تنظر المحكمة الجزئية في منطقة الباحة قضية شاعر متخصص في الغزل الماجن، والتشبيب الفاضح بالفتيات والغلمان في مقطوعات شعرية نبطية، تناول فيها أسماء أسر وعائلات في قرى المنطقة، ولاقت رواجاً متسارعاً في أوساط المراهقين، بعدما تولى أصدقاؤه والمعجبون بشعره التسويق لأبياته ونصوصه المخترقة حدود الإبداع، المتجاوزة سياج الأدب، حتى غدت قصائده حديث المجالس، إثر تبادلها بين الشبان والفتيات عبر رسائل"البلوتوث". وعلى رغم محاولات الشاعر المتهم إنكار التهمة الموجهة إليه من الادعاء العام، إلا أن الأدلة الجنائية أثبتت من خلال تحليل النبرات ومخارج الحروف تشابه الصوت المسجل على أجهزة الجوال إلى حد التطابق مع صوت الشاعر. وأكد مصدر أمني ل?"الحياة"أن الدعوى المقدمة ضد الشاب ت ل 29 عاماً من شقين، أحدهما مرتبط بالحق الخاص، ويتمثّل في دعوى تقدم بها المتضررون من الشاعر، وطالبوا قاضي المحكمة الجزئية بتطبيق حد القذف الشرعي بحقه لتعرضه لهم بالتجريح، والتطاول على أعراضهم بالسب والقذف الصريح، ما ألحق بهم التشهير المدرج ضمن قانون العيب في أعراف القبيلة. وأضاف أن الشق الآخر من الدعوى ستتولاه هيئة الادعاء العام، التي ستطالب بمعاقبة الشاعر على خروجه عن الذوق العام، والتلفظ بألفاظ نابية في قصائده. وأنكر الشاعر التهم الموجهة إليه. وادعى الجهل بالشعر ونظمه، وجعل من حاجز العداء المسبق بينه وبين خصومه جسراًً لتجاوز الأزمة، ما دفع المحكمة لتأجيل النظر في القضية، ومنح المدعين فرصة إثبات الدعوى. وأوضح أحد المتابعين للشأن العام في الباحة أن ظاهرة القصائد الهجائية المجهولة المصدر في تزايد في المنطقة، مسجّلة سبقاً في نقد بعض المسؤولين والإدارات، ومخلّفة للأهالي والسلطات الرسمية حمى التوقعات والتخمينات. وحفظ التاريخ العربي والإسلامي نماذج لمحاكمة الشعراء والمبدعين، بدءاً من مقاضاة الخليفة الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه للشاعر الهجّاء الحطيئة في صدر الإسلام، وسجنه في غرفة مظلمة، ليسترحمه بقصيدته الشهيرة: ماذا تقول لأفراخ بذي مرخ ، زغب الحواصل لا ماء ولا شجر ومحاكمة الشاعر الحلاج التي فقد بسببها حياته، مروراً بأبي نواس الذي لم ينج من سطوة نديمه وولي نعمته الخليفة هارون الرشيد. وتعليقاً على إجراءات القضية المنظورة في"جزائية"الباحة، أوضح رئيس المحكمة الجزئية في محافظة جدة القاضي عبدالله العثيم"أن كل خارج على الآداب والأعراف وقيم المجتمع يستحق التأديب، إلا أنه أكد أن حق المطالبة بحد القذف خاص بالمقذوف، مع احتفاظ ولي الأمر بسلطته في معاقبة المتطاول، محافظة على أمن البلاد وطمأنينتها.