يفاخر أهالي منطقة الجوف بأن أراضيهم هي الموطن الوحيد في العالم لزراعة النخيل والزيتون معاً. وحتى قبل نحو 30 عاماً لم تكن «الجوف» تعرف زراعة الزيتون، وحين أحضرها الزارعون الأوائل من الأردن كان يُتوقع لها الفشل في «التأقلم» مع البيئة الصحراوية. أما الآن فإن المنطقة تقيم مهرجاناً سنوياً لتسويق إنتاج 13 مليون شجرة زيتون تُزرع في أكثر من 12 ألف مزرعة في المنطقة، وتُنتج نحو 50 ألف طن من زيت الزيتون. وما لا يعرفه الذين توقعوا فشل زراعته أن تاريخ زراعة الزيتون في الجوف يعود إلى ملايين السنين، وهذا ما أكدته الدراسات الأثرية التي أشارت إلى وجود أشجار متحجرة من الزيتون في أماكن عدة في منطقة الجوف. واستطاع مزارعو الجوف نقل الطبيعة «الحوض متوسطية» إلى قلب الصحراء، بل ومنافسة منتجات دول البحر المتوسط، إذ لا يعرف كثيرون أن زيت الزيتون ينتج في منطقة الجوف بكميات تجارية، بل يُصدّر إلى بلاد اشتهرت بإنتاجه مثل إسبانيا. وذكر أمين أمانة منطقة الجوف رئيس اللجنة المنظمة لمهرجان الزيتون المهندس محمد الناصر أن الهدف الأساسي للمهرجان تمكين صغار المزارعين في المنطقة من بيع إنتاجهم من الزيتون. وطالب الناصر القطاع الخاص بدعم تسويق منتجات الزيتون داخل المملكة وخارجها، مشيراً إلى أن المنطقة تضم 13 مليون شجرة زيتون، تنتج أكثر من 70 ألف طن من الزيتون سنوياً و50 ألف طن زيت، وقال إن المهرجان حقق نتائج اقتصادية وإعلامية كبيرة. وأكد ل «الحياة» أنه يدعم إقامة المهرجان في محافظات المنطقة، بشرط مبادرة الأهالي واستعدادهم للتعاون مع جهود الأمانة في هذا الشأن، مشيراً إلى اعتماد إنشاء مدينة للزيتون حظيت بدعم من جهات حكومية عدة، وأضاف: «بدأ التقديم على تشغيل المصانع في المدينة، ومن المتوقع تشغيلها بعد عامين». وشدد على أهمية وجود المدينة، نظراً إلى كمية الإنتاج الكبيرة، مشيراً إلى أن الإنتاج والتوسع في مجال زراعة الزيتون مستمران في مدن ومحافظات المنطقة كافة. وأضاف أن منطقة الجوف تعتبر حالياً منطقة جذب عالٍ لزراعات حوض البحر الأبيض المتوسط، اذ أدى التوسع في زراعة الزيتون إلى قيام 8 معاصر متخصصة في إنتاج زيت الزيتون الطبيعي التي بدأت قبل 3 أشهر، إضافة إلى ست معاصر صغيرة خاصة تم استيرادها من ايطاليا، ووصلت للمنطقة وتركب في المزارع الخاصة، وهي مبادرة من البنك السعودي للتسليف والادخار. من جانبه، أوضح الخبير الزراعي الدكتور عبدالعزيز الشعيبي ل «الحياة» أن الزيتون لا يزرع في السعودية إلا في المنطقة الشمالية، لخصوبة تربتها ووفرة المياه العذبة فيها، إضافة إلى كون مناخها شبيهاً بمناخ حوض البحر المتوسط، الذي يساعد في نمو أشجار الزيتون. واعتبر أن جودة زيت الزيتون الذي تنتجه مزارع الجوف تفوق مثيلاتها في دول عدة اشتهرت بإنتاجه، «بسبب استخدام التقنية العالية في عصر الزيتون، وتنقيته من الشوائب والإضافات، إضافة إلى أنه خالٍ تماماً من الأسمدة المركبة والهورمونات». ولفت إلى أن زيت الزيتون المنتج في مزرعة مشروع الجوف يصدر إلى دول اشتهرت بإنتاج زيت الزيتون مثل اسبانيا، «لأن الزيت السعودي عضوي ونقي بنسبة 100 في المئة وخال من الإضافات». وأضاف: «تثمر شجرة الزيتون بعد خمسة أعوام وتنتج بكميات تجارية بعد 8 أعوام، وتعمر لنحو 200 عام». وعدد الشعيبي الفوائد الصحية لزيت الزيتون بقوله انها تشمل «تنظيم عمل القولون، وهو مفيد لعسر الهضم، ويساعد في التركيز، ويفتت الحصى، ومفيد لمرضى السكري، وفيه علاج للروماتيزم، كما يسهم في خفض ضغط الدم، ويقلل معدل الكوليسترول الضار في الدم، ويحد من نمو البكتيريا المسببة لقرحة المعدة، ويستخدم أيضاً في معالجة الجلد والشعر». وعزا انخفاض سعر زيت الزيتون المستورد قياساً بالسعودي في الأسواق، إلى أن الأول يكون منتجاً من عَصْرَة ثانية وثالثة للزيتون، بعكس الثاني الذي ينتج من عَصْرَة واحدة. يذكر أن زيت الجوف يعد من أجود زيوت العالم، إذ حل في المرتبة السادسة عالمياً في مسابقة (Biofach 2008) الألمانية، التي شهدتها مدينة نورمبيرج العام الماضي 2008. وتوجد في منطقة الجوف أنواع متعددة من الزيتون، منها بيكوال وصوراني وقيسي والنيبالي والسوري البلدي ونصوصي ومترانللو، ومنها ما هو ثنائي الغرض، ومنها ما يستخدم لاستخراج الزيت منه فقط.