تفتح"الحياة"الحلقة الأولى من ملف"النعرات القبلية"، مؤكدة أهمية القبيلة في النسيج الاجتماعي، ومؤكدة أيضاً أهمية"الوطنية"، باعتبارها السقف الذي تنتهي إليه كل المكونات التي يحويها هذا البلد. لا أحد يدعو إلى إلغاء القبيلة، إذ هي عنصر رئيسي وفاعل في التركيبة الاجتماعية، بما تحتويه أعرافها وتقاليدها من معان تؤكد على أهمية الوحدة، ونبذ التفرق، ولكن الحديث هنا عن الممارسات"السلبية"التي تتخذ من القبيلة غطاء لها، وتقوم في الوقت ذاته بنشر مفاهيم تعزز من"التحزب"على أساس"الانتماء للقبيلة". وهنا كانت الرموز المنتشرة على جدران الأحياء، ومدرجات الملاعب، أمثلة لما تخترعه"الذهنية المراهقة"من عبث يقسّم المجتمع إلى"فئات"، إذ ابتدعت رموزاً رقمية تشير إلى القبائل، وكأنما تريد بذلك أن تسجن المجتمع في دوائر صغيرة، عطفاً على أسلوب السجون العالمية في تسمية نزلائها ب"رموز رقمية". ولا تتوقف مظاهر"العصبية"عند هذا الحد، إذ تفرّق بين الأطفال أثناء توزعهم بين فريقين في"كرة القدم"، ولا تتوقف عند حدود"المشاجرات"التي ربما غدت طبقاً يومياً يتناوله الصبية، والسبب"تنابز بالألقاب"في ما بينهم. وتؤكد الأعراف القبلية أهمية دورها من خلال حسمها الكثير من الخلافات التي تعلق في المحاكم، وأقسام الشرطة، إذ يحضر في هذه الأجواء ما يسمى ب "المعدال"، وهو الضمان الذي يقدمه طالب الحق في المجلس القبلي، متى ما حصل خلاف بين طرفين. ويتضمن وضع مبلغ من المال، أو سلاح، أو"سيف"، عند أحد كبار الشخصيات في المجلس، ويطلب فيه"الحق"، وعليه يباشر الذي تسلّم"المعدال"جمع أطراف النزاع في مجلس الصلح، ويكون ذلك في حضور المصلحين وهم بمثابة القضاة، ومن يرى المصلحون أنه هو المخطئ يعطي"معداله"لخصمه وفي معظم الأحيان تنتهي القضية ب "الصلح"بين الطرفين، ويستحق هذا المثال المشرق الكثير من"الثناء"، في مقابل أهمية"محاصرة"أي مثال"سلبي"آخر.