تبقى المنشآت النفطية السعودية"عصية"على الأعمال الإرهابية التي يقوم بها تنظيم"القاعدة". ولا يعد الهجوم الانتحاري"الوشيك"الذي أعلنته وزارة الداخلية أمس، وذكرت أنه"يستهدف منشأة مساندة في المنطقة الشرقية، كانت تخطط له خلية مكونة من ثمانية أشخاص، يقودهم أحد المقيمين في السعودية"، الأول الذي تحبطه الأجهزة الأمنية، إذ سبقته محاولات خططت لها"القاعدة"مستهدفة منشآت نفطية في المنطقة الشرقية، بيد ان الأمن استطاع إجهاضها قبل حدوثها، أو فشلت في الوصول إلى هدفها، بسبب الإجراءات الصارمة التي تطبقها الأجهزة الأمنية وشركة أرامكو السعودية. وأشار بيان وزارة الداخلية إلى أن الخلية تم تجهيزها لتكون"انتحارية"، إذ تم تجنيد أفرادها وتهيئتهم كانتحاريين يقومون بتنفيذ العملية، وهو الأسلوب الذي تتبناه"القاعدة"في عملياتها التي تنفذها في مختلف دول العالم. إذ أعلنت مراراً عزمها استهداف المنشآت النفطية السعودية، والتخطيط للقيام بعمليات ضدها، وهو ما أكده الناطق الأمني في وزارة الداخلية السعودية اللواء منصور التركي ل"الحياة"في وقت سابق، إذ أوضح أن"المملكة تتخذ الإجراءات الأمنية كافة، لحماية المنشآت النفطية من التهديدات الإرهابية". وأشار إلى أن"التهديد الإرهابي للمنشآت الاقتصادية في المملكة قائم وموجود، وهو هدف معلن للفئات الضالة للتأثير في مصالح البلاد والمواطن السعودي، وهو من الاحتمالات الأساسية في استراتيجية العمل الأمني لمكافحة الإرهاب في البلاد". وأكدت السعودية أن رجال الأمن وكذلك"أرامكو السعودية"على مستوى رفيع من الكفاءة والتدريب، لمواجهة مثل هذه الأمور التي سبق الاستعداد لها، كما أن المستوى الأمني والسلامة في المنشآت النفطية، تم وضعهما وفق تخطيط استراتيجي دقيق، بحيث تكون آمنة من الحوادث الفنية والأمنية، وان هذا التخطيط وضع منذ سبعينات القرن الماضي، وهو يراعي أقصى درجات السلامة في المنشآت، إضافة إلى وجود نحو خمسة آلاف رجل أمن تابعين لشركة أرامكو السعودية، يتولون حماية منشآت الشركة، وتلقوا أخيراً دورات متقدمة في مواجهة العمليات الإرهابية، والتعاطي مع المتفجرات في جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية في الرياض. يذكر أن أخطر العمليات الإرهابية التي استهدفت المنشآت النفطية في السعودية، وقعت في 24 شباط فبراير 2006، ضد المنشآت النفطية في بقيق، وبدأت العملية الجمعة 26 من محرم 1427ه، بقيام مجموعة من الإرهابيين يستخدمون سيارتين بتنفيذ الهجوم على مجمع بقيق، وانفجرتا بعد تبادل إطلاق النار مع الأمن في الموقع، ما أسفر عن إصابة اثنين من رجال الأمن بإصابات بالغة، وكانت محاولتهم الدخول إلى معامل بقيق الصناعية من إحدى البوابات الجانبية، وعند اشتباه رجال الأمن بهاتين السيارتين تم تبادل إطلاق النار معهما، فانفجرتا بالقرب من المدخل، واقتصرت الأضرار على حريق محدود تمت السيطرة عليه في حينه، ولم يكن هناك أي تأثير في عمليات الإنتاج، وأدى العمل الإرهابي إلى ارتفاع طفيف في أسعار النفط العالمية، إذ أعلنت المملكة في حينها تفاصيل الحادثة، وأن أياً من المنشآت النفطية لم يتضرر، بسبب الإجراءات الأمنية على المواقع المهمة. وصنفت هذه العملية ضمن أخطر العمليات التي قامت بها"القاعدة"في المملكة، إذ تعتبر المنشآت النفطية في منطقة بقيق من أهم المواقع، وتضم معامل بقيق أكبر مرافق معالجة الزيت في"أرامكو السعودية"وأكبر معمل لتركيز الزيت الخام في العالم، وهي تلعب دوراً محورياً في الأعمال اليومية في"أرامكو السعودية". وبقيق هي المركز الرئيسي لمعالجة الزيت الخام العربي الخفيف جداً والخفيف، وتزيد الطاقة الإنتاجية لمعاملها على ستة ملايين برميل في اليوم. ويتم تركيز الزيت الخام بالتحكم في مستويات ما يحتوي عليه من الغاز المذاب وسوائل الغاز الطبيعي وكبريتيد الهيدروجين، وبعد الانتهاء من عملية التركيز يكون الزيت الخام جاهزاً للنقل. وتتم في معامل بقيق معالجة 70 في المئة من إنتاج"أرامكو السعودية"من الزيت الخام، وتتماشى معدلات الخام التي تضخ عبر معامل بقيق مع أهداف الإنتاج التي تضعها إدارة تخطيط وتنظيم وتوريد الزيت في الشركة. ويرى مراقبون أن إعلان وزارة الداخلية عن العملية، هو تأكيد منها على مدى اطمئنانها للجاهزية الأمنية التي تتمتع بها المنشآت النفطية السعودية، ومقدرتها على إحباط العمليات أثناء التخطيط لها بعمليات استباقية، أو إفشالها أثناء التنفيذ، بسبب القدرات التي يتمتع بها الأمن الذي يقوم بحماية أكبر منشآت نفطية في العالم.