لفت انتباهي خبر أوردته الصحف يوم 10 - 2 - 2008 فحواه أن الجندي الأميركي في العراق"بيتر نيلسي"أوصى قبل موته أن يُنقل كلبان ضالان كان يرعاهما في العراق إلى أميركا، وبالفعل نقلتهما شقيقته"كاري"، وهما تحت رعايتها الآن... وتطالعنا الصحف كل صباح عن آخر أخبار الكلاب، ونرى صورها مع مشاهير العالم، فالرئيس الأميركي السابق كلينتون كان يطبع قبلته الأولى على فم كلبه قبل أن يقبل زوجته، عندما كان ينزل من طائرته المروحية، بل إن كلبه"بودي"ينام معه في سريره خلال غياب هيلاري عنه! وقضية كلاب الرؤساء قضية قديمة، فهناك تشريع قائم منذ 100 عام يُحتم على كل رئيس للولايات المتحدة أن يحتفظ بكلب يستعرض به أمام الجمهور، حتى أن أي مرشح للرئاسة لا يدع فرصة للظهور مع كلبه إلا ويغتنمها، ليكسب دعم جمعيات الرفق بالحيوان، بل وتسمى كلبة الرئيس"كلبة الأمة الأولى"، وللرئيس هاري ترومان كلمة مشهورة قال فيها:"إذا كنت تبحث عن صديق في واشنطن فاشترِ لك كلباً"، وأصبح عدد مقتني الكلاب في أميركا وحدها 68 مليون شخص. وبمقارنة بسيطة بين ما تحظى به الكلاب في الدول المتقدمة، وبين الإنسان الذي جعله حظه العاثر من رعايا إحدى الدول النامية، لتحسرنا على أنفسنا كثيراً، فالكلاب عندهم لها سكن خاص تنام فيه، وإذا خُشي عليها من البرد تنام في أسرة أصحابها، بل إن هناك شركات في الولاياتالمتحدة الأميركية كشركة"بستلي فونتشر"تخصص تصاميمها للكلاب فقط، السرير والأريكة ولون القماش الذي يناسب لون الكلب، وهناك فنادق خصيصاً للكلاب بمسابحها وصالونات حلاقتها... حتى أن بعض الدول العربية أخذت تهتم بكلاب السائحين القادمين من الغرب، إذ تم افتتاح منتجع خاص بالكلاب في مدينة دبي سمي"بت لاند"، وتشمل تسهيلات هذا المنتجع مناطق مكيفة الهواء، وإشراف بيطري على مدار الساعة، ووجبات طعام بناءً على رغبة النزلاء، ويستخدم المياه المعدنية المعبأة في زجاجات خاصة للكلاب، ونوادي ساونا خاصة لتنظيف الكلاب ومعالجتها من الطفيليات، وأوردت صحيفة"موسكو فسكيكو"أن تشذيب شعر كلب زوجة الرئيس بوتين يكلف كل شهر 300 يورو! وللكلاب في الغرب طعامها الخاص في أي سوبر ماركت تدخله، من شرائح اللحم الطرية والنقانق إلى الجبن والقشدة، ففي فيينا ? مثلاً ? هناك ركن خاص للكلاب في كل سوبر ماركت، يجد فيه المتسوق كل ما يحتاج إليه كلبه، حتى أقراص الكومبيوتر CD الخاصة بالموسيقى التي تساعد الكلب على الاسترخاء، وزيت واقٍ لضربات الشمس، وفي طوكيو يباع جهاز يثبت في عنق الكلب، مهمته ترجمة نباحه إلى 200 تعبير بطريقة الأشعة تحت الحمراء، يصف فيها مزاج الكلب وحالاته من فرح وغضب واستياء! وتقوم شركة"دكتور برو"بتقديم أشهى أنواع الآيس كريم الخاص بالكلاب في أطباق مزينة بأجمل التصميمات... وفي اليابان تم بيع أكثر من مليون هاتف نقال خاص بالكلاب للأشخاص الذين يرغبون في سماع أصوات كلابهم كلما اشتاقوا إليها خلال يوم العمل، كما أن شرطة مدينة"دوسلدورف"في ألمانيا، التي يوجد فيها أكثر من 5 ملايين كلب، زودت كلابها المدربة بالأحذية، وبررت ذلك أن الكلاب تصاب بجروح في براثنها أثناء التظاهرات والتجمعات الكبيرة كالمباريات بسبب الزجاج المهشم في الطرقات، وقد تم تأسيس مصنع لأحذية الكلاب من الجلد الطبيعي، الذي يتحمل حرارة الإسفلت وبرودته. وللكلاب عيادتها الطبية المتخصصة، بما فيها طب الأسنان، وفي كلية"ميزون الفورت"الفرنسية يتخرج كل عام عدد لا بأس به من جراحي عيون الكلاب، وعيادات الطب النفسي التي أسست في باريس للكلاب التي تترمل وتحس بالوحدة والاكتئاب بعد غياب أصحابها، كما أنه تجري حالياً في مدينة يوركشير البريطانية عمليات تجميل للكلاب من شفط دهون وتضييق المعدة، إلى تعديل الأنوف لتكون بمظهر أجمل، وفي مدينة"كيبود"شمال بريطانيا يوجد نادي إعادة تأهيل الكلاب لنقص بعض الكيلوغرامات من وزنها من خلال بساط آلي متحرك وجاكوزي وخلافه. وفي أميركا تعالج"عيادة الدكتور روغر مغفورد"البيطرية الحالات النفسية للكلاب فقط، على اعتبار أن أمراضهم ليست عضوية، مثل الحساسية والانطواء، والانهيار العصبي، بل وحالات قيام بعض الكلاب بحركات للفت أنظار أصحابها، ما يدل على أنها حركات مصطنعة، وفي طوكيو لدى صالة الألعاب الخاصة بالكلاب"أل بيرو"برامج تأهيل وتدريب للكلاب التي لا يمكنها التريض بسبب مشكلات في المفاصل، يشمل المشي على جهاز تحت الماء، والسباحة، والجلوس في حوض للاسترخاء، والاستحمام بالشامبو، والتجفيف بالهواء الساخن. وفي مستشفى"ايبسوتيش"في إنكلترا قسم خاص لعلاج مرض السرطان لدى الكلاب، وقسم خاص للعلاج بالأعشاب الطبيعية. ومستشفى VITA يقوم بعمل فحوصات وتحاليل مخبرية للكلاب، بل ويجري عملية القلب المفتوح. وهناك محال خاصة لبيع أفضل الملابس والمجلات للكلاب، ولها برامجها التلفزيونية، فإذاعة الپBBC أطلقت قناة تلفزيونية موجهة خصيصاً للكلاب، اسمها"الحيوانات الأليفة"، ولها نواديها الترفيهية الخاصة بما فيها المسابح والمسابقات الرياضية والكؤوس. ففي مدينة"كان"الفرنسية فاز الكلب"هاري"عن دوره في فيلم"كهف الكلب الأصفر"بجائزة"سعفة الكلب الذهبية". كما أن لها أرقامها القياسية التي تسجل في موسوعة غينيس للأرقام القياسية. وفي مدينة فيينا هناك صالة عرض سينمائية يومية تسمى"أدميرال"خصيصاً للكلاب، يقدم فيها لها"الفوشار"والمياه المعدنية. أوردت"وكالة رويترز"للأنباء أنه جرت هذا العام حفلة زواج جماعي للكلاب بمناسبة يوم عيد الحب"فالنتين"! وأوردت صحيفة"نيوز"النمساوية أنه تم تأسيس حزب للكلاب أطلق عليه اسم"حزب الكلاب النمساوي"، وتم تسجيل برنامجه السنوي لدى السلطات بعد انتخاب المحامي"رودلف ماير"رئيساً له، ولهذا الحزب شعارات انتخابية، منها إجازة قيادة سيارة لكل كلب يزن 10 كلغ فما فوق، وشريحة إلكترونية تلصق بجسمه خشية ضياعه أو سرقته، بل وإنشاء خط ساخن DOG HOT LINE بالمجان يستطيع أي شخص الاتصال به حال رؤيته كلباً ما يتعرض للاضطهاد، فيأخذ الكلب من صاحبه بالقوة ويوضع في ملجأ الأيتام، ومن ضمن شعارات الحزب معارضة مشاركة الكلاب لرجال البوليس في عمليات المداهمة التي يقومون بها ضد المجرمين والعصابات خشية على حياتها، ومعارضتهم كذلك تدريب الكلاب البوليسية على حاسة شم المخدرات، خشية أن تصبح الكلاب نفسها مدمنة. * باحث إسلامي.