إلى مقام خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين.. ما أعظم وأكرم الوفاء في نفسكم الكريمة، فلقد تجاوزتم به وتجاوز بكم حدوده إلى أنبل الصور والتوقعات والمقاييس. أقول ذلك كما قال والدي ? رحمه الله ? بالأمس وردده واعتز وخفق قلبه به. أنزلتموه حياً مكانة شرف بها طوال حياته، حملته إلى عالم واسع تعامل معه بلا غربة أو وحشة، فأطلق معانيه وذخائره ومفاهيمه الكريمة بكم. واليوم تمنحونه ما أنتم أهل له، حين تتفضلون بتكريمه ومنحه وشاح الملك عبدالعزيز لتقولوا له: يا عبدالعزيز علو في الحياة وفي الممات اعترافاً مني بهزيمتي نحو التعبير بكريم فضلكم، فإني أناجي مخطوطاً كتبه ? رحمه الله ? قبل سنوات بعنوان:"أحلم وبماذا أحلم؟! الأيام تجيب.."ضمّنه شيئاً من ذكراه معكم، حفظكم الله، وأقتبس منه ما يأتي: "إني أنا في ما أكتبه الآن في هذا الكتاب. ما هو إلا من مكارم أخلاقكم وطهارة نفسكم، علمتني هذه النفس الكريمة أشياء كثيرة وجدت نفسي أسيراً لها. أردد على مسامعها وفاءً وولاءً وإخلاصاً قول أبي الطيب. خلقت ألوفاً لو رجعت إلى الصبا لفارقت شيبي موجع القلب باكيا كيف لا يكون ذلك؟ وكيف لا أكون في عزلة عن لغة التاريخ، والمؤرخ؟ وأستجدي من ذاكرتي كل ما حفظته من أفعالك الكريمة، لا أملك أمامها إلا أن أخضع للاعتراف بالجميل والوفاء له، بكل أحاسيسي ونبضات قلبي، فأكثر من 40 سنة هي خدمتي معك، كلما راجعتها وجدولتها تضاعفت وتجددت ملابسها هذه المكارم عندكم. لهذا لم تَخلق ثيابي التي ألبستني إياها، أغنيتني بهذه الملابس عن أن أقول كما قال ذلك الرجل لسيده الذي لا يملك ما تملكه أنت، من مكارم أخلاق وفضائل، فراح يقول: فيا ملبس النُعمى التي جل قدرها لقد أخلقت تلك الثياب فجدّدِ ما قلتها ولن أقولها فقد أضفيتها حتى تسربلت على مداركي وعلى نفسي إلى يومي هذا، وهي ملابس لم تكن ضيقة الصدر خانقة للنفس، لأنها من نسيج معدنك التاريخي الكريم، معدن آبائك وأجدادك". أرجو ألا تروا هذه الكلمة، كلمة شكر أرهقها عظيمُ الفضل والوفاء من مقامكم الكريم. لأنها حتماً ستكون عاجزة متعثرة مرتبكة. إنها ليست كذلك فقط. بل هي كلمة اعتراف بالجميل أحملها عن نفسي وجميع أفراد أسرتي، فأرجو ألا أكون خذلت مشاعرهم ومحبتهم وإجلالهم لكم. وقد حملتني شكراً طويلاً ثقيلاً لا أطيق به حراكاً