قضية معلماتنا الوطنيات ظلت منذ أكثر من عقدين كاملين تراوح مكانها، ولن تجد لها حلاً جذرياً، لا أقول هنا إن على كل معلمة أن تضمن لها مكاناً بالمدرسة التي تقع بجوار منزلها، ولكن على الأقل أطالب بألا تحتاج أن تصل تلك المعلمة إلى مدرستها بواسطة وسائل المواصلات المختلفة، أو أن تهجر أسرتها ومدينتها لتعمل في إحدى القرى والهجر، لأنه كما يعلم الجميع فإن وضع الفتاة يختلف عن وضع الرجل، فالرجل يمكنه أن يعمل خارج مدينته، أما الفتاة فيصعب عليها ذلك، ولنتذكر جميعاً عشرات المعلمات اللائي لقين حتفهن نتيجة حوادث الطرق وهن في طريقهن إلى أعمالهن. إن المتأمل لعمل المرأة في بلادنا يجد انه مقصور على ناحيتين اثنتين فقط، هما الصحة والتعليم، إذ إن هذين المجالين هما ما يناسب المرأة في بلادنا، مع وجود قلة من الأعمال والمهام التي تقوم بها المرأة في مجالات أخرى، مثل الشركات والمؤسسات، في الوقت الذي تضخ فيه جامعاتنا وكلياتنا آلاف الخريجات سنوياً، ولا يجدن مجالاً للعمل سوى في قطاعي التعليم أو الصحة، وذلك بسبب العادات والتقاليد، إذ ترفض كثير من الأسر عمل بناتهن في القطاع الصحي، لاعتقادهن انه مجال للاختلاط ولا يتناسب مع عادات وتقاليد مجتمعنا! لكن مع الأسف نجد أن الفتاة السعودية، والتي تحلم بالعثور على وظيفة في قطاع التعليم، تعاني من منافسة بعض الوافدات في هذا القطاع، على رغم قبولها بالراتب الضئيل. إن بعض إدارات التعليم للبنات في المدن الرئيسة تعتذر عن عدم إمكانها تعيين الفتاة السعودية المتخرجة حديثاً في المدينة، بحجة أنه لا توجد شواغر فيها، وتضعها بين خيارين، إما العمل خارج المدينة في إحدى القرى أو الهجر، أو أن تجلس في البيت لتقضي بقية عمرها عاطلة عن العمل، فتضطر للعمل في القرى والهجر، ولتتجشم الصعاب في الوصول إلى مدرستها، بينما نجد كثيراً من المدارس، خصوصاً الأهلية، مكدسة بالوافدات من معلمات وإداريات، وكان الأولى تعيين تلك المعلمة السعودية في تلك المدرسة. إن خدمة الوطن في كل المواقع واجب على جميع أبنائه"ذكوراً وإناثاً"حتى ولو في الصحراء القاحلة، ولكن من الضروري أن يراعي المسؤولون ظروف وطبيعة الأنثى، ولا يحملهن كثيراً من المصاعب. ماهر بن عبدالصمد بندقجي - جدة [email protected]