لطالما ردد الشبان في المنطقة الغربية كلمات الأغنية الشعبية الشهيرة:"عطشان يا صبايا دلوني عالسبيل"، ويبدو أن قدر مدينة جدة كبرى مدن هذه المنطقة أن تسأل عن سبيل الماء الذي ما عاد قادراً على أن يسد حاجة أبنائها المتزايدة. هل حل شهر رمضان، وحلت معه أزمة المياه السنوية، المياه لا تجري كعادتها في شرايين شبكة مياه جدة، أحياء في مناطق عدة من المحافظة لم تشرب خزانات المياه فيها قطرة ماء منذ أكثر من شهر وتفاقمت الأزمة مع بداية رمضان، ما دفع الأهالي كالعادة إلى اللجوء لأحد أمرين أحلاهما مر، وهما: إما انتظار وزارة المياه ممثلة في المديرية العامة للمياه في منطقة مكةالمكرمة بإمدادهم بحصتهم المجدولة، أو التدافع والتزاحم في محطات أشياب المياه للحصول على"وايت"ولو بسعر خيالي خلافاً لما درجت عليه العادة. الشاب جبران يحيى، من الذي لجأوا أول من أمس إلى أشياب كيلو 14، طال انتظاره لموعد تسلم صهريج المياه لأكثر من 14 ساعة، يتحدث عن زحام طويل من الأهالي للحصول على الصهاريج، ويحمد الله أن"الشياطين مغلولة في شهر رمضان الكريم، ولم يحدث شجار بين أي من الموجودين نتيجة الانتظار وملله، وما ينجم عنه من أفعال عصبية أحياناً". أما أبو محمد، فيوجه اتهاماً صريحاً للمديرية العامة للمياه بالتسبب في لجوء المواطنين إلى محطات أشياب المياه، من خلال تأخرها في ضخ المياه في المواعيد المجدولة، ما دفع أصحاب الاشياب إلى رفع الأسعار والحصول على أرباح مالية باهظة مقابل هذه الخدمة التي يُجبر الأهالي على اللجوء إليها كرهاً وقسراً.وكان المهندس عبدالله الحصين قد وعد، بأن يسهم مشروع الشعيبة 3 في حل أزمة المياه في جدة إلى غير رجعة في العام 2010م، ويأمل"الجداويون"أن يتحقق هذا الوعد، لترتفع كمية المياه الواردة إلى 1380 مليون متر مكعب من المياه يومياً"وإن غداً لناظره قريب". الكمية الواردة حالياً إلى شبكة المياه تقدر ب650 ألف متر مكعب، تهدر 35 في المئة منها نتيجة تسربها من خطوط شبكة المياه المتقادمة، إلى جانب توقف الوزارة عن إمداد مدينة جدة، وهو ما يشير إلى أن عامل الزيادة السكانية المرتفع في مدينة جدة التي تعد إحدى أكبر المدن السعودية، والذي يصل إلى نحو ثلاثة في المئة سنوياً ليس وحده المتسبب في أزمة المياه، ما يعيدنا إلى المربع الأول، وهو عدم مواكبة وزارة المياه طوال العقود الماضية واقع الحياة اليومية، ولجوءها المتأخر لخصخصة المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة واستقطاب الاستثمارات الخاصة لقطاع المياه. الوزارة كانت بشرت أهالي جدة بحل مرحلي مدته عامان لسد أي عجز في المياه، يتمثل في جلب محطة تحلية عائمة على بارجة بحرية، توفر طاقة إنتاجية تقدر ب50 ألف متر مكعب لحل أزمة المياه في مدينتهم، على أن يتم تنفيذ العمل في المحطة الجديدة على مرحلتين، تبدأ أولاهما الإنتاج في 20 تشرين الثاني نوفمبر المقبل، موفرة 20 ألف متر مكعب، فيما سيتم تنفيذ المرحلة الأخيرة من المحطة تباعاً ليصل إجمالي طاقتها إلى 50 ألف متر مكعب من المياه. إلا أن السؤال الذي يتداوله المواطنون هو ماذا بعد المحطة العائمة؟ ومشروع الشعيبة 3، هل بدأت الوزارة التفكير في مستقبل مدينة جدة، خصوصاً وأنها مقبلة على سلسلة من المشاريع التنموية العمرانية، ما يسهم في تزايد أعداد سكانها بمعدلات ربما تزيد على معدلات الزيادة الحالية، وبوتيرة أسرع في بلد جفت 90 في المئة من موارد المياه الطبيعية من تحتها. "الحياة"حاولت مرات عدة الاتصال بعدد من مسؤولي المديرية العامة للمياه في منطقة مكةالمكرمة، إلا أن هواتف الجميع كانت مقفلة.