تصاعدت حدة حالات الشغب الجماهيري أخيراً في ملاعب الكرة السعودية، التي لم تكن تشهد هذا الارتفاع في الحالات كماً وكيفاً، وكانت مباراة الاتفاق والنصر في مستهل منافسات دوري المحترفين السعودي بهيئته ومسماه الجديد أولى الحالات في العهد الجديد، واستمراراً لما شهدته الملاعب في الأعوام القليلة الماضية. وتبادل المعنيون بالشأن الرياضي سلسلة من الاتهامات، فرؤساء الأندية وإداريوها يرون أن الصحافة الرياضية وميولها وما تتناوله من أحداث بطريقة غير حيادية هي السبب الرئيسي في ما آلت أليه أحداث الشغب، فيما ترى الجماهير الرياضية أن أخطاء الحكام هي الشرارة الأولى، فيما يرى مراقبون أن تصريحات مسيري الأندية هي المسبب في تأليب المدرجات وإشعال مشاعر الغضب الجماهيري. "الحياة"تفتح ملف الشغب الجماهيري في ظل الاتهامات المتبادلة من كل طرف تجاه الآخر، فإلى آراء المراقبين والمتابعين: أرجع نائب رئيس لجنة الاحتراف وشؤون اللاعبين عضو الاتحاد السعودي لكرة القدم أحداث الشغب الجماهيري التي تقع في الملاعب السعودية بين الفينة والأخرى إلى الضغوطات التي تعايشها الأندية من خلال الشحن الذي تتسبب فيه المطالبات المتواصلة بتحقيق المنجزات، وقال:"جماهيرنا ومع الأسف تعيش ضغوطات كبيرة وغير مبررة، وذلك بسبب مطالبة اللاعبين بتحقيق جميع الإنجازات والبطولات من دون مراعاة، لأن هناك عدداً من البطولات المقامة والفرصة متاحة للجميع ليحققوا منجزات وألقاب وهذا ما يجعلني أقول بأن الحلول الوقتية ليست واردة في ظل وجود هذه المعضلة بقدر أهمية نشر الوعي بين تلك الجماهير من الجميع ليتفهموا أن البطولات متعددة والبطل سيكون واحد والمسؤولون عن ذلك هم إدارات الأندية والمراكز التعليمية مثل وزارة التربية التعليم وأولياء الأمور والمربين ليبينوا أن الرياضة مكسب وخسارة وكما أنك تفوز اليوم وتفرح بذلك فمن الممكن أن تخسر غداً ويكسب غيرك والمشكلة العويصة أن صغار السن وغير الواعين ولا يفرقون بين التشجيع الحضاري وخلافه هم الذين يقفون خلف بعض ممارسات الشغب وانتشارها وهذا ما يدعوني إلى التركيز على تلك الفئة لتثقيفهم وزيادة تعليمهم وأن هناك أنظمة وقوانين تُعمل بها تحدّ من تلك الممارسات المسيئة للرياضة خصوصاً أن لدينا مشاهد شريف يرغب أن يشاهد اللقاء في الملعب ولا يرغب بأن يكون خلف الشاشة لأنه يرى بأن المتعة تكمن في أرضية الملعب، ولكنه يصطدم بمثل تلك الأعمال التي تكدر عليه وعلى استمتاعه والمشكلة أن أعمال الشغب قليل ما نراها في المسابقات والبطولات العالمية وهذا قصور لدينا في تثقيف المشجع الرياضي وهو من أهم مسؤوليات الإعلام بمختلف فئاتها من صحف وقنوات وخلافها وألا تكون معول هدم وإثارة للشغب لأن الإعلام شريك في كل شيء والجماهير تتأثر كثيراً بما تشاهده وتسمعه وتقرأه". وأكد عيد أن من أهم أسباب معالجة تلك المشكلة هي أن يضع المشجع نصب عينيه التمتع بعطاء الفريقين وليس فريقه فقط وقال:"التشجيع لا يعني أن الجماهير لا تستمع بالعطاء فهناك من الجماهير من تحضر اللقاء أو تشاهده خلف الشاشة لكي تستمتع باللعب فحتى لا تخسر كل شيء حاول الاستمتاع بالأداء الفني وهو أفضل من أي يخسر النتيجة والاستمتاع لأن الرياضة تضل في المقام الأول متعة في المشاهدة والتعصب هو أهم أسباب الشغب الحاصل ولا يمكن أن يجتمعا تعصب أعمى ومتعة في المشاهدة". واعتبر أحمد عيد روابط المشجعين في الأندية من أهم أسباب الشغب وإثارته:"مع الأسف روابط المشجعين في الأندية تخلط بين التشجيع والطرب فهي روابط تؤدي أهازيج موجهة للخصم ولاعبي الخصم ولا تحفز لاعبي فريقها وتأتي ببعض الأغاني التي لا تؤدى في الملاعب وإنما تؤدى في الأماكن الخاصة ما يزيد من الشغب الجماهيري خصوصاً أن الشغب ينطلق من شرارة صغيرة حتى تطاول جميع الجماهير كافة". ودعا عيد الجميع للتكاتف للقضاء على أعمال الشغب موجهاً رسالته إلى الإعلام ومسؤولي الأندية ومربي الأجيال في وزارة التربية والتعليم وكذلك الآباء للقضاء على الشغب الجماهيري وأن يجتمع الجميع على كيفية القضاء على الشغب الدخيل على الملاعب السعودية والذي انتشر في السنوات الأخيرة وتسبب في صدور عدد من القرارات حتى تخرج منافساتنا بالشكل الذي يواكب العطاء التي وصلت إليه الكرة السعودية بمختلف منافساتها". عقوبات غير رادعة أكّد رئيس الاتفاق عبدالعزيز الدوسري أن تصنيف الأندية لدرجات بأندية كبيرة وأخرى صغيرة بحكم الجماهير أسهم بإثارة الشغب وانتشاره وقال:"هناك أندية بحكم جماهيرتها إداراتها ترى بأنهم لا يمكن أن يخسروا نتيجة لقاء واحد، وهذا انسحب على جماهيرهم فهي لا ترى أن فريقها يتعرض للخسارة ما يجعلها تثير الشغب في الملاعب خصوصاً أن لها إعلاماً يساعدهم على هذا الأمر ولذلك فالمسؤولية على إدارة الأندية بالذات والإعلام بشكل عام في أن تسهم في تثقيف الجماهير حول هذا الأمر وأن الفوز والخسارة واردان في عالم الكرة ولكن أن يحدث العكس فهي كارثة كبيرة". واعتبر الدوسري العقوبات غير رادعة مشدداً على أنها لن تقضي على الشغب وأنه"سيستمر حتى لو وجدت عقوبات فلن ترد الجماهير ما دامت المسببات قائمة فنحن كشعب لسنا أصحاب شغب وهو أمر دخيل علينا وفي الوقت نفسه حينما يحس الإنسان بالغبن وبأنه قد سلب حقه بحكم أن الفريق الذي يقابله كبير وهو ناد صغير فقد يُثار الشغب في الملاعب". ودعا الدوسري إلى تشديد الأمن عند أبواب الملاعب حتى لا تدخل بعض الممنوعات التي تثير الشغب وتساعد عليه، وقال:"تشديد وتكثيف رجال الأمن أمر لا بد منه فليس كل الجماهير ذوي وعي وإدراك فمنهم الصغير والجاهل والذي حضر لأجل إثارة الشغب ولذا فرجال أمن الملاعب مطلوب منهم التشديد على مثيري الشغب لأن الشغب أحياناً يصدر من شخص واحد ليعم الشغب جميع الجماهير كما لاحظنا كثيراً".وتمنى رئيس الاتفاق من الإعلام ومسؤولي الأندية أن يسهموا في القضاء على أحداث الشغب والتي أصبحت ظاهر في الملاعب السعودية لم نعهدها سابقاً. الإعلام الرياضي مسؤول وكان مدير الاحتراف في نادي الهلال عبدالله البرقان حمّل مسؤولية أحداث الشغب التي استفحلت في الملاعب السعودية إلى الإعلام الرياضي ومساهمته الفعّالة في انتشار أحداث الشغب، وقال:"مع الأسف الإعلام له دور كبير في أحداث الشغب الحاصلة في الملاعب السعودية خلال السنوات الأخيرة وأصبحت المباريات وبالذات المهمة تحمل الكثير من الأحداث كما أن تصاريح بعض مسؤولي الأندية زادت من أحداث الشغب وأججتها في الملاعب وكادت أن تحدث كوارث بسبب تلك التصاريح والذي أسهم في انتشارها الإعلام الرياضي". واعتبر البرقان أن تثقيف الجمهور وإنارته بالفكر الصحيح رياضياً أمر مطلوب للقضاء على أعمال الشغب"وهذا يتحمله الجميع وبالذات الإعلام الذي يتابعه جميع الجماهير بمختلف أطيافهم سواءً أكان مقروءاً أم مرئياً لأن الإعلام كما هو معروف شريك في كل شيء كما أن مسؤولي الأندية عليهم أيضاً دور كبير في تثقيف جماهير أنديتهم وحثهم على المثالية في التشجيع والتركيز على تحفيز فريقهم وترك الآخرين". وبيّن البرقان أنه على رغم القرارات الصادرة للقضاء على أحداث الشغب فإنها لن تُجهز عليها ما لم يكن هناك وعي للجماهير الرياضية وهذا الوعي يشترك فيه الجميع من إعلام ومسؤولي أندية الذين يصرحون ويؤثرون في جماهيرهم أضف إلى ذلك الكتاب المشهورين حتى الكتاب الذي يكتبون في غير الرياضة لأن الجماهير الرياضية جزء من المجتمع وقضية الشغب قضية عامة وليست قضية خاصة.