يعد التكامل الاقتصادي بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية أحد الأهداف الرئيسية، التي نص عليها النظام الأساسي لمجلس التعاون. وجاءت السوق الخليجية المشتركة التي أعلن قادة دول مجلس التعاون في الدورة ال28 للمجلس الأعلى، التي عقدت في العاصمة القطرية الدوحة في كانون الأول ديسمبر 2007 قيامها، وصدر إعلان الدوحة بهذا الشأن، لتعلن بداية عهد جديد من التكامل الاقتصادي بين دول مجلس التعاون، يقوم على مبدأ المساواة في المعاملة بين مواطني دول المجلس في جميع المجالات الاقتصادية. وتأتي السوق الخليجية المشتركة خطوة رئيسية في مسيرة هذا التكامل، بعد إنجاز منطقة التجارة الحرة، ثم الاتحاد الجمركي الذي تم الإعلان عن قيامه في الدوحة في كانون الثاني يناير 2003، إضافة إلى تبني العشرات من القوانين الموحدة والسياسات الاقتصادية المشتركة، مثل قوانين الجمارك ومكافحة الإغراق وسياسات التنمية الشاملة والتنمية الصناعية والزراعية والتجارية. وكان قادة دول المجلس أقروا مبدأ السوق الخليجية المشتركة في قمة مسقط 2001، كما أقر المجلس الأعلى في قمة الدوحة 2002، البرنامج الزمني لقيام السوق الخليجية المشتركة، ونص على استكمال متطلباتها قبل نهاية 2007. وتكمن أهمية السوق الخليجية المشتركة في أنها تركّز على المواطنة الخليجية في المجال الاقتصادي، وتقوم على مبدأ مهم وهو أن يتمتع مواطنو دول المجلس الطبيعيون والاعتباريون، مثل الشركات والمؤسسات الخليجية بالمعاملة الوطنية في أي دولة من الدول الأعضاء، وتتوافر لهم جميع المزايا التي تمنح للمواطنين في جميع المجالات الاقتصادية. وتشمل السوق الخليجية المشتركة عشرة مسارات حددها الاتفاق الاقتصادي وهي: التنقل والإقامة والعمل في القطاعات الحكومية والأهلية، والتأمين الاجتماعي والتقاعد وممارسة المهن والحرف، ومزاولة جميع الأنشطة الاقتصادية والاستثمارية والخدمية، وتملك العقار وتنقل رؤوس الأموال والمعاملة الضريبية، وتداول وشراء الأسهم وتأسيس الشركات والاستفادة من الخدمات التعليمية والصحية والاجتماعية. وتطبيقاً لمبدأ المساواة في المعاملة في هذه المسارات، فإن ممارسة المهن الحرة والحرف وممارسة الأنشطة الاقتصادية والاستثمارية والخدمية، أصبحت مفتوحة أمام مواطني دول المجلس على قدم المساواة. وحققت دول مجلس التعاون الخليجي العديد من الانجازات في مختلف المجالات الاقتصادية والتجارية والنقدية خلال مسيرة العمل الخليجي المشترك الممتدة منذ نحو 28 عاماً. واستعرض تقرير للأمانة العامة للمجلس بمناسبة قرب انعقاد القمة الخليجية المرتقبة في العاصمة العمانية مسقط نهاية الشهر الجاري، ابرز الانجازات التي تحققت على صعيد التعاون المالي والاقتصادي، وبينها الاتحاد الجمركي والسوق الخليجية المشتركة والاتحاد النقدي. ففي مجال المواطنة الخليجية والسعي لاستكمال السوق الخليجية المشتركة، تناول التقرير ابرز الانجازات التي تمت في هذا الجانب، ومنها إقرار تطبيق المساواة التامة في المعاملة بين مواطني دول المجلس في ممارسة المهن والحرف والأنشطة الاقتصادية والاستثمارية والخدمية، عدا ما نص عليه في قائمة الأنشطة الاقتصادية المقصور ممارستها مرحلياً على مواطني الدولة نفسها. أما في مجال التعاون النقدي، فقد استكملت اللجان المعنية مسودة اتفاق الاتحاد النقدي والنظام الأساسي للمجلس النقدي، وتعمل على استكمال المتطلبات الفنية الأخرى، وذلك تمهيداً لقيام الاتحاد النقدي لدول المجلس وإصدار العملة الموحدة. كما تعمل اللجنة الفنية لنظم المدفوعات على درس استراتيجية لربط نظم المدفوعات في دول المجلس بعد أن تم تعزيز وتطوير الشبكة الخليجية لربط شبكات الصرف الآلي في دول المجلس والاتفاق على اعتماد معايير مشتركة للبطاقات الذكية في دول المجلس. وفي ما يتعلق بالاتحاد الجمركي الخليجي، أشار التقرير إلى إقرار عدد من الخطوات منها السماح للبضائع الوطنية المنتجة في دول المجلس بالتنقل بكامل حريتها بين الدول الأعضاء بعد قيام الاتحاد الجمركي بموجب الفواتير المحلية الخاصة بها والبيان الجمركي الموحد للأغراض الجمركية والإحصائية، إضافة إلى خطوات أخرى مهمة. وشملت الانجازات في مجال التجارة والصناعة السماح لمواطني الدول الأعضاء بمزاولة تجارة التجزئة وتجارة الجملة في أية دولة عضو ومساواتهم بمواطني الدولة وتملك أسهم الشركات المساهمة بالدول الأعضاء وتطبيق المساواة التامة في المعاملة بين مواطني دول المجلس في مجال تملك وتداول الأسهم وتأسيس الشركات وإزالة القيود التي قد تمنع ذلك. وفي آذار مارس 1995 أعلن عن إقامة مركز التحكيم التجاري لدول المجلس في البحرين ومن ثم في عام 1998 إنشاء هيئة المحاسبة والمراجعة، كما تم إنشاء هيئة التقييس الخليجية ومقرها الرياض وأعقب ذلك في كانون الأول ديسمبر 2005 إعلان السياسة التجارية الموحدة للتعامل مع الخارج. وخطت دول مجلس التعاون خطوات كبيرة في مجال التعاون والتنسيق الصناعي حيث أقرت في قمة مسقط 1985 الاستراتيجية الموحدة للتنمية الصناعية، وفي أبوظبي اقر السماح للمستثمرين من مواطني دول المجلس بالحصول على قروض من بنوك وصناديق التنمية الصناعية بالدول الأعضاء ومساواتهم بالمستثمر الوطني من حيث الأهلية. وفي القمة الخليجية التي عقدت في الكويت 2003 اقر القانون النظام الموحد لمكافحة الإغراق والتدابير التعويضية والوقائية لدول المجلس كقانون إلزامي اعتبار من الأول من عام 2004 وهو العام الذي شهد في قمة الرياض اعتماد قانون نظام التنظيم الصناعي الموحد لدول مجلس التعاون كقانون نظام إلزامي. وأبرز التقرير أهم الخطوات التي تحققت في مجال السوق الخليجية المشتركة الذي صدر إعلان قيامه في قمة الدوحة اعتباراً من الأول من كانون الثاني يناير 2008 وتم تصميم موقع خاص بالسوق على شبكة الانترنت واختيار ضباط اتصال للسوق الخليجية المشتركة من جميع الدول الأعضاء والأمانة العامة.