من شريط إخباري صغير في أعلى موقع ثقافي منوّع على الإنترنت إلى وكالة رسمية للشعر، تعد الأولى من نوعها في العالم العربي بل والعالم كله، يقف خلف هذا الإنجاز خلف السلطاني صاحب أكبر وأشهر موقع للشعر والثقافة، التقيناه وكان لنا معه هذا الحوار حول قضايا الشعر بعد ثورة"النت"و?"السات"وإقامة المسابقات الشعرية. أذكر أنك قبل سنوات قلت إن أحد السعوديين عرض عليك نصف مليون في مقابل"شظايا أدبية"ورفضت بيعها... اليوم كم سيبلغ ثمنها لو فكرت في بيعها؟ - هذا الكلام صحيح، فلقد تلقينا بعض العروض من أشخاص مهتمين بالشعر والإعلام في الخليج ، ولكننا رفضنا جميع هذه العروض، في ما يتعلق بفكرة بيع الموقع حالياً، فهذه تخضع لشروط معينة يجب أن تكتمل قبل التفكير بمثل هذه الخطوة . ما سبب شهرة موقع شظايا في رأيك؟ - العديد من العوامل أسهمت في شهرة الموقع، أهمها الصدقية، فنحن منذ البدء اعتمدنا على الاحصاءات الدقيقة والصحيحة، فمثلاً.. تدخل بعض المنتديات وتجد عدد المتواجدين ألف شخص، وهذا المنتدى لم يمض على افتتاحه إلا سنة أو سنتين، فمن أين يأتون كل هؤلاء الزوار؟! بينما مواقع أكثر شهرة منهم وأقدم منهم تقل عنهم في عدد الزيارات.. هذا مثال على التلاعب والقفز على عقول الآخرين.. أقول.. إن الصدقية كانت أحد الأسباب، إضافة إلى الأسماء البارزة والأقدمية في الانترنت، والتقنية الجيدة والادارة المؤهلة المنصفة لحقوق الأعضاء، فنحن دائماً نعمل من أجلهم، لا نريد منهم حمداً ولا شكوراً، وأكبر دليل على ذلك أنني شخصياً لا أنشر في منتدى شظايا إلا أقل من 10 في المئة من اجمالي نتاجي الأدبي الذي أنشره في الصفحة التي أشرف عليها في جريدة الشرق ضفاف القاف. وأتعمد ذلك حتى لا توسوس لي نفسي باستغلال منصبي في المنتدى والترويج لنفسي. وكالة أخبار الشعر العربي هل كنت تتوقع أن يتحول شريط عادي في أعلى صفحة شظايا أدبية إلى وكالة كبيرة لها مندوبون ومراسلون في كل مكان؟ - نعم، لقد وضعنا استراتيجية دقيقة لعمل الوكالة، وما وصلت إليه الوكالة اليوم ليس هو الهدف الأخير، نحن نخطط بمشيئة الله أن تصل الوكالة للعالمية وليس فقط للدول العربية، ثم السؤال الأهم لماذا لا نتوقع النجاح.. طالما الفكرة رائعة.. وأسرة التحرير مؤهلة.. والدعم متوافر.. والتقنية عالية.. توافرت العناصر جميعها لنجاح وكالة الشعر الأولى والوحيدة في العالم.. إذن لننجر بعيداً عن عقدة الفشل العربي. هل هناك اتفاق حصري مع قناة الواحة لبث أخبار الوكالة، أم أن هناك نية للتعاون مع قنوات أخرى؟ - قناة الواحة الفضائية هي المحطة الأهم بالنسبة لوكالة الشعر، كونها أول فضائية نتعاون معها، وسيبقى اهتمامنا بالعمل والتنسيق معهم مستمراً إن شاء الله، نحن لم نوقع أي اتفاق قصري لنقل الأخبار، وهناك قنوات فضائية جديدة سنتعاون معها في المستقبل فقط عندما ننتهي من بعض التطويرات الجارية والأفكار الجديدة. ما الإقليم العربي الأكثر نشاطاً في قضايا الشعر والثقافة؟ - دعينا نفصل الأمر ، فالنشاط هنا ينقسم إلى نشاط شعبي، وحكومي، واقليمي، فإذا كنا نتحدث عن الشعب شعراء وأدباء ومثقفين فأعتقد بأن مصر والسعودية الأكثر نشاطاً في الأمسيات والمهرجانات، لكن حينما نتكلم عن الانجازات في مجال الشعر فأعتقد بأن هيئة أبوظبي للثقافة والتراث سبقت الجميع بسنوات ضوئية. أما حينما نتحدث عن أقاليم معينة فأعتقد بأن الساحة الشعبية الخليجية هي الأكثر نشاطاً في الوقت الحالي. هل هناك مكاسب مادية يجنيها خلف السلطاني من وكالة الشعر؟ هناك مثل شعبي يقول صبه ورده يعني بصريح العبارة ما أجنيه من الوكالة وشظايا أعيده إليهما. هل فكرت بتحويل شظايا ووكالة أخبار الشعر العربي إلى قناة فضائية خاصة في هذه الحقبة التي استعرت فيه حمى قنوات الشعر؟ الفكرة موجودة، ولكن أعتقد بأنها في حاجة لدعم كبير، وحقيقة هذا الدعم غير متوافر. على اي حال نحن تميزنا في شبكة الانترنت وهذه الشبكة لها مميزاتها التي تقنعنا وتغرينا بالاستمرار والعمل، وسيبقى أصل نشاطنا فيها حتى لو خرجنا بأشكال أخرى. هل تتوقع الاستمرار في الاهتمام بالشعر الشعبي ام أنه سينطفئ بعد فترة؟ - وهج الشعر لاينطفئ، هو شيء في دواخلنا لانستطيع أن نتجرد منه، وإلا أصبحنا أجساداً بلا روح، قد تهدأ الأجواء فقط ولكنها لا تلبث فتعود من جديد لنشاطها، ففي فترة الثمانينات كانت هناك نهضة شعرية خفتت في التسعينيات ثم عادت من جديد في السنوات القليلة الماضية، وأعتقد بأن برنامج شاعر المليون، وأمير الشعراء كانا شرارة البدء لنهضة شعرية وأدبية مقبلة. ألا تظن أن أهل الخليج العربي يحمّلون الشعر الشعبي أكثر مما يحتمل، وأنه في النهاية لهجة ستنقرض وتظل اللغة الفصحى وحدها... كما هو حال المعلقات الجاهلية وغيرها من الشعر التي لم تحفظها إلا الفصحى؟ - سؤالك أختي ريمية هذا أعجبني وهو ذو شجون فاسمحي لي التفصيل فيه، أولاً: بالفعل لقد تجاوز الشعر الشعبي مؤطراته المنطقية، فأصبح لدينا اليوم الشاعر الشعبي، والناقد الشعبي، والمحرر الشعبي، والإعلامي الشعبي، والتاجر الشعبي الذي يستثمر أمواله في هذا المجال، وأصبح لدينا القنوات الفضائية الشعبية وأصبح لدينا الصحف والمجلات والمهرجانات وغيرها من الأمور الخاصة فقط بالشعر الشعبي، حتى أنني وجدت موقعاً لاحد شركات التصميم في شبكة الانترنت وكتب نحن متخصصون في تصميم مواقع الشعر الشعبي!!، وتجاوز الشعر الشعبي حدوده فشطح إلى سياسات الدول ورموزها، وتعمق في الشعوب الخليجية حتى فرق بين قبائلها، وتطاول في قيمته حتى أصبحت أكبر الشركات تتنافس في مجاله.. فقط لنتأمل بما يحدث حولنا فنحن في قلب الحدث.. ما الذي يعنيه ذلك؟ السؤال على هذا الجواب بحاجة لدراسة متعمقة لنعلم إن كنا نحن من حملنا الشعر أم الشعر حملنا ما لا طاقة لنا به. ثانياً: في ما يتعلق باللهجة والهوية ، فالحقيقة نحن معشر الشعراء الشعبيين نسهم من دون أن نعلم في مشروع ضخم، يهدف لطمس الهوية العربية من خلال تغريب لغتها الأم، فتزايد جماهيرية الشعر الشعبي على حساب الشعر الفصيح هو بالضرورة تزايد الاهتمام باللهجة المحلية على حساب اللغة العربية الفصيحة، وهذا ? مع الوقت ? سوف يترتب عليه أثار سلبية كثيرة. ثالثاً: وأما في ما يتعلق بانقراض الشعر الشعبي فأعتقد أننا نتجه إلى غير ذلك، فاليوم إن أردت أن تخلد ذكرى أو تشهر حدثاً أو تمتدح رمزاً، فاكتب فقط بالشعر الشعبي، إنها لغة الغناء والأغنياء. يعتبر الشعراء السعوديون والجمهور السعودي الأكثر أهمية في المسابقات والنشاطات الفنية والأدبية، في رأيك لماذا لا توجد في السعودية مهرجانات ثقافية وشعرية ومسابقات ذات شهرة كبيرة مثلما يحدث في أبوظبي والبحرين والكويت؟ - الساحة السعودية بلاشك هي الأكبر، ولقد صدمت فعلاً عندما علمت بإلغاء الشعر الشعبي في مهرجان الجنادرية السعودي قبل سنتين، وحتى عندما أعيد في المهرجان من جديد أجد أن الشعر الشعبي يتخلله على استحياء. المسببات حقيقة أجهلها، ولكنني على يقين من أن السعودية ستكون منافساً قوياً لو طرحت مشاريع مشابهة ل?"شاعر المليون"و?"أمير الشعراء". هل فكرتم في تنظيم مسابقات شعرية ونقدية على مستوى"أفضل دراسة نقدية"أو"أفضل مجموعة شعرية"؟ - سبق أن نظمنا مسابقة على مستوى الخليج، وهي مسابقة"صدى الحرمان"للإبداع الشعري، وشاركت في هذه المسابقة التي انطلقت من موقع شظايا العديد من الصحف والمجلات الخليجية، وحصل على المركز الأول فيها الشاعر زايد الرويس. ورصدت لها جوائز قيمة. وفي الوقت الحالي ليست لدينا نية لمثل هذه المسابقات، فهناك الكثير منها في الساحة، ولكن قد نخرج بفكرة أخرى قريبة من المسابقات ما زالت قيد الدرس. هل"وكالة الشعر"هي الوكالة الوحيدة من نوعها في العالم كله كما يقال؟ - ما أعرفه شخصياً أنه لا توجد أية وكالة أنباء رسمية خاصة بالشعر في العالم.. ووكالة أنباء الشعر العربي هي وكالة رسمية مسجلة ومعترف بها كمؤسسة إعلامية. هل تتوقع أن يأخذ الشعر زخماً أكبر في الأعوام المقبلة ويستعيد رسالته الاجتماعية والسياسية في حياة العرب، أم سيظل كما هو الآن مادة ترفيهية؟ - من ضمن إيجابيات مسابقة"شاعر المليون"أنها فعّلت هذا الدور في الشعر الشعبي، ولقد ظهر لنا شعراء يتغنون بالوطن والأمة والعروبة، ولقد أسعدني هذا الأمر كثيراً، وجعلني أتفاءل في ما يتعلق بالرسالة الأولى للشعر في حياتنا، ومن وجهة نظري الشخصية أعتقد أن الشعر لن يحقق هذه الرسالة بالشكل المطلوب على الأقل في الوقت الراهن، ولكنني أتمنى فقط أن يدور قريباً منها ولا يتجه لنواح سلبية أخرى. العرف الاجتماعي قتل المرأة المبدعة وحرمها فرصة الحياة وحيوية الحضور والمشاركة في المشهد الفضائي... ما رأيك؟ - مقارنة بالماضي.. لا أعتقد ذلك، فأخيراً ظهرت العديد من الأمسيات الشعرية الخاصة بالنساء، وكذلك شاهدنا عدداً من الشاعرات يشاركن في مهرجانات ومسابقات نقلت على الفضائيات العربية، وظهرت محررات وصفحات شعرية خاصة بالنساء، وعلى أية حال أطمئن جميع الشاعرات إلى أن التوجه الحالي في جميع المجالات لمصلحتهم، هي فقط مسألة وقت في ما يتعلق بالشعر الشعبي، كونه مرتبطاً بطبيعة الحال بالعرف والعادات والتقاليد الاجتماعية. المال وحده قادر على جذب الجمهور، ومن دون مال لا جماهير ولا أهمية للثقافة ككل؟ - على رغم صحة العبارة أعلاه إلا أنني مضطر لنفيها. ثم أقول.. لا تعليق، لأن الاجابة على هذا السؤال تورّط في المحظور! هناك تهميش للشعر الحديث، والجمهور أجبر الإعلام على الاهتمام بالتقليدي المكرر المعاد، بكل الفكر المتخلف الذي يحمله، ما يكرّس الجهل والفكر الأميّ، هل توافق على هذا الرأي؟ - دائماً أردد أن الجمال موجود في حدود الخط الفاصل بين التقليدية والحداثة، فأي نزول إلى التقليدية تخلّف وأي صعود إلى الحداثة تكلّف. ماذا تقول للشعراء السعوديين والجمهور السعودي في نهاية الحوار؟?