كشف الشاعر الفلسطيني الدكتور أحمد الريماوي أن الأسر والسجن والمعاناة، كانت ملهماً دوماً للشعراء العرب في حبسهم مثل أبوفراس الحمداني في قصيدته «أراك عصي الدمع شيمتك الصبر»، التي غنتها لاحقاً أم كلثوم، والشاعر الحطيئة في العصر الإسلامي عندما استعطف من سجنه الخليفة عمر بن الخطاب، بقوله: «ماذا تقول لأفراخٍ بذي مرخٍ/ زغبُ الحواصلِ لا ماءٌ ولا شجرُ ؟ غادرْتَ كاسبَهم في قعر مُظلمة/ فارحم هداك مليكُ الناس يا عمرُ». وأوضح الشاعر الريماوي خلال الأمسية الثقافية في مقر اللجنة الشعبية بالرياض أول من أمس، التي قدمها رئيس اللجنة الدكتور عبدالرحيم جاموس، وكانت بعنوان: «الأسر والسجن في الأدب الفلسطيني»، أن عدداً من المجلات والصحف النضالية الثقافية الفلسطينية صدرت سراً من السجون، منها «الملحق الأدبي»، ومجلة «نفحة الثورة»، ومجلة «الصمود الأدبي» في معتقل عسقلان، ومجلة «صدى نفحة»، ومجلة «الهدف الأدبي»، ومجلة «إبداع نفحة». ولفت إلى أن من أشهر القصائد التي راجت في ذلك الحين، «هنا باقون» لتوفيق زيادة، وفيها يقول: بأسناني سأحمي كل شبر من ثرى وطني، و«سجل أنا عربي» لمحمود درويش، وفيها يقول: سجِّل! أنا عربي/ ورقمُ بطاقتي خمسونَ ألفْ/ وأطفالي ثمانيةٌ/ وتاسعهُم.. سيأتي بعدَ صيفْ/ ! فهلْ تغضبْ؟/ سجِّلْ/ ! أنا عربي/ وأعملُ مع رفاقِ الكدحِ في محجرْ / وأطفالي ثمانيةٌ». وأشار إلى أن «خطاب في سوق البطالة (يا عدو الشمس)» لسميح القاسم، ومنها: ربما أعرض للبيع ثيابي وفراشي/ ربما أعمل حجاراً، وعتالاً، وكناس شوارع/ ربما أبحث، في روث المواشي، عن حبوب/ ربما أخمد عريانا، وجائع/ يا عدو الشمس لكن لن أساوم». وأضاف الريماوي قائلاً: «إن راشد حسين، ومعين بسيوسو، وإبراهيم طوقان وفدوى طوقان، وكذلك عبدالرحيم محمود وسامي الكيلاني، تميزوا في الكتابة عن شعر السجن والمقاومة». ولفت إلى أن عدداً من السجناء كان يستثمر كل شيء داخل السجن بطرق فنية إبداعية، منها علب وأعقاب وأوراق السجائر لكتابة القصائد خصوصاً الرمزية منها، وتسريبها للعائلة والرفاق، موضحاً أن إدارة المعتقلات الإسرائيلية «سمحت بإدخال الورقة والقلم للسجناء الفلسطينيين، بعد إضرابات ومناشدات دولية استمرت أعوماً عدة». وقال الريماوي إن القدس كانت دوماً حاضرة في أشعاره الخاصة، ومنها «من بابِ الرَّحْمَةِ... بابِ الأَسْباطِ/ لِباب الساهِرَةِ المُحْتاطِ/ لِباب مَغاربةٍ مَعْهودٍ... كانَ وكانْ/ يُدْعَى سُلْوانْ/ لِباب السِّلْسِلَة المَشهودِ/ لِباب العامودِ المَنْشودِ – لِبابِ النَّصْرِ/ – وسِرْبُ النِّسْوَةِ يَعْرِضْنَ سِلالَ التِّينِ/ وأَقْفاصَ الصِّيصَانِ/ يَبِعْنَ زَغَالِيلَ كما لو كانت بالمَجَّانِ».