حتى اللحظة لا يدرك الكثيرون حجم الخطورة التي يمكن أن تتسبب بها حالات الشغب التي بدأت تتنامى في مدرجات كرة القدم السعودية، ولعل ما شهدناه يوم السبت الماضي في مباراة الاتفاق والنصر إنما يؤكد على أن كرة اللهب المتدحرجة لم تتوقف منذ ثلاثة مواسم على الأقل، ولم تنفع معها عقوبات نقل المباريات ولا إقامتها بدون جمهور؛لأن مثل هذه العقوبات وإن بدت حلولا لكنها لا تتعدى كونها اختباء وراء الأصابع لأننا يجب أن نعترف أننا أمام حالات شغب متفرغة لكنها قد تتحول إلى ظاهرة بل إلى أزمة ما لم تتحرك كل الجهات المعنية قبل أن تتفشى في كل الملاعب، إذ عندها لن يكون الأمر سهلا ؛لأن التغاضي عن ذلك أو اللجوء الى الحلول المسكنة قد يؤدي بنا الى نتائج وخيمة لأن معظم النار من مستصغر الشرر. أدرك ان كثيرين من أصحاب القرار وفي غير جهة لا يروق لهم مثل هذا التصوير إذ يعتبرونه طرحا تهويليا، لا لأنه كذلك بل لأنه يكشف الجانب القبيح من وجه الكرة السعودية ويظهره على حقيقته دون مكيجة ولا عمليات تجميل، لكن حينما يصل الحال بالمدرجات لدينا إلى التقاذف بالآلات الحادة والتشابك بالأيدي وتكسير السيارات فيتدخل رجال الأمن بهراوتهم لملاحقة المتسببين في أحداث الشغب وهو ما أظهرته الصور في أحداث مباراة الاتفاق والنصر فضلا عما لم يتسن لها إظهاره، فإن ذلك يكفينا لأن نقول إننا نقف اليوم على فوهة بركان لا ندري متى ينفجر. ولعلي لا أحتاج لتذكير المعنيين بأحداث الشغب التي صاحبت مباراة كرة اليد بين الخليج ومضر والتي جرت في العام 2005وراح ضحيتها شاب بريء هو أسامة أبو عبدالله متأثرا بعدة طعنات تلقاها فيما أصيب أربعة آخرون بجروح كان بعضها قاتلا بعد معركة استخدمت فيها الأيدي والهراوات والآلات الحادة والحجارة فضلا عما نقله شهود عيان عن سماعهم لدوي إطلاق نار في مكان الحادث،و من المناسب هنا الإشارة إلى ان تلك الحادثة قادتها فئة لا علاقة لها بالرياضة سوى أنها وجدت فيها فرصة لتفريغ شحنة الهوس بالشغب والذي تتملك نوعية معينة من الشباب. هذا ما حدث في مباراة لكرة اليد، ولكم ان تتصورا حجم المأساة لو أن مثل هذا الشغب حدث في مباراة تنافسية في دوري المحترفين لكرة القدم حيث تصل حالات الاحتقان الجماهيري إلى أقصى درجاتها بما تجده من تغذية سلبية من مسؤولي الأندية وبعض المتعصبين من الإعلاميين الذين يسهمون إما بجهلهم أو عصبيتهم في تأجيج الصراع بين الفريقين المتبارين قبل ساعة الصفر، عند ذلك من المحتم أننا سنخسر أكثر من أسامة خصوصا إذا ما استطاع المهووسون بالشغب من التغلغل إلى المدرجات وروابط الأندية، وحتى لا يأتي هذا اليوم فإن من الواجب على كل المعنيين بالأمر من مسؤولين في رعاية الشباب واتحاد الكرة وكذلك في الأندية والمعنيين بأمن الملاعب، وكل الجهات الحاضنة للشباب من مدارس وجامعات ومساجد وفعاليات اجتماعية أن تسهم في تغذية الوعي بخطورة التعصب الرياضي وضرورة تنمية التشجيع الواعي للرياضة لدى هذه الشريحة حتى لا تتحول مدرجات كرة القدم لدينا الى أرض خصبة للشغب وحينها لن ينفع الندم!.