نشرت صحيفة"الحياة"للباحث عبدالرحمن الخطيب ثلاث مقالات عن التعدد، تحت مسمى"الحل الأمثل للعنوسة... التعدد"، وهو حل يشبه حل الملكة ماري أنطوانيت التي اقترحت تقديم البسكويت للمتظاهرين الذين يسألون عن الخبز أثناء الثورة الفرنسية. فهو لا يقدم حلولاً حقيقية لمشكلة الشباب في العالم الإسلامي غير القادرين على الزواج في هذا العصر، نتيجة البطالة والفقر وقلة المساكن وكلفة الزواج الباهظة. وكثيرون ناقشوا هذه المشكلة، خصوصاً في السعودية، وطالبوا بحلول للبطالة والإسكان وإنشاء صناديق لمساعدة الشباب على الزواج وحفلات الزواج الجماعية، والمطالبة بتقليل أهل الفتيات لمطالبهم الباهظة. إن الباحث الخطيب قدم العصا السحرية وهو التعدد للقادرين الذين لا يبلغون"1 في المئة"من العالم الإسلامي الفقير، أو 5 في المئة من دول الخليج الغنية، وبالطبع فإن معظمهم من كبار السن وليذهب الشباب إلى الجحيم، هو يبدأ بإحصاء مغلوط بأن النساء 65 في المئة من تعداد السكان وأتحداه ان يثبته، ففي معظم الدول تبلغ النسبة 49 في المئة من النساء، و51 في المئة للرجال، وهي تبلغ 70 في المئة للرجال في دول الخليج العربي، والحقيقة ان وجهة نظر الباحث لم تكن تُعنى بالعنوسة ولا بحلها بل هي منشور ذكوري يطالب بالتعدد، انظر إلى قوله"إن المتزوج من واحدة يكون اقرب إلى ارتكاب الفاحشة من زوج الاثنين وهكذا فزوج الأربعة لن يفكر مطلقاً في ارتكاب الفواحش"، وكأن الرجال ليس لديهم أي موانع دينية أو أخلاقية أو اجتماعية أو حتى قانونية تمنعهم من ارتكاب الفاحشة، بل وصل به الأمر بوجود أولاد من علاقات محرمة ليتقدموا للزواج من ابنة مرتكب الفاحشة، وكأننا أمام فيلم هندي رديء! البشر في نظره هم الرجال فقط، أما النساء فهم أما متسولات أو عاقرات أو مطلقات ومريضات وأصحاب عاهات ويأتيهن الحيض لمدة أسبوعين؟ وتنقطع الدورة في سن الخمسين والرجل ما زال يحتاج إلى أطفال، وأريد أن أسأله ماذا تفعل زوجة الرجل العجوز أو المريض أو المعوق أو الضعيف جنسياً، هل تتقي الله في رجلها أم ترتكب الفاحشة،"أم أن الفاحشة مقصورة على الرجال"، ربع الزوجة أم ثلث الزوجة، أم الزوجة الواحدة لرجل يعاملها بالحسنى ويشاركها فقره وغناه ومرضها ومرضه؟ وماذا تفعل الزوجة التي لا يعدل زوجها في الجماع والذي استثناه كحق للرجل فقط في منطق العدل بين الزوجات. وفي المقال الثاني يؤكد الباحث ان التعدد هو الأصل والفطرة، ويضرب أمثلة بأنبياء وصحابة، وهم رجال استثنائيون في التاريخ، كان القرب منهم شرفاً لا يملكه رجال هذا الزمان، والتعدد فطرة زمنهم، ومنهم الملك سليمان عليه السلام. وفي هذا العصر حُرِم الرق، ولا تُهدى النساء من ملوك إلى آخرين، ولا يعرض الرجل ابنته على أصحابه ليتزوجها، بل يعرضها على أولاد أصحابه، وزواج الكهل من فتاة في عمر ابنته تجلب له السخرية، إذ يعلم الجميع انه غير قادر على إرضائها. كما أن فطرة هذا الزمان، إذ المرأة تنافس الرجل على الرئاسة الأميركية، ومستشارة المانيا، وأصبحت المرأة جزءاً أساسياً من قوة العمل في العالم المتقدم، تتقدم في التعليم على الرجال، أن يتزوج الشاب بعد الانتهاء من تعليمه من شابة مقاربة له في العمر والحال الاجتماعية والحال التعليمية، وقد تكون موظفة هي الأخرى يتمتعان بشبابهما سوياً، ويصبح المهم هو تربية أولادهما وتعليمهم حتى إيصالهم لبر الأمان، وتصبح العلاقة الجنسية مجرد حلوى في مسيرة الزواج، وليس عندما يفتح الله على احدهم بالرزق فيسرع بالزواج من أخرى، فلن تسامحه زوجته الأولى ولا أولاده منها. وواضح ان الباحث لا يعرف نساء هذا العصر، فالرجل يتزوج في العادة من وسطه الاجتماعي ولا تقبل ان يأتي لها بزوجات أخريات تقوم بخدمتهن، لأنها ستكون الأصغر والأجمل بل ستحيل حياته إلى جحيم أو تطلب الطلاق، وأين لرجال هذا الزمان الذين يعملون ثماني ساعات يومياً أو أكثر من مشكلات أربع زوجات وأولاده منهن؟ وماذا سيفعل امام الغيرة النسائية ومن يراقب عدد كبير من الأولاد في عصر تكثر فيه المخدرات والموبقات؟ هل يترك الرجل عمله ومشكلات الغلاء وانشطته وهواياته ليتفرغ لزوجاته الأربع أو لأولاده منهن، أم سيعين جيشاً من السائقين والخدم لمراقبتهم. الرجال يعيشون في رعب دائم من ضعفهم مع تقدم العمر، ويعانون من ارتفاع ضغط الدم وأمراض أخرى تؤدي إلى الضعف الجنسي، وهي السن التي قد يفكر فيها الرجل في التعدد لوصوله إلى مستوى مادي مريح، ولكن العاقل من يعرف انه لن يستطيع مجاراة شابة في مقتبل العمر لفترة طويلة يتجه فيها إلى العجز وتتجه هي إلى النضج. وكذلك في الجزءين الثاني والثالث يهاجم الباحث فقهاء العالم الإسلامي الذين لا يتبنون تفسيره لآية التعدد، وأقول له تواضع أيها الباحث فأنت لا تملك الحقيقة. [email protected]