لم تثن التعزيزات الأمنية التي تحيط بالمواقع والمنشآت النفطية والصناعية كافة في المنطقة الشرقية، «تنظيم القاعدة» من جعلها في دائرة استهدافه. وبقيت حاضرةً ضمن المواقع الرئيسة المستهدفة بالنسبة لخلاياه «النائمة». وبدا ذلك مؤكداً من خلال العملية الاستباقية التي نفذتها قوى الأمن السعودي، وأسقطت 101 عنصر في عدد من المناطق، إضافة إلى خليتين انتحاريتين منفصلتين عن بعضهما البعض، تتكون كل منهما من ستة مطلوبين، تم القبض عليهم أخيراً، في الشرقية، بعد انتهائهم من عمليات التدريب الخارجية، واستعدادهم لتنفيذ الهجمات ضد تلك المنشآت النفطية. إصرار عناصر التنظيم على القيام بتلك العمليات يعود إلى هدفين رئيسين، أحدهما «قريب»، والآخر «بعيد المدى»، بحسب ما ذكره الإعلامي المتخصص في شؤون القاعدة فارس بن حزام، الذي أشار إلى أن «استهداف المنشآت النفطية بما تحيط بها من وسائل حماية برية وبحرية وجوية، حلم تسعى «القاعدة» إلى تحقيقه، باعتبار أن النفط المورد الاقتصادي الأول للسعودية. وفي حال نجح عناصر التنظيم في الوصول إلى تلك المنشآت لتنفيذ عملياتهم فيها، فإن البنية الاقتصادية السعودية ستتأثر، وبذلك يتم تحقيق الهدف القريب». واعتبر المواجهات التي تنفذها قوى الأمن السعودي ضد الإرهابيين، «غير مجدية وملفتة بالنسبة للتنظيم أمام العالم، في محاولة لاستدراج القوات الأميركية للمنطقة، في حال فشلت قوى الأمن السعودي في حماية منشآتها النفطية كهدف آخر بعيد المدى، ما يوسع من قاعدة المتعاطفين معهم في المنطقة»، واصفاً الهدفين ب «المستحيل تنفيذهما». وعدّ مراقبون استهداف التنظيم للمنشآت النفطية والسعي إلى تدميرها، «تحولاً جذرياً لأهداف التنظيم، تم الكشف عنه بعد مواجهة «المباركية» التي وقعت في أيلول (سبتمبر) 2005، في الدمام. وكشفت المواجهة نقطة تحول «صريحة» لأهداف عناصر التنظيم في السعودية بعد استهدافهم مقيمين من دول أوروبية وأميركية، إضافة إلى المنشآت الحكومية التي تم استهدافها في عمليات سابقة. وتم تأكيد ذلك التحول بعد عمليات تطهير وتفتيش أعقبت عملية «المباركية» آنذاك، بعد العثور على أسلحة ومتفجرات، إضافة إلى أجهزة حاسب آلي، وخرائط في شقة حي «السلام» في الدمام، التي تم الكشف عنها في تموز (يوليو) 2006، والتي استهدفت المنشآت النفطية الموزعة في المنطقة الشرقية، وعدداً من المنشآت في مدينة الجبيل الصناعية. وبدأ التنظيم محاولته لتنفيذ تلك المخططات بهجومه على معامل النفط في محافظة بقيق في شباط (فبراير) 2006. وعززت هذه العملية درجة التأهب والاستعداد في المنشآت النفطية والصناعية، وتم تعزيز الاحتياطات الأمنية فيها، من خلال الحواجز الخرسانية، وأجهزة المراقبة عن بعد، وتوفير «الكاميرات الحرارية» في محيطها الخارجي، إضافة إلى عمليات التمشيط الأمني المستمرة التي تتم في شكل مُكثف. وقامت الأجهزة الأمنية بالتنسيق مع شركة «أرامكو السعودية» وعدد من المنشآت الصناعية، لتنفيذ عدد من الفرضيات لمواجهة أعمال إرهابية، ففي كانون الأول (ديسمبر) 2006، تم تنفيذ فرضية اقتحام إرهابيين لمعمل تكرير النفط في محافظة بقيق، إضافة إلى أخرى مشابهة تمت في نيسان (أبريل) 2007، في مصفاة رأس تنورة، كشفت عن «جاهزية» المنشآت النفطية، لمواجهة أي هجوم إرهابي مُحتمل. وتحظى المنشآت النفطية في السعودية عموماً، والمنطقة الشرقية تحديداً، بحماية مشددة، تقوم بها فرق من أجهزة الأمن الداخلي بمختلف قطاعاتها، والحرس الوطني، وفرق تابعة لوزارة الدفاع والطيران، بمختلف أفرعها البرية والجوية والبحرية، إضافة إلى منسوبي «الأمن الصناعي» التابعين لتلك المنشآت، لحمايتها من أي هجوم مُحتمل.