أراد السعوديون وخصوصاً جمهور نادي النصر، أحد قطبي العاصمة الرياض، أن يحتل نجمهم الجديد سعد الحارثي مكانة الكبار وتحديداً كنجمهم السابق ماجد عبدالله، والمستقبل القريب سيكشف حقيقة إمكانات هذا المهاجم بعد أن حصل على الفرصة لإظهارها على الصعيد الدولي. الدقائق المعدودة التي شارك فيها سعد الحارثي في نهائيات النسخة الرابعة عشرة من كأس آسيا لكرة القدم كانت كافية جداً لكي يلفت إليه الأنظار، ولم يكن الأمر محصوراً فقط حين وقف الحظ إلى جانبه، بل أيضاً عندما كان بعيداً جداً عنه. فأشرك مدرب المنتخب السعودي، البرازيلي أنغوس، سعد الحارثي في الدقائق الأخيرة من المباراة الأولى ضد كوريا الجنوبية، ولكنه أهدر فرصتين ثمينتين، الأولى من كرة من خارج المنطقة، والثانية من واحدة كان فيها بوضع جيد في مواجهة المرمى. وأدرك سعد الحارثي جيداً مدى أهمية إهدار فرصتين في مواجهة منتخب قوي وفي بطولة مهمة ككأس آسيا، فلم يتردد أبداً في الاعتذار من الجمهور السعودي وحتى من اتحاد اللعبة ومن رفاقه"واعداً الجميع بالتعويض في المباراة الثانية إذا سنحت له الفرصة للمشاركة فيها". وبدا أن المهاجم القليل الخبرة في المحافل الآسيوية كان يعرف تماماً ماذا يقول، فقد حصل على الفرصة لمدة خمس دقائق في نهاية المواجهة ضد إندونيسيا، ولكنها كانت كافية له لتسجيل هدف لن ينساه أبداً أمام نحو تسعين ألف متفرج، حين ارتقى لكرة عالية في الوقت بدل الضائع ووضعها برأسه في الشباك، مانحاً منتخب بلاده ثلاث نقاط ثمينة في سعيه للتأهل إلى الدور ربع النهائي. وقال بعد انتزاع الفوز:"لقد أنساني هذا الهدف الفرصة الثمينة التي أهدرتها أواخر المباراة الأولى". ويعتقد الحارثي أن مستوى"الأخضر"سيتطور من مباراة إلى أخرى، وأنه سيسعى بدوره إلى مواكبة هذا التطور. بداية المسيرة سعد الحارثي من موالي تشرين الثاني نوفمبر 1984 طوله 178 سم ووزنه 64 كلغ، شارك في 18 مباراة دولية آخرها أمام إندونيسيا. بدأ مسيرته الكروية في نادي النصر مع فئة الشباب وبرز إبان إشراف النجم السابق ماجد عبدالله إدارياً على الفرق السنية في النادي، وتوقع له الجميع البزوغ، لا سيما عندما سجل هدفاً في دوري الشباب في شباك النخيل يشبه هدف ماجد عبدالله في مرمى الصين في نهائي كأس آسيا عام 1984، كان الأخير حاضراً في اللقاء. ومنذ بدء مشاركته مع الفريق الأول في النصر، وضع سعد الحارثي من محبيه في الصف الأول للمهاجمين السعوديين. بداية الحارثي مع المنتخب كانت عام 2004 بإشراف المدرب الأرجنتيني غابرييل كالديرون مدرب منتخب عمان حاليا، فكانت أولى مبارياته الدولية أمام منتخب تركمانستان. وكان كالديرون يمنح مهاجمه الشاب الفرصة في بعض مباريات التصفيات المؤهلة إلى نهائيات كأس العالم 2006، وقد سجل خلالها هدفاً جميلاً في مرمى الكويت في الرياض 3-1. ولم تكن مسيرة الحارثي طيبة مع المدرب البرازيلي ماركوس باكيتا الذي خلف كالديرون، إذ أبعده عن التشكيلة، سواء في نهائيات مونديال ألمانيا أم في مباريات"خليجي 18"، فغاب اللاعب عن الأنظار كثيراً في هذه المرحلة. وتبدلت الحال منذ وصول المدرب الجديد للمنتخب البرازيلي أنغوس الذي أتاح الفرصة للحارثي مجدداً للمشاركة لاعباً أساسياً في المباريات التحضيرية لنهائيات كأس آسيا الحالية، فنجح في تسجيل هدف في مرمى الإمارات في معسكر سنغافورة الإعدادي. واقتنع المدرب البرازيلي بمستوى الحارثي فضمه إلى التشكيلة في النهائيات الآسيوية، معتمداً عليه في خط المقدمة، على رغم أنه يفضل إشراك ياسر القحطاني ومالك معاذ كأساسيين، لكن بعد هدفه في مرمى إندونيسيا قد يحصل على فرصة اكبر وربما يشارك أساسياً. أبرز مؤهلات سعد الحارثي أنه يعتمد على قدم واحدة هي اليسرى، لكنه يجيد الضربات الرأسية، ويتقن الانطلاق في المساحات ويجيد التمركز داخل المنطقة، فضلاً عن التسديد من مسافات بعيدة. وفضّل المهاجم السعودي إكمال دراسته في المجال الرياضي أيضاً ويستعد بعد البطولة للتخرج من كلية التربية الرياضية في الرياض. يذكر أنه كان تأخر عن معسكر تركيا الإعدادي لهذه البطولة لأيام عدة لأدائه الاختبارات النهائية في الكلية. موهبة الحارثي دفعت بإدارة نادي النصر إلى اعتبار انتقاله إلى فريق آخر خط أحمر، على رغم العمل بنظام الاحتراف في السعودية حالياً، وذلك"لأن جمهور الفريق في الوقت الراهن تركز على وجود هذا اللاعب في صفوف النصر، لأنه الوحيد الذي أقنعه بإمكان تعويض نجوم بحجم ماجد عبدالله أو فهد الهريفي أو محيسن الجمعان".