تتمتع إجراءات الأمن والسلامة في المنشآت النفطية السعودية بدرجة عالية من الكفاءة، وتشكلت هذه الكفاءة من استراتيجية واضحة لدى مصممي الشركة بأن تتم مراعاة هذه الجوانب في أساسيات عملهم، لذلك تفخر"أرامكو"بهذا الجانب الذي يضمن حماية متينة لمنشآتها من الحوادث بما فيها الأعمال الإرهابية. وعلى رغم هذه الاحتياطات الأمنية، فإن المنشآت النفطية من أهم الأهداف التي خطط الإرهابيون في اعترافاتهم أمس لضربها، معتبرين نتائجها أشد وقعاً على العالم من أحداث 11 أيلول سبتمبر، إذ إن الأمر يتعلق بمصدر الطاقة الأكبر، كما أن العمليات ستكون في عدد من المواقع الاستراتيجية كبقيق والجبيل والخفجي، وهي منشآت نفطية استراتيجية، وبتفجيرها سيعاني العالم بأكمله، وسيحدث زلزال في الاقتصادي الدولي. وإذا كانت حادثة استهداف معامل تجميع النفط في بقيق الهدف النفطي الأول للأعمال الإرهابية لما يسمى"تنظيم القاعدة"، إلا أنها كشفت عن استعدادات كبيرة لدى الأمن السعودي وشركة أرامكو لحماية المنشآت النفطية التي تعتبر الأكبر في العالم. ووصف الخبير النفطي نائب رئيس شركة أرامكو السعودية سابقاً المهندس عبدالعزيز الحقيل في حينها، إجراءات السلامة والأمن التي تتمتع بها المنشآت النفطية التابعة لشركة أرامكو بأنها أثبتت أعلى درجات الكفاءة أمام الحادثة الإرهابية التي وقعت.وأوضح ان اجراءات الأمن والسلامة في المنشآت النفطية تم وضعها وفق تخطيط استراتيجي دقيق بحيث تكون آمنة من الحوادث الفنية والأمنية، وهذا التخطيط وضع منذ السبعينات في القرن الماضي، وهو يراعي أقصى درجات السلامة في المنشآت، كما ان رجال الأمن في السعودية وكذلك في شركة"أرامكو"على مستوى رفيع من الكفاءة والتدريب، لمواجهة مثل هذه الأمور التي سبق الاستعداد لها. وذكر الحقيل أن المنشآت في"بقيق"تحتوي على نحو 10 معامل، وكل معمل منفصل عن الآخر بمسافة كبيرة، بحيث لو حدث أي طارئ لأحدها لا يؤثر في البقية. وأشار إلى أن كل واحد محاط بجدار امني يحجز النفط المتسرب منه في حال الحوادث أو التسربات ويمنع وصوله إلى المنشآت الأخرى، فضلاً عن وجود بوابات أمنية عدة يحتاج أن يتجاوزها الموظف قبل الوصول إلى المعامل. وقال إن"هذه الإجراءات متخذة في جميع المنشآت النفطية في السعودية". وأضاف أن إجراءات السلامة والأمن التي تتبعها"أرامكو"توفر الأمن والسلامة للمنشآت وتعالج في الوقت نفسه الحوادث التي تقع بسرعة، وتكون أضرارها محدودة، ويمكن علاجها بأقل كلفة. كما أشار إلى أن المنشآت النفطية في بقيق تحتوي على نحو 17"استبلزيشن كلم"معامل إزالة الغاز و?"ثاني أكسيد الكربون"و?"كبريتيد الهيدروجين"، وأن كلاً منها منفصل عن الآخر بمسافة كافية توفر السلامة والأمن، وتعتبر وحدة مستقلة لا تتأثر بالأخرى، ولديها أصول سلامة وأمن صارمة واحتياطات عالية، إضافة إلى أن الموظفين مدربون على التعامل مع مختلف أنواع الحوادث وفي جميع الظروف. وأكد أن استراتيجية"أرامكو"تهتم بشكل أساسي بالمخزون الاستراتيجي من قطع الغيار والأجهزة الحساسة والرئيسة، ولدى الشركة مخازن مخصصة لذلك، بحيث يمكنها الاستعانة بها لمواجهة أي عطل أو طارئ، ولديها الإمكان للتعامل معها بأقل الخسائر وفي أسرع وقت. ولا يستغرب تأثر السوق العالمية بالمعلومات التي تنشر عن وقوع حادثة غير طبيعية في إحدى المنشآت النفطية السعودية، باعتبار تمتع السعودية بأكبر طاقة إنتاجية بين الدول المصدرة، وان أية حادثة من هذا النوع لأي منشأة حيوية ستؤدي إلى نقصان في المعروض، ما يسبب نقصاً في الإمدادات، خصوصاً أن السعودية تتعامل مع نحو 11.5 مليون برميل من النفط. وأكد الخبير النفطي أهمية أن تعرف السوق العالمية ما تمتلكه شركة"أرامكو السعودية"من إمكانات وكفاءة تسهم في ثقة السوق بقدرة السعودية على مواجهة أي طارئ ربما يحدث، وبالسرعة التي تمكنها من المحافظة على استمرار الإنتاج بصورته الطبيعية. مواجهة إرهابية"افتراضية" قبل يوم من الاعترافات نفذت الجهات الأمنية أول من أمس، فرضية لمواجهة عملية إرهابية تستهدف منشأة نفطية في رأس تنورة، تكريساً لحالة الاستعداد الدائم في مواجهة الهجمات الخطرة. وتعد الفرضية الثانية التي تجريها الجهات الأمنية خلال أقل من ستة أشهر، والأولى بعد إعلان وزارة الداخلية قبل نحو أسبوعين تفكيك خلايا تابعة لما يسمى"تنظيم القاعدة"، كانت إحداها تخطط للقيام بعمليات انتحارية إرهابية ضد منشآت نفطية وقواعد عسكرية. والملفت لهذه الفرضية أنها تقمصت الأسلوب الذي يتبعه الإرهابيون في مهاجمتهم لأهدافهم، إذ تمثلت في هروب سيارة مفخخة من نقطة تفتيش أمام مدخل المعمل، وقيام الإرهابيين بإطلاق النار على رجال أمن المنشآت المكلفين بحراسة بوابات المعمل، وأحبط رجال الأمن تفجير السيارة ذات الدفع الرباعي، والتي كان على متنها نحو أربعة أشخاص، حاولوا الدخول إلى المعمل، وعثرت الجهات الأمنية في السيارة بعد إيقافها والقبض على الإرهابيين على مجموعة من الأسلحة والقنابل اليدوية. وتهدف الفرضية التي سبقتها بأشهر عملية فرضية أخرى في بقيق، إلى درس الخطط والتجهيزات والإمكانات للتعامل مع الحوادث التخريبية أو الإرهابية في حال حدوثها، وتعزيز قدرات الأجهزة المشاركة فيها. يذكر أن توفير الأمن للمنشآت النفطية تشارك فيه فرق من الأجهزة الأمنية التابعة لوزارة الداخلية، وأخرى تابعة لوزارة الدفاع والحرس الوطني، إضافة إلى نحو خمسة آلاف من منسوبي"الأمن الصناعي"التابعين لشركة"أرامكو السعودية".