قرأت يوم 25 آب أغسطس 2007 على الصفحة الأخيرة من جريدة الرأي الكويتية،"خواطر قلم"للكاتب الكويتي المعروف محمد العوضي بعنوان"سهرة مع ملحد سعودي"، إذ ذكر العوضي في مقدم خاطرته هذه قائلاً:"كتبت مقالين متتاليين، الأول بعنوان"هل يوجد ملحد كويتي؟"، والثاني بعنوان"ملاحدة من بلادي"، وأخبرني على السند معيد في كلية التربية الأساسية انه نشر المقالين في مواقع على شبكات حوارية على"الانترنت". وقد أثارت دهشتي خاطرة الأستاذ العوضي والذي جمعته إحدى السهرات مع ملحد يدعي انه سعودي بعد أن تلقى العوضي رسالة من شاب أطلق على نفسه"ثامر"في ال25 من عمره، من سكان مدينة الرياض، من أسرة متدنية، مؤدب، عقلاني، هادئ... يسأل ويتساءل، جريء في طرح الأفكار، يستمع بسماع ومعرفة كل فكرة جديدة، كان فعلاً يبحث عن الحقيقة، وله علاقة مع"ملاحدة"سعوديين وكويتيين وعرب وخليجيين وغيرهم، وهكذا وصفه العوضي في خاطرته، وكأنما يصفه بالإنسان المثالي،"وكأنما بلادنا الإسلامية"أسطبل"يعيش فيه الملحدون". وما أثار دهشتي في خاطرة العوضي ليس تلك المواصفات الراقية التي أطلقها على"ثامر ? الملحد السعودي"، ولكن في وجود ملحدين في أرض الإسلام من أمثال ثامر وغيره. إذ استطاع ثامر أن يعطي مواصفات للملحدين الذين شاركوه الإلحاد بالله سبحانه وتعالى، قائلاً:"لقد التقيت بأصناف مختلفة من الملحدين يختلفون عن إلحادي، لقد كنت أتألم كوني ملحداً، كنت أتمنى أن يكون هناك إله استغفر الله وأتوب إليه لكن عقلي - والكلام لثامر - يرفض ذلك، إذ استطعت وبجدارة أن أصنف أنواع الملاحدة، الملحد المنحط الذي ليس له غرض سوى السب والاستهزاء، والملحد النفسي صاحب الأزمات، والملحد بهدف الشهرة والدعاية والتذاكي، والملحد العملي، والملحد اللاإرادي الشكاك، والملحد المنتقم من خصومه من أهل الدين، والملحد الذي يريد تبريراً، ذو النزعات الفلسفية والتأملية، والملحد العلمي الذي يستعين بالعلوم الطبيعية، الخ. وقد واصلت قراءة تلك الخاطرة التي جمعت العوضي والملحد السعودي، والذي أخبره عن أسباب تحوله من تربية عائلته الإسلامية التي تدعو إلى المساواة والحب وفعل الخير ومساعدة الضعفاء والمساكين، إلى اعتناق غريزة شاذة أطلق عليها الإلحاد، وكانت مبرراته في ذلك الصعوبات التي تعرض لها منذ طفولته مع رجال الدين كما يدعي، إذ قال له:"بدأت قصتي مع مدرس الدين الذي كان يكبتني ويزجرني ويتهمني في ديني كلما وجهت له استفساراً جريئاً في حصة الدين، فكرهت المادة والمدرس معاً". ويواصل ثامر اعترافاته التي قادته إلى الإلحاد بالقول:"دخلت في يوم من الأيام إلى المسجد لأصلي، وكنت ألبس على رأسي قبعة فزجرني احد المصلين بطريقة فيها انتقاص وقسوة وأخجلني وأحرجني وجعلني اخرج من المسجد"، وهكذا توالت المواقف من رجال الدين وأهل الدعوة فنفروني منهم، إضافة إلى خوفي من مفاتحتهم وأنا الصادق في البحث عن أجوبة مقنعة في زمن الانفتاح والتساؤلات والشكوك، وصلت بي الحال إلى أني كنت من شدة الحيرة والقلق والتأرجح بين الشك واليقين - ويستمر"ثامر"في اعترافاته -"أخرج إلى صحراء الرياض حيث لا ناس ولا أضواء ولا مطاوعة ولا مشايخ، وأصرخ: يارب إن كنت موجوداً فارني أي شيء، لو ضرراً في جسمي، أي شيء، علامة من علامات وجودك"استغفر الله رب العالمين. وفي نهاية الاعترافات القاسية التي جعلت من ثامر - كما يقول - مشوش الأفكار، ضعيف العقيدة، جباناً، لا يقيم للأخلاق معنى، ولا الكرامة، ليس له مبدأ ولا غيرة على أرضه وعرضه، يتمتع بصفات الكذب والخداع والغدر، لا يهمه ماضيه ولا حاضره ولا حتى مستقبله، يعيش في دوامة من الأفكار الإجرامية المتناقضة، فتارة يريد ارتكاب المعاصي، ومخالفة الأنظمة والقوانين وتدمير كل من حوله، فهو لا يؤمن بما انزله ربه من كتب سماوية وأنبياء ورسل وملائكة، وتارة أخرى تسيطر عليه غمامة الخوف وسحابة الضعف ويشعر انه لا حول له ولا قوة. عاش ثامر - كما يقول - سنوات طويلة ينتظر فيها معجزة إلهية تدمره وتعصف به، إلا أن تلك المعجزة جاءت لتهديه إلى الصراط المستقيم، وتثبت في عقله وقلبه وجسده الإيمان بالله ورسوله واليوم الآخر. أرجو من إخواني الشباب ألا تتزعزع قناعتهم بإيمانهم بدينهم الحنيف من خلال أخطاء يتعرضون لها من فئة لا تمثل الدين الحنيف الذي هدانا إلى الحياة والآخرة. د. محسن الشيخ آل حسان