ربما تكون مقبرة النسيم التي افتتحت قبل إحدى وعشرين عاماً، جعلت من الحي الذي تحمل اسمه معروفاً، ليس في الرياض فقط، بل في مختلف مناطق المملكة. الشهرة التي اكتسبها هذا الحي تعود إلى كون اسم المقبرة"النسيم"حاضراً في الصحف المحلية كافة بشكل يومي، خصوصاً إعلانات النعي التي يعمد أقارب المتوفين إلى نشرها على صفحاتها، لدعوة معارفهم لحضور مراسم الدفن في المقبرة الأكبر في الرياض، إذ تبلغ مساحتها مليوني متر مربع. وتستقبل المقبرة يومياً جنائز تتراوح ما بين 3 و8، خصوصاً بعد صلاتي الظهر والعصر، ويزيد العدد يوم الجمعة ويصل إلى 13 من رجال ونساء وأطفال معظمهم من ضحايا حوادث السير في نهاية الأسبوع، إلا أن الموتى الذين تستقبلهم المقبرة تصل في بعض الأيام إلى أعداد قياسية تبلغ ال20 يمثل أكثرهم المواليد والأجنة. مشاهد المشيعين وهم يدخلون ويخرجون من المقبرة، أسهمت في جعل الموت حاضراً في أذهان السكان، فترى الكثيرين من سكان الحي يظهرون احترامهم لسكان المقبرة، بعدم تشغيل الأغاني في سياراتهم أثناء سيرهم على الشوارع التي توازيها. وجود المقبرة في حي النسيم، أسهم في جعل السكان هناك أكثر تواصلاً مع موتاهم، بخلاف الذين يعيشيون في أحياء بعيدة منها، ويشاهد العشرات في المقبرة لزيارة قبور موتاهم، خصوصاً عصر الجمعة، ويرى الموجود هناك زواراً من الرجال يصطحبون أطفالهم لأداء الزيارة والدعاء لموتاهم. ويبدي زوار المقبرة استياءهم من عدم قدرتهم مع مرور الوقت على التعرف على أماكن قبور أقاربهم وأعزائهم، بسبب تزايد القبور المتشابهة حولها مع مرور الوقت، ويعزا ذلك لكون المسؤولين عن المقبرة كحال نظرائهم في مقابر السعودية كافة، لا يضعون على القبر ما يوضح هوية صاحبها، حتى لو بترقيمها. خوف الأحياء من عدم معرفة أقاربهم المدفونين تحت تراب المقبرة عند عودتهم للزيارة بعد فترة، جعل كثيرين منهم يعمدون إلى وضع علامات على القبور، كغرس عصا خشبية أو علب المشروبات الغازية الفارغة، وهناك آخرون يقومون بطلي الحصى الذي يغطيها بلون معين من الطلاء، ليستطيعوا تمييز قبر ميتهم عن القبور المحيطة به.