أنقذ"عفو مشروط"محكوماً عليه بالقصاص قبل دقائق من نزول السيف على رقبته، إذ عفت أسرة القتيل رائد الدرويش، عن قاتله أحمد البحراني، في ساحة القصاص في تاروت محافظة القطيف صباح أمس، بعد ان فشلت كل المحاولات لإقناع أصحاب الدم بالعفو عن القاتل، وهو ابن خالة القتيل، كما ان شقيق الأخير متزوج من أخت الأول. وتوصلت عائلتا البحراني والدرويش إلى"عفو مشروط"، ساهم في إسقاط حكم القصاص، الذي تأجل تنفيذه غير مرة، على أمل إقناع أسرة القتيل بالتنازل. ونجحت المساعي التي بذلها أهل الخير، وعلى رأسهم الشيخ محمد المشيقري، الذي يرتبط بصلة قرابة مع طرفي القضية، في إقناع أهل القتيل بالتنازل الفوري في ساحة القصاص، خصوصاً ان القضية"لا تحتمل التأخير إطلاقاً"، بحسب المشيقري. ووافقت أسرة الدرويش على التنازل، بشرط"تأمين مبلغ نصف مليون ريال، واستمرار سجن القاتل لثلاث سنوات مقبلة، إضافة إلى قطعة أرض سيتم تأمينها من جانب أهل القاتل، و40 ألف ريال من أحد المحسنين، ومئة ألف ريال عبارة عن تبرع نقدي من جمعية القطيف الخيرية، من طريق رئيسها عباس الشماسي". وكانت المحكمة الكبرى في القطيف، صادقت على الحكم الصادر على البحراني، الذي أقدم قبل نحو أربع سنوات، على قتل ابن خالته رائد الدرويش، طعناً بسكين أردته قتيلاً، في حي الدخل المحدود في تاروت، بسبب مشكلة حدثت بين أخت القاتل وزوجها راجي، وهو شقيق المجني عليه، فاستعانت بأخيها، الذي تجادل مع زوجها، وتطور الأمر إلى شجار بينهما، بعد ان تدخل القتيل في هذا العراك، لينتهي بسقوطه قتيلاً. ونجحت لجنة المناصحة في وقت سابق، في إقناع أهل القتيل بالتنازل عن تنفيذ الحكم، وأبرم اتفاق بين الطرفين، يتضمن دفع دية مقدارها ستة ملايين ريال، بحيث يستلم أهل القتيل نصفها عاجلاً، والنصف الآخر بعد فترة وجيزة، وإلا سيعتبر الاتفاق لاغياً. ولم ينجح أهل القاتل في تدبيرها، حتى حل موعد القصاص صباح أمس، إلا ان التحركات التي قام بها المشيقري، نجحت في إقناع والد القتيل بالتنازل عن الحكم، من خلال ما توصل إليه من الشروط. وقال المشيقري ل"الحياة":"عرفت بموعد تنفيذ القصاص قبل ثلاثة أيام، وحاولنا بكل الوسائل إقناع أهل القتيل بالتنازل، من خلال تخفيض مبلغ الدية المطلوب، إلا ان جميع المساعي باءت بالفشل، حتى مساء أول من أمس، إذ ظهرت بوادر إيجابية من جانب أهل القتيل، إذ اشترط والده دفع مبلغ مليوني ريال، تسلم يدوياً في ساحة القصاص، وأخبرناه أن الأمر صعب للغاية، كون الفترة قصيرة جداً يوماً واحداً"، مضيفاً"لم يقتنع الأب بكلامنا، فعدنا خائبين، في انتظار تنفيذ الحكم، إلا أنني تلقيت اتصالاً آخر صباح أمس من معنيين بالأمر، وقبل موعد القصاص، فذهبت إلى الساحة، وكان الأمر مهيئاً لتنفيذ القصاص، بيد أنني أقنعت والد القتيل بالتنازل قربة إلى الله تعالى، ومن أجل جمع شمل الأسرة من جديد، وشرحت له أنه سيجازى بحسنات مضاعفة في الدنيا والآخرة، وبالفعل تجاوب الأب معنا، بعد ان قدم هذه الشروط". وناشد أصحاب الأيدي البيضاء ب"مد يد العون لأسرة القتيل بتوفير هذا المبلغ، الذي يعد بسيطاً". من جهته، أوضح شقيق القاتل فتحي البحراني، ان"شقيقي كان يعلم بموعد قصاصه، ولم نكن نعلم بتفاصيل النوايا الخيّرة التي حدثت في ساحة القصاص، إلا عندما رأينا المساعي تبذل من أهل الخير، ما أسهم في إسقاط الحكم"، مشيراً إلى ان الشروط السابقة كانت"صعبة جداً، وخيّم حزن شديد على أسرتي، إذ شعرنا بأننا سنفقد أحمد إلا ان رحمة الله ثم جهود أهل الخير، نجحت في ثني والد القتيل عن قراره". واعتبرت والدة القتيل أنه"مهما كانت شروطنا فلن تعوضنا عن فلذة كبديّ"، مشيرة إلى وجود"ملابسات في القضية لم يتم إيضاحها في شكل صحيح".