ما أجمل أن تكتب عن الوطن، كل الوطن، وكل شيء عن الوطن، تكتب عن إخفاقاته بالقدر الذي تكتب عن إنجازاته... تكتب عن انتصاراته، ولكن لا تنسى أيضاً أن تذكر انكساراته، تكتب عن مظاهر التقدم والتطور التي نراها في العديد من جوانبه، ولكن لا بأس أيضاً من ذكر الحقيقة في الضفة الأخرى، إذ مظاهر التخلف. ما أجمل أن تكتب عن الإنسان في هذا الوطن، فهو أهم وأغلى مكونات هذه الأرض الطاهرة... تكتب عن أحلامه وآماله وطموحاته، وكذلك همومه وشجونه وتطلعاته، تتحدث عن الجوانب الايجابية - وهي كثيرة جداً - في شخصيته، ولكن لا تنس أبداً سلبياته، وهي كثيرة جداً أيضاً، ما أجمل أن تكتب بصدق وشفافية وواقعية، فلا توجد مجتمعات ملائكية تماماً، ولا توجد مدن فاضلة بالكامل، ولا توجد شعوب بلا خطايا. إذا آمنت بذلك وقررت أن تنقل ما تراه وتسمعه وتحسه وتعتقده بكل أمانة وصدق، فأنت حقاً تعبر عن الواقع الذي تعيشه، لا تزيفه أو تزايد عليه أو حتى تنقص منه حقاً كما هو جميل، ولكن الأجمل والأروع هو الصدى! نعم الصدى، تلك الموجات الدائرية الجميلة التي تتشكل عادة في المياه الساكنة حينما تُلقي فيها بحجر كبير أو صغير - لا يهم - لتبدأ تلك الدوائر بقطر صغير جداً سرعان ما يكبر ليلامس حافة النهر أو البركة، طبيعة الأشياء والأمور تتفاعل مع بعضها البعض، فقد تنسجم أو تتنافر أو تتوازى، المهم أن التفاعل أو ما يصطلح عليه ب"رد الفعل"أمر حتمي، ويظل الاختلاف دائماً حول الكيفية، أي كيفية رد الفعل، هل جربت عزيزي القارئ أن تُلقي حجراً في بحيرة ساكنة من دون أن تحرك سكونها، أو تحدث فيها بعض التموجات، هل جربت ذلك؟ أنا فعلت، كتبت عن التعليم والرياضة والسياحة والمواصلات والصحافة والأندية الرياضية والأدبية والمراكز الصيفية وهيئة سوق المال وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وكل الهيئات وكل شيء تقريباً في جسد هذا الوطن المنهك، ولكن - وآه من لكن - لا صدى ولا حياة لمن تنادي، وحتى لا يكون الأمر مأساوياً كالمسلسلات الخليجية، وميئوساً منه كعودة سوق الأسهم لسابق عهده، لابد من ذكر الاستثناء، وهذه المرة من وزارة الصحة! كتبت قبل أسبوعين مقالاً عن ثقافة التبرع بالدم والتي بدأت تتنامى وتشكل مشهداً نبيلاً وجميلاً في وجدان المجتمع السعودي، ويبدو أنني قد لامست شيئاً أو حركت سكوناً فجاء الصدى أخيراً، وما أجمله من صدى، رسالة رقيقة مفعمة بالطموح والجدية ومليئة بالحقائق والبيانات من عبدالله بن زامل الدريس وكيل الوزارة المساعد للمختبرات وبنوك الدم ورئيس الهيئة العربية لخدمات نقل الدم. وليعذرني الوكيل إذ ذكرت اسمه هكذا غير مسبوق بدال أو ميم أو ألف أو شين لأنه هو من كتب اسمه هكذا من دون اللجوء إلى أحد تلك الحروف، وهذا شيء رائع يُحسب لهذا الوكيل الرائع الذي لا أعرفه ولكن كم يُشرفني ذلك. واليك عزيزي القارئ جزء من تلك الرسالة قال"...وتناولكم لهذا الموضوع ولمواضيع أخرى من قبل تبين اهتمامكم بما يجري في المجال الصحي، وطرحكم الايجابي لما تتناولونه يدفعنا إلى التفاعل والتجاوب معه تحقيقاً للمصلحة التي نتوخاها جميعاً وهي مصلحة المريض، وعودة لثقافة التبرع بالدم، فقد درجت وزارة الصحة ممثلة في الوكالة المساعدة للمختبرات وبنوك الدم والإدارات التابعة لها على تنظيم حملات للتبرع بالدم في جميع أنحاء المملكة وبين مختلف القطاعات مرات عدة في العام، وإضافة إلى أولئك الذين يتبرعون بدمهم طوعاً عن طريق بنوك الدم المختلفة فان عدد المتبرعين يتجاوز 400 ألف متبرع سنوياً، يحققون للمملكة اكتفاءً ذاتياً من الدم ومشتقاته من دون الحاجة لاستيراده من الخارج، وتشجيعاً وتحفيزاً للمتبرعين، فقد صدر الأمر السامي بمنح الذين يتبرعون عشر مرات وسام الاستحقاق من الدرجة الثالثة، ومن الدرجة الثانية لمن يتبرعون 50 مرة، وقد بلغ عدد الحاصلين على وسام الدرجة الثالثة أكثر من 20 ألف متبرع، أما وسام الاستحقاق من الدرجة الثانية الذي أقر في عام 1422ه فقد حصل عليه نحو 60 متبرعاً. وتحتفي الوكالة المساعدة للمختبرات وبنوك الدم سنوياً بالمتبرعين بإقامة حفلة تكريمية يشرفها وزير الصحة ويتسلم المتبرعون خلالها أوسمة الاستحقاق وشهادات تقديرية لمساهمتهم في هذا العمل النبيل". ويضيف:"أما اليوم العالمي للتبرع بالدم فهو مناسبة سنوية لتكثيف الجهود لا سيما التوعوية منها عبر أجهزة الإعلام المختلفة، كما أقيمت الحفلة السنوية للمتبرعين بالدم بهذه المناسبة تحت رعاية الأمير سطام بن عبدالعزيز نائب أمير منطقة الرياض، كما أن المملكة العربية السعودية ممثلة في الوكالة المساعدة للمختبرات وبنوك الدم تتولى حالياً رئاسة الهيئة العربية لخدمات نقل الدم المنبثقة عن جامعة الدول العربية لدورة ثانية مدتها عامان بعد أن نجحت في تنظيم العديد من الفعاليات والنشاطات خلال الدورة الماضية، كان آخرها المؤتمر العربي السادس والخليجي الثالث لخدمات نقل الدم، وأسأل الله أن يتواصل اهتمامكم بالمجال الصحي، فهو من المجالات الجديرة بأن تشغل حيزاً أكبر وتنال اهتماماً أكثر في وسائل الإعلام". شكراً لك عزيزي الوكيل المساعد على كل تلك الجهود والخدمات التي تشعرنا بالفخر والاعتزاز، وتزيد من مساحة الأمل والثقة بأن الوطن يزخر بالطاقات والكوادر التي تستحق الشكر والإشادة، كما أشكرك أيضاً لأنك تقرأ وتُجيب في زمن قل فيه من يقرأ ويُجيب! [email protected]