يعيشون في انتظار الموت، هذا هو باختصار شديد وضع المحكومين بالقصاص، ممن يعدون ما تبقى من حياتهم، بعد أن ثبتت عليهم تهم ارتكاب جرائم قتل. الأسوأ من حال هؤلاء، هو حال أولئك الذين ينتظرون القصاص بعدما أقدموا على قتل أصدقائهم أو أقاربهم، فمثل هؤلاء يعيشون ألماً مضاعفاً، وخصوصاً الذين ارتكبوا جرائمهم تحت تأثير الخمر أو المواد المخدرة. وللوقوف على الأحاسيس التي تنتاب هؤلاء المحكومين، التقت"الحياة"عدداً منهم داخل سجن الإصلاحية في مكةالمكرمة، ووجدتهم في حال ندم شديد وحسرة على ما اقترفوه من جرائم، وبينهم من يقضي وقته في قراءة القرآن وحفظ أجزاء عدة منه. وقال المحكوم بالقصاص ف م 26عاماً لقتله صديقه ماجد ل?"الحياة":"طلب مني المرحوم ماجد:"أن أزوره في منزله في"ساحة الإسلام"قبل ثلاثة أعوام، وكنا أصدقاءً جداً ولم نتفارق يوماً ولم نختلف مع بعضنا أبداً، ولما ذهبت إلى منزله وجلسنا في غرفته نعاقر الخمرة، فقدنا الوعي بسبب الشرب فاختلفت معه في أحد المواضيع، وتشاجرنا وكانت في جيبي سكين فأخذتها وسددت له طعنات عدة مميتة في صدره، سقط بعدها على الأرض وخرجت من المنزل". وأضاف ف م:"انتظرت أمام البيت، وبعد أن اكتشف أهله الجريمة أبلغوا الشرطة التي حضرت إلى الموقع، وعندها ذهبت إليهم وسلمت نفسي، وكنت حينها لا أعلم أنه فارق الحياة، وبعد أن ذهبت السكرة ونقلت إلى مركز الشرطة وعلمت بوفاته ندمت كثيراً، بل بكيت بشدة لفراق صديقي الذي كنت السبب في رحيله عن الدنيا". ولفت إلى أنه وبعد دخوله السجن كان يحلم في منامه كل ليلة بصديقه ماجد، وبدأ في الصيام شهرين كفارة عن ذنبه، وحفظ جزأين من القرآن الكريم، مشيراً إلى أنه طلّق زوجته بعد أن دخل السجن، وأنه يطلب العفو من الله ثم من أهل ماجد. أما المحكوم ر ب 21عاماً فلا تختلف قصته عن سابقه، فهو أقدم على قتل ابن حارته تركي، وهو تحت تأثير الخمر، ويقول:"كنت جالساً أمام منزلي بعد مغرب أحد الأيام، وأنا في حال غير طبيعية، ووقعت مشاجرة بين أحد أصدقائي، والمجني عليه تركي، وعندما شاهدت تركي يضرب صديقي، ويخرج مسدساً ويطلق النار في الهواء، اتجهت نحوه ومعي سكين، وعند وصولي إليه بادرته بطعنة في صدره بالقرب من القلب، وبدأت في تسديد الطعنات إليه حتى سقط على الأرض، وعندها هربت من الموقع، وبعد ساعة علمت أن رجال المباحث يبحثون عني، فسلمت نفسي إلى مركز الشرطة". وأضاف بصوت منخفض ومتقطع:"يعلم الله أنني نادم، ولم أكن أنوي قتله، وإنما كان قصدي إصابته"، وهنا تذكر الآلام التي سببها لوالديه فأبدى حزنه الشديد وآمل من عائلة تركي العفو عنه. وأشار إلى أنه حفظ أربعة أجزاء من القرآن، وتعلم مهنة الخياطة في السجن، معرباً عن شكره لإدارة السجون على ما تقدمه من خدمات للسجناء". ومن القصص الغريبة التي صادفتها"الحياة"قصة المحكوم و أ 24عاماً، وهو يمني الجنسية، إذ أقدم على قتل زوجته التي لم يدخل عليها، وهو تحت تأثير الخمر، وقال:"عدت إلى منزلنا في حي المسفلة وكانت زوجتي لدى أهلي في المنزل، وشاهدتني وأنا في حال سكر، وبدأ بيننا حديث حول إتمام مراسم الزواج، وكنت لا أملك المال الكافي لاستكمال الزواج، وعندما حاولت مناقشتي، طلبت منها السكوت، إلا أنها واصلت الحديث ولم أتمالك أعصابي، وذهبت إلى المطبخ، وأخذت سكيناً ووجهت لها طعنة في رقبتها أسقطتها ميتة، وهربت وسلمت نفسي إلى مركز الشرطة". وأشار قاتل زوجته إلى أنه وبعد أن أفاق من تأثير الخمر بكى ندماً على ما فعله، لافتاً إلى أنه وهو في السجن يحلم بشكل دائم بساحة القصاص، وقال:"طلبت مني عائلة القتيلة مليوني ريال مقابل التنازل، ومنحني القاضي مهلة ستة أشهر لتدبير المبلغ". ولفت و أ إلى أنه يطمع بعفو عمه وعمته والدي القتيلة، وقال:"حفظت خمسة أجزاء من القرآن الكريم، أقدمها هدية لروح المرحومة زوجتي أسكنها الله الجنة". أما المحكوم الباكستاني أس 21عاماً قال:"قتلت صديقي عبدالحميد في حي الرصيفة بسكين كنت أحملها معي". مضيفاً"إن الضحية كان صديقاً لي، وحدث بيننا خلاف بعد أن إئتمنته على سري، وبدأ يهددني بإفشائه وفضحي أمام الناس، وطلبت منه أكثر من مرة بأن يحفظ السر، ولكنه زاد في تهديداته، فما كان مني إلا أن قررت قتله ليموت معه سري إلى الأبد".