عندما يأتي الحديث عن فريق الوحدة السعودي الذي يقع في أقدس بقاع الأرض مدينة مكةالمكرمة، فإن الإنسان سيبقى محتاراً أمام جملة من المواضيع المهمة ذات النواحي الإيجابية المضيئة التي تستحق التوقف والتحدث بإسهاب، وسيكون الاحتيار في كيفية اختيار الموضوع وطريقة طرحه سواء كان ذلك مرتبطاً بالزمن الماضي الجميل أو بلغة الوفاء والأوفياء أو بروعة الجيل الحالي أو بوقفة الجماهير الوحداوية الكبيرة والغفيرة التي واصلت التشجيع والمؤازرة ولم تبعدها سنوات الانتظار الطويلة عن منصات التتويج وكانت العلامة الفارقة والمميزة في مسيرة الكيان الأحمر العريق. من"الفرسان"تحديداً ومسوياتهم الأدائية الراقية ونتائجهم الرائعة واعتلائهم لصدارة الترتيب حتى الآن في أقوى وأشهر دوري عربي على الإطلاق سطع نجم مدافع كبير وموهبة كروية من طراز رفيع أبهرت النقاد والمحللين والرياضيين بإمكاناتها الفنية العالية وقدراتها البدنية الهائلة وقوتها وصلابتها وحماستها وثباتها وروعة أدائها على المستطيل الأخضر، وهي موهبة المدافع الدولي الأسمراني أسامة هوساوي صخرة الدفاع الحمراء في صفوف"الفرسان". ولم تكن بدايات هوساوي مثل بقية زملائه اللاعبين في الوحدة والفرق الأخرى، إذ ولد في إمارة رأس الخيمة في الإمارات في 24-6-1404ه، خلال فترة عمل والده هناك، وعندما عاد مع أسرته إلى مكةالمكرمة بدأ مزاولة معشوقته كرة القدم في حواري العاصمة المقدسة وسجل في كشوفات فريق الوحدة من خلال درجة الناشئين، ومن يومها انطلقت مسيرته الكروية رسمياً مع"الفرسان"التي لم تكن ذات بوادر مشجعة في البداية على اعتبار الصعود والهبوط المتكرر لصغار الوحدة وعدم ثباتهم واستقرارهم في الممتاز مثل الفرق السعودية الكبيرة الأخرى. وبعد صعوده إلى فريق الشباب الوحدة كانت مشاركات هوساوي متفاوتة وعلى درجات مختلفة، فتارة يلعب أساسياً وتارة أخرى يكون في الاحتياط وأحياناً في المدرجات، وكانت البوادر الأولية تشير إلى محدودية أدائه وعادية عطائه، خصوصاً انه شارك آنذاك في مركز المحور، وفي بعض الأوقات في خانة الظهير الأيمن، وهو ما جعل الجماهير الوحداوية لا تتنبأ له بمستقبل باهر ومشرق مع"الفرسان"في حال انضمامه إلى الفريق الأول، عطفاً على مردوده الفني والمهاري مع الأحمر الشاب. وعلى العكس تماماً تفجرت موهبة وطاقات المدافع أسامة هوساوي مع كبار"الفرسان"، ويعود السر في ذلك إلى المدرب التونسي السابق لطفي البنزرتي ومساعده الوطني حاتم خيمي اللذين اكتشفا بعيون الخبراء أن اللاعب خامة دفاعية ممتازة وقامة فنية مميزة في قلب الدفاع، من شأنها أن تحل المشكلات الدفاعية وتعالج الثغرات الخلفية التي اشتكى منها الفريق الوحداوي طوال مشاركاته في السنوات السابقة، فبرز هوساوي في شكل ملفت للأنظار ولمع نجمه بين الكبار ونجح من خلال فترة قصيرة في أن يكون المدافع الصلب الأول الذي يرعب أي مهاجم ويشل حركة أي هداف ويخشاه أي لاعب يريد التسجيل وهز الشباك والشواهد كثيرة، وتشمل في أبرز وأميز المهاجمين السعوديين ياسر القحطاني ومالك معاذ وبشير والحارثي الذين راقبهم هوساوي وحرمهم من الوصول إلى مرماه ومعانقة شباك"الفرسان". واصل هوساوي مستوياته الأدائية المبهرة في آخر موسمين كرويين، وأسهم كثيراً في انتصارات"فرسان مكة"في الاستحقاقات المحلية كافة، وأصبح المدافع العملاق الذي تتغنى به الجماهير الوحداوية في المدرجات وتهتف باسمه وتتفاعل مع كل كرة يشتتها وكل هجمة يقطعها وكل سحبة دفاعية يبدع فيها، حتى نال إعجاب مدرب الأخضر البرازيلي ماركوس باكيتا الذي سارع إلى ضمه لقائمة الصقور الخضر في التصفيات الآسيوية الأولية المؤهلة إلى نهائيات كأس آسيا مع بقية الكوكبة اللامعة، وجاءته الفرصة على طبق من ذهب في"خليجي 18"الأخيرة عندما شارك أساسياً في لقاء الدور نصف النهائي أمام أصحاب الضيافة منتخب الإمارات وأبدع هوساوي في ليلتها وكان من نجوم المباراة، وأثبت على أرض الواقع وبالدليل القاطع والبرهان الساطع انه مشروع مدافع دولي كبير سيكون في المستقبل القريب بإذن الله أفضل وأبرز وأميز مدافع سعودي على مستوى المحلي وربما على الصعيد العربي على حد سواء. ويلعب هوساوي ابن ال 23 ربيعاً بألقاب عدة في الأوساط الوحداوية منها جنرال الدفاع الوحداوي، وبرج المراقبة الحمراء، وصخرة الدفاع التي تتفتت عليها هجمات الفرق المنافسة، ويحلم اللاعب بتحقيق بطولة غالية مع"الفرسان"تسعد الجماهير الوحداوية، وأن يحترف مستقبلاً في الدوري الإنكليزي، وتحديداً في فريق تشلسي وأن يخدم منتخب بلاده في مشاركاته الدولية المقبلة، التي يأتي في مقدمها بطولة كأس آسيا التي ستقام وللمرة الأولى في أربع دول آسيوية وغيرها، من الاستحقاقات والمنافسات والمسابقات القارية والدولية الأخرى.