هل هناك دعاء مأثور عن النبي - صلى الله عليه وسلم - عند وقت الإفطار؟ وما هو وقته؟ وهل يتابع الصائم المؤذن في الأذان أم يستمر في فطره؟ - نقول إن وقت الإفطار موطن إجابة للدعاء لأنه في آخر العبادة، ولأن الإنسان أشد ما يكون غالباً من ضعف النفس عند إفطاره. وكلما كان الإنسان أضعف نفساً وأرق قلباً كان أقرب إلى الإنابة والإخبات إلى الله عز وجل. والدعاء المأثور:"اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت". ومنه أيضاً قول النبي عليه الصلاة والسلام:"ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله". وهذان الحديثان، وإن كان فيهما ضعف لكن بعض أهل العلم حسنهما. وعلى كل حال: فإذا دعوت بذلك، أو بغيره عند الإفطار فإنه موطن إجابة، وأما إجابة المؤذن وأنت تفطر فنعم مشروعة لأن قوله عليه الصلاة والسلام:"إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثلما يقول"يشمل كل حال من الأحوال إلا ما دل الدليل على استثنائه، والذي دل على استثنائه إذا كان يصلي وسمع المؤذن لأن في الصلاة شغلاً، كما جاء به الحديث. على أن شيخ الإسلام ابن تيمية ? رحمة الله عليه ? يقول: إن الإنسان يجيب المؤذن ولو كان في الصلاة لعموم الحديث، ولأن إجابة المؤذن ذكر مشروع ولو أن الإنسان عطس وهو يصلي يقول: الحمد لله، ولو بشر بولد أو بنجاح ولد وهو يصلي يقول: الحمد لله، نعم يقول الحمد لله ولا بأس، وإذا أصابك نزغ من الشيطان وفتح عليك باب الوساوس فتستعيذ بالله منه وأنت تصلي. لذا نأخذ من هذا قاعدة: وهو أن كل ذكر وجد سببه في الصلاة فإنه يقال لأن هذه الحوادث يمكن أن نأخذ منها عند التتبع قاعدة. لكن مسألة إجابة المؤذن ? وشيخ الإسلام ابن تيمية يقول بها ? أنا في نفسي منها شيء، لماذا؟ لأن إجابة المؤذن طويلة توجب انشغال الإنسان في صلاته انشغالاً كثيراً والصلاة لها ذكر خاص لا ينبغي الشغل عنه. فنقول: إذا كنت تفطر وسمعت الأذان تجيب المؤذن. بل قد نقول: إنه يتأكد عليك أكثر لأنك تتمتع الآن بنعمة الله وجزاء هذه النعمة الشكر ومن الشكر إجابة المؤذن فتجيب المؤذن ولو كنت تأكل ولا حرج عليك في هذا. وإذا فرغت من إجابة المؤذن فصل على النبي ? صلى الله عليه وسلم ? وقل: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمداً الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته. ما حكم الذين يتقدمون في الأذان في رمضان؟ - الذين يتقدَّمون في الأذان في أيام الصوم يتسرعون في أذان الفجر، ويزعمون أنهم يحتاطون بذلك للصيام، وهم في ذلك مخطئون لسببين: السبب الأول: أن الاحتياط في العبادة هو لزوم ما جاء به الشرع، والنبي ?صلى الله عليه وسلم ? يقول:"كلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر"وما قال حتى يقرب طلوع الفجر، إذاً فالاحتياط للمؤذنين: ألا يؤذنوا حتى يطلع الفجر. السبب الثاني: قد أخطأ هؤلاء المؤذنون الذين يؤذنون للفجر قبل طلوع الفجر، وزعموا أنهم يحتاطون لأمر احتياطهم فيه غير صحيح، لكنهم يفرطون في أمر يجب عليهم الاحتياط له، وهو صلاة الفجر، فإنهم إذا أذنوا قبل طلوع الفجر صلى الناس خصوصاً الذين لا يصلون في المساجد من نساء أو معذورين عن الجماعة صلاة الفجر، وحينئذ يكون أداؤهم لصلاة الفجر قبل وقتها. وهذا خطأ عظيم!! لهذا أوجه النصيحة لإخواني المؤذنين ألا يؤذنوا إلا إذا تبين الصبح وظهر لهم، فإذا ظهر لهم سواء شاهدوا بأعينهم أو علموه بالحساب الدقيق فإنهم يؤذنون، وينبغي للمرء أن يكون مستعداً للإمساك قبل الفجر، خلاف ما يفعله بعض الناس إذا قرب الفجر جداً قدم سحوره زاعماً أن هذا هو أمر الرسول ? صلى الله عليه وسلم ? بتأخير السحور، ولكن ليس بصحيح، فإن تأخير السحور إنما ينبغي إلى وقت يتمكن الإنسان فيه من التسحر قبل طلوع الفجر. والله أعلم. الشيخ محمد صالح العثيمين رحمه الله هل السحور واجب؟ وما المراد بالبركة في قوله ? صلى الله عليه وسلم -: فإن في السحور بركة؟ - السحور هو الأكل قبيل الإمساك، وهو مستحب، يقول عليه الصلاة والسلام:"تسحروا فإن في السحور بركة"البخاري 1923، ومسلم 1095. والأمر في قوله:"تسحّروا"للإرشاد، ولأجل ذلك علله بالبركة التي هي كثرة الخير. وروي أنه ? صلى الله عليه وسلم ? ترك السحور لما كان يواصل، فدل على أنه ليس بفرض، ومن الأحاديث الدالة على استحباب السحور: أنه ?صلى الله عليه وسلم ? أمر أصحابه ? رضوان الله عليهم ? أن يتسحروا ولو بتمرة، أو بمذقة لبن حتى يتم الامتثال. ويقول ? صلى الله عليه وسلم -:"فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر"مسلم 1096. والمراد بالبركة التي في الحديث أن الذي يتسحر يبارك له في عمله، فيوفق لأن يعمل أعمالاً صالحة في ذلك اليوم، بحيث إن الصيام لا يثقله عن أداء الصلوات، ولا يثقله عن الأذكار، وعن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بخلاف ما إذا ترك السحور فإن الصيام يثقله عن الأعمال الصالحة لقلة الأكل، ولكونه ما عهد الأكل إلا في أول الليل. الشيخ عبدالله بن جبرين