كم هي تلك اللحظات المثيرة... وكم هي تلك المواقف النبيلة... وكم هي تلك الساعات العصيبة... وكم هي تلك المآثر العجيبة... وكم وكم من لقطات وحوارات وتنبؤات سبقت ذلك السجال الحميم، والتحدي المثير للوصول للبيت الكبير... نعم إنه البيت الذي منه تنطلق القرارات والإيماءات واللاءات لتصوغ عالماً ترتضيه تلك القرارات. فكم كنت تنتظر هذه اللحظات... وكم كنت ترتجي هذا المقام، فحق لك ذلك، وحق لك أولئك الذين انتظروا لحظة إعلان البيان، من كل أرجاء الولايات، والتي احتشد بها كل محب ومود ومن بعدهم أولئك الذين تسمروا أمام الشاشات لساعات طوال، وسهروا الليل، وواصلوا النهار من جميع الأقطار، وهم ينشدون وينتظرون، عسى ولعل الفرج قريب، ويهتفون أوباما، وهم لا يعرفونه، يرددون اسمه ويصرخون، ويئنون ويصفقون، وهم برجاء أوباما... دمعت العيون، واشرأبت النفوس، وعلى أقدامهم واقفون، وبصوت واحد"أوباما"يرددون، في مشهد تاريخي لم يُرَ لرئيس من قبل، وفي توجهات وتطلعات لم تسجلها الكلمات قبل هذا الحدث، أجبرت النفوس، كي تتابع هذا الحدث التاريخي، وهذا التحول الزمني، لتسطره على منابر من أمل، وانفراج، وسلام، وعقلانية، وهدوء، ولهم أمل في عصر جديد ونمط حديث، وحوار صريح، تعانقه العقلانية والمنطق، لا السلاح ولا العويل. ولم يكن كل هذا لأوباما لذاته فقط، ولكن لما ينتظر من منهج القيم والمبادئ، ومن تحول من حروب وسلاح إلى أمن وسلام، ومن تعب وعناء إلى راحة واطمئنان. كل أولئك، سواء داخل الولاياتالمتحدة أو خارجها... يأملون في لغة المنطق، والوفاء، وفي التزام المبادئ والقيم والاحترام، كي يكون البيت الأبيض مناسباً لاسمه، لا تلطخه الدماء، ولا تدنسه الآفات. لذلك كان كل هؤلاء، رجاؤهم، وأملهم من رب الأرباب أولاً ثم من عقلانية تدير هذا المكان، الذي منه وبه تتحقق الآمال، وتنعم الدول بالاستقرار والأمان، في الغذاء، وفي المقام، فهل كان لهم ذلك يا أوباما؟! وأنت من قلت"مكانة أميركا في قيمها ومبادئها، وليس في حروبها وسلاحها"نرجو ذلك، ولك منا الدعاء بأن تكون ذلك الإنسان الذي ابتهجت له قلوب الملايين، وصفقت له أكف الرضع، واليتامى، والأرامل، والمساكين، ودمعت له عيون الثكالى، والمسنين... والمحبين. فإلى عصر القيم والمبادئ والحقوق... إلى وجه جديد يضيء نجوم العلم الأميركي، ليبقى مرفرفاً على قمم الحرية، والإنسانية، والسلام، والإباء، والإخاء. وليكن أوباما رمزاً يسجله التاريخ... عطاءً... أممياً وعقلانياً... فلتكن قائداً إلى السلام أيها الرئيس القادم برهان الآمال... لا عائقاً لمسيرة السلام. عبدالكريم بن محمد صقر - الرياض