تزداد الحفلات والمناسبات المختلفة في فصل الصيف، ما يستدعي ازدياد الإقبال على المطاعم المختلفة، خصوصا المختصة بالأكلات الشعبية، عدم تمكن العمالة الوافدة من إتقان الأكلات الشعبية السعودية المختلفة اضطر بعض النساء إلى الطبخ في المنزل، ولكن الجهد المطلوب في المناسبات الكبيرة واحتفالات الزواج مضاعف، ما جعل المرأة تطلب مساعدة صديقاتها، من هنا كانت انطلاقة عدد من النساء واللاتي عرفن بالطبخ الشعبي من منازلهن، بعد أن تذوقت النساء ما يطبخن في المناسبات ليتم بعد ذلك التعاون بينهن، حتى أصبح بعضهن يسافرن من أجل الطبخ لدول الخليج وللسعوديين المقيمين في الدول العربية المختلفة. ولم يقتصر الإقبال على الأكلات الشعبية والتي تطبخ في المنازل تحت إشراف سيدات سعوديات على النساء، بل تعدى ذلك ليطلب الشباب من هؤلاء النساء الطبخ لهم في اجتماعاتهم المختلفة في الاستراحات، وأيضاً شمل ذلك بعض المؤسسات والشركات في اجتماعاتهم الدورية وحفلات التكريم، رغبة منهم في أن يجدوا من يتفنن في الطبخ ويتقنه بالطعم الشعبي السعودي، وأيضاً اطمئناناً كونهن أكثر نظافة وحرصاً من غيرهن. بدأت أم سعود 38 عاماً طبخ الأكلات الشعبية والعمل في هذا المجال قبل 5 أعوام، إذ كانت تشارك الأهل والصديقات مناسبتهن وأفراحهن، وعندما طلبت منها إحدى صديقاتها مساعدتها في حفلة زفاف كبيرة، أعجبت الحاضرات بالطبخ وطلبن رقم الطباخة، فاتجهت لهذا المجال منذ ذلك الوقت، وعن أن يكون هذا المجال مغرياً للخوض فيه كعمل، تقول:"كنت موظفة في أحد المصارف، وبعد نجاحي في عملي الجديد تركت العمل في البنك وتفرغت لطبخ الأكلات الشعبية، حتى وصلت لخارج السعودية عن طريق إحدى حفلات الزفاف لإحدى الشخصيات الكبيرة، حضرها عدد من الضيوف من دول الخليج أعجبن بطبخي وأصبحن يطلبن مني الطبخ في مناسباتهن واحتفالاتهن، كما أنني قمت بطبخ ركن شعبي متكامل لإحدى العائلات السعودية المعروفة في مصر"، مضيفة:"الدخل الذي يعود علي أنا وزميلاتي مرضٍ بشكل كبير، خصوصاً أن إقبال الناس كبير على الأكلات الشعبية"، مشيرة إلى أن العادة جرت على أن طبخ المنزل نظيف وصحي،"يعرف عن أمهاتنا أن طبخ المنزل أفضل مما يجلب من السوق وهذا واقع، فالطبخ المنزلي يتميز بالإتقان والنظافة أكثر، خصوصاً أن السعودية هي أكثر معرفة بطبخ الأكل الشعبي، إذ تعودت عليه منذ صغرها". أم سعود عشقت مجال الطبخ الشعبي، فلم تقف عند حدود الطبخ للمناسبات، بل شكلت فريقاً متكاملاً وجهزت ركناً مجهزاً بالديكورات الشعبية،"قمت بعمل خيمة شعبية لتصبح خلفية الركن في المناسبات المختلفة وجهزت طاقماً من الفتيات والشباب بالزي الشعبي لخدمة الضيوف"، هذا كله دعا أم سعود لتقديم ركن الأكل السعودي الشعبي في إحدى المناسبات في حي السفارات، تقول:"أقيمت حفلة كبيرة في حي السفارات حضرها عدد من الوفود الأجنبية، فطلب مني تقديم ركن الأكل الشعبي"، لافتة إلى مشاركاتها المستمرة في مهرجان الجنادرية، كل هذا النجاح قاد أم سعود لتمثيل السعودية في مهرجان صلالة في عمان بعد عيد الأضحى الماضي. وترى أم سعود أن العمل في هذا المجال ميسراً وممتعاً وأنها استطاعت أن تنجز خلاله الكثير،"أهم ما قمنا به خلال هذه الأعوام وظفنا عدداً من الفتيات السعوديات اللاتي لم يجدن عملاً". وتختلف أم خالد عنها في أن هذا المجال يتسم بالصعوبة، خصوصاً لمن لا يوجد لديها سائق، تقول:"أجد صعوبة في توصيل الطلبات خصوصاً أنه لا يوجد لدي سائق خاص، كما أننا في حاجة إلى المشاركة في عدد أكبر من البازارات بأسعار رمزية"، وقد بدأت أم خالد العمل منذ عامين بعد أن أعجبت صديقاتها بالبهارات التي تصنعها في بيتها، وطلبن منها أن تعمل لهن،"إجادتي لعمل بهارات مشكلة ومختلفة قادني للدخول في هذا المجال"، تحضر أم خالد البهارات المختلفة من عدد من الأماكن لتعمل خلطات مختلفة من البهار والتوابل،"هناك أنواع من البهارات لا توجد في الرياض وأحرص على إحضارها من خارجه لرغبة السيدات". أما أم يزيد فقد اضطرتها ظروفها المعيشية الصعبة للبحث عن عمل إلى أن وجدت مجموعة من السيدات يعملن في مجال الطبخ الشعبي وانضمت إليهن،"بدأت المشاركة مع زميلاتي في المحاضرات والمهرجانات النسائية ودور تحفيظ القرآن"، هذه البداية البسيطة والتي تشارك فيها معظم النساء وهو ما يسمى بالأطباق الخيرية أوصل أم يزيد وزميلاتها للمناسبات الكبيرة، تقول:"بعد مشاركات عدة لنا أصبحنا نقوم بطبخ الأكلات الشعبية المختلفة في حفلات الزواج والمناسبات الكبيرة المختلفة"، وعن الضغط في العمل الذي يواجهنه في الصيف، تقول:"لدينا في كل شهر مهرجان نشارك فيه، ولكن الضغط يزداد في فترات المناسبات مثل الأعياد والإجازة الصيفية"، وأرجعت إقبال الناس عليهن أكثر من المطاعم المعروفة،"يعرف الناس مدى حرص النساء على جودة ما يطبخن وإتقانهن، فعلى رغم ازدياد أعداد المطاعم الشعبية إلا أن الطلب من النساء أكثر"، وأردفت بقصة حدثت لهن عند مشاركتهن في أحد المهرجانات،"اشترت إحدى النساء من أحد المطاعم وعندما مرت بجانبنا تركت ما اشترته لتشتري من النساء الموجودات، قائلة: انتن أضمن وأنظف وأنا أراكن تطبخن أمام الناس". وعن الدخل العائد عليهن من هذا المجال قالت:"كلفتها المادية جيدة، إذ تغطي الكلفة وتزيد، كما أننا نجد عدداً كبيراً من النساء يقمن بالتشجيع والدعم المتواصل لما نقوم به، ومنهن من يدفع أكثر من المبلغ المطلوب والمتفق عليه سابقاً". وتعد الحفلة التي أقامها عبدالعزيز السلوم وزملاؤه لأحد الأصدقاء بعد عودته من إجازة شهر العسل البوابة الأولى للتعاون مع الطباخات السعوديات تقول:"وجدنا في أحد منتديات الانترنت إعلاناً عن طباخة مميزة، وعندما اتصلنا بها رحبت بكل طلباتنا من أكل شعبي إلى جميع أنواع الأرز وجميع أنواع الحلويات وبسعر مغرٍ"، بعد أن وجد السلوم وزملاؤه في هذه الحفلة نكهة طبخ المنزل والذي يفتقده الكثير من الشباب بسبب ابتعادهم عن أسرهم، لذا قرروا أن يتواصلوا مع النساء في مناسباتهم المختلفة،"وجدنا ما نفتقده في أكل المطاعم من إتقان ونظافة وطعم مختلف، وهذا دعانا إلى أن نعتمد على الطباخات في مناسبتنا الأخرى حتى في بعض اجتماعاتنا الصغيرة" ... فتيات يفضلنها "عالمية" فيما نجد النساء والرجال يقبلن على الأكلات الشعبية المختلفة ويفضلنها في المناسبات الكبيرة، نرى الفتيات يبتعدن عنها، ومن يلاحظهن يجد أنهن يتجهن في المناسبات عند قسم الحلويات والمحاشي والمقبلات، منهن من يرى ذلك من دواعي البرستيج، ومنهن من يعتقد أن الأكلات الشعبية هي ما تزيد الوزن وخلافه، وتستنكر بعض الفتيات استمرارها إلى اليوم مع وجود أشهر المطاعم الأجنبية والتي تقدم ألذ المأكولات. تقول مرام الجبار:"لا أستطيع تخيل نفسي أتناول الأكلات الشعبية في المنزل، فكيف في المناسبات الكبيرة، والتي يحضرها عدد من الأقارب والصديقات"، مرجعة عدم تقبلها للمأكولات الشعبية إلى أنها"لم أتعود عليها أبداً فلم يكن لدينا كبار سن في المنزل ووالداي لا يأكلان الأكلات الشعبية"، لافتة إلى أن وجود أشهر المطاعم العالمية في السعودية كفيل بأن ينسيها كل ما كانت تأكله في السابق. وتعتقد هوازن التركي أن الإقبال على الأكلات الشعبية في المناسبات يلغي برستيج الفتاة، تقول:"في المناسبات تكون الفتيات بكامل زينتهن وعندما يرغبن في الأكل فإنهن يتجهن إلى الحلويات والمأكولات البحرية وليس للأكل الشعبي"، وتتابع:"نادراً ما أرى فتيات يقبلن على الشعبيات فأنا لا أرى فيها ما يميزها ويجعل الناس تقبل عليها"، وتستنكر التركي ما يقال عن الأكلات الشعبية وأنها صحية أكثر، تقول:"لا فرق بينها وبين غيرها من المأكولات فكيف تكون صحية وهي تحتوي على كمية كبيرة من البهارات والزيوت". تشاركها الرأي أفنان العمري:"الأكلات الشعبية انتهى زمنها واليوم نحن في عصر العولمة حتى في الأكل، والناس اتجهوا إلى المأكولات الميكسيكة والصينية والفرنسية"، وتستغرب وجود من يطلب الأكلات الشعبية من الفتيات، تقول:"تقبل عليها كبيرات السن لأنهن تعودن عليها ليس أكثر، أما الرجال فكل همهم هو امتلاء معدتهم بأي شيء ولكن هذا لا يعني أنها هي المأكولات الأفضل، خصوصاً مع وجود ألذ المأكولات الأجنبية والتي لم تكن توجد في السابق إلا في مطاعم مخصصة للصفوة على مستوى العالم".