يفاخر أهالي منطقة الجوف شمال السعودية بأن أراضيهم هي الموطن الوحيد في العالم لزراعة النخيل والزيتون معاً. ويعتقدون بأن أرضهم مباركة وكريمة، إذ اختصها الله بأن تكون أرض الحرمين الشريفين ومهبط الرسالة المحمدية، وأخرجت بعد ذلك "الذهب الأسود"، وأنبتت ورعت شجرتي النخيل والزيتون. حتى قبل نحو 30 عاماً لم تكن "الجوف" تعرف زراعة الزيتون، وحين أحضرها الزارعون الأوائل من الأردن كان يُتوقع لها الفشل في "التأقلم" مع البيئة الصحراوية. أما الآن فإن المنطقة تقيم مهرجانها الثاني للزيتون، لتسويق إنتاج 13 مليون شجرة زيتون تُزرع في أكثر من 12 ألف مزرعة في المنطقة، وتُنتج نحو 50 ألف طن من زيت الزيتون. وما لا يعرفه الذين توقعوا فشل زراعته أن تاريخ زراعة الزيتون في الجوف يعود إلى ملايين السنين، وهذا ما أكدته الدراسات الأثرية التي أشارت إلى وجود أشجار متحجرة من الزيتون في أماكن عدة في منطقة الجوف. ولا يعرف كثيرون أن زيت الزيتون ينتج في منطقة الجوف بكميات تجارية، بل يُصدّر إلى بلاد اشتهرت بإنتاجه مثل إسبانيا. وأكد المدير العام لشركة الجوف للتنمية الزراعية الدكتور عبدالعزيز الشعيبي ل "الحياة" أن الزيتون لا يزرع في السعودية إلا في المنطقة الشمالية، لخصوبة تربتها ووفرة المياه العذبة فيها، إضافة إلى كون مناخها شبيهاً بمناخ حوض البحر المتوسط، الذي يساعد في نمو أشجار الزيتون. واعتبر أن جودة زيت الزيتون الذي تنتجه مزارع الجوف تفوق مثيلاتها في دول عدة اشتهرت بإنتاجه، "بسبب استخدام التقنية العالية في عصر الزيتون، وتنقيته من الشوائب والإضافات، إضافة إلى أنه خالٍ تماماً من الأسمدة المركبة والهورمونات". ولفت إلى أن زيت الزيتون المنتج في مزرعة مشروع الجوف يصدر إلى دول اشتهرت بإنتاج زيت الزيتون مثل اسبانيا، "لأن الزيت السعودي عضوي ونقي بنسبة 100 في المئة وخال من الإضافات". وأضاف: "تثمر شجرة الزيتون بعد خمسة أعوام وتنتج بكميات تجارية بعد 8 أعوام، وتعمر لنحو 200 عام". وعدد الشعيبي الفوائد الصحية لزيت الزيتون بقوله انها تشمل "تنظيم عمل القولون، وهو مفيد لعسر الهضم، ويساعد في التركيز، ويفتت الحصى، ومفيد لمرضى السكري، وفيه علاج للروماتيزم، كما يسهم في خفض ضغط الدم، ويقلل معدل الكوليسترول الضار في الدم، ويحد من نمو البكتيريا المسببة لقرحة المعدة، ويستخدم أيضاً في معالجة الجلد والشعر". وعزا انخفاض سعر زيت الزيتون المستورد قياساً بالسعودي في الأسواق، إلى أن الأول يكون منتجاً من عَصْرَة ثانية وثالثة للزيتون، بعكس الثاني الذي ينتج من عَصْرَة واحدة. وذكر أمين أمانة منطقة الجوف رئيس اللجنة المنظمة لمهرجان الزيتون الثاني المهندس محمد الناصر أن الهدف الأساسي للمهرجان - بحسب توجيهات أمير منطقة الجوف الأمير فهد بن بدر بن عبدالعزيز - تمكين صغار المزارعين في المنطقة من بيع إنتاجهم من الزيتون. وكشف الناصر عن إطلاق "مدينة الزيتون" في سكاكا، وتوقع أن تكون "عامل جذب للمستثمرين الراغبين في الاستثمار في مجال الزيتون ومشتقاته".