يأبى القلم أن يكتب، وتوقف الفكر معه حائراً، ماذا عسانا أن نجعل القلم يكتب، فخسارة أديب كبير بحجم وعطاء ووفاء وإخلاص أديبنا ومفكرنا وكاتبنا الكبير عبدالله جفري - يرحمه الله ? سيصيب كثيرين بالحزن، كونه كاتباً يحمل قضايا وهموم وصوت المواطن ويتفاعل معها، كان خبر وفاته مفاجأة لي، كوني في الاجازات أكون بعيداً عن قراءة الصحف إلا ما ندر في بعض الأوقات، لكن رسالة عزاء وصلتني من الأخ الأديب فيصل طميحي، أحد مثقفي منطقة جازان، جعلتني أعلم بهذا الخبر الذي هو قضاء الله وقدره وطريقنا جميعاً. إن كان أبو وجدي رحل بجسده لجوار ربه، فإنه سيظل معنا فكراً وأدباً وتراثاً نقرأه ونتعلم منه ونستمد منه بعض الأفكار والتجارب، هو من فرسان الكلمة النادرين، الذين تجد الإبداع والإمتاع في كل ما تسطره أنامله، سواء كان أدباً أو نثراً أو قصة أو مقالات، فهو فعلاً ممتع في كل ما يتفوه به. إن خسارتنا بفقده ليست محلية، بل على مستوى العالم العربي، كانت قضية المواطن وساماً ووشاحاً تقلده أحب النواحي الانسانية وهموم ومشكلات الناس فجعلها نصب عينيه وكل شيء يحمل قضية وهم المواطن، كان يتكلم كلما سمع أو وصلته آهة من مواطن يشكو مشكلة، إذ يجعلها قضية ويطرحها عبر مقالاته، بل ويسعى لمتابعتها لدى الجهات المعنية، فهو من نصراء الانسانية، رومانسيته كانت في كل كتاباته، لكنه كان يؤمن بإخفائها، لكن من يفهم معاني الانسانية يدركها حتى وان كانت رمزاً، إذ كان يحرص على أن يرمز في كل كتاباته الرومانسية العاطفية. كما لا أنسى دوره الكبير في نشر الثقافة والأدب السعودي خارج حدودنا الاقليمية لتصل لكل محبي الابداع والامتاع، كان عاشقاً للصحافة، ولعل ابداعاته بدأت واستمرت مع صحيفة"البلاد"، وذكرياته التي نشرتها"المجلة العربية"في سلسلة توثيقاً جميلاً لسيرة رجل عاش محبوباً ومات محبوباً من الجميع، لدماثة خلقه وصدقه في ما يكتب، ووقفته مع المواطنين بشرائحهم كافة وإيصال مشكلاتهم. لن تنساه الصحافة السعودية التي كتب بها"البلاد - المدينة - عكاظ - الجزيرة والرياض"، كذلك"الحياة - الشرق الأوسط"، والكثير من المجلات. ولعل تكريمه من منظمة"الايسكو"كان شيئاً يسيراً في حقه. لقد كسبت"عكاظ"الآلاف من القراء الذين كانوا يتابعون زاويته"ظلال"، كما أنه نال جوائز كثيرة، منها جائزة الابداع العربي التي تزينت به. لا أعتقد أني لو استرسلت في الكتابة فسأعطي الراحل الكبير عبدالله جفري حقه كإنسان، همه الانسان، أو ككاتب أو أديب أو مثقف، لكني أتذكر ما قاله صوت الأغنية السعودية الحقيقي، الراحل الكبير طلال مداح - يرحمه الله - عندما قال:"الجفري من المثقفين القلائل الذين ينافسونا كفنانين بإبداعهم وحبهم للناس". رحمك الله أبا وجدي... عزائي لأبنائك وبناتك، ولكل أقربائك ومحبيك وأنا أولهم... تغمدك الله بواسع رحمته. [email protected]