات والمراكز الطبية الخاصة على خلفية التوسع في تطبيق نظام الضمان الصحي التعاوني على المقيمين.