برحيل الناقد الكبير عز الدين إسماعيل، تفقد الحركة الثقافية في مصر والعالم العربي شخصية طالما ارتبطت بالعمل الثقافي المؤسسي الجاد. ولا يختلف اثنان على أن الراحل المولود في 29 كانون الثاني يناير من عام 1929، قامة كبيرة تستحق ان نذكر لها عطاءها خلال 50 عاماً، منذ أن حصل على درجة الليسانس، ثم الماجستير في الآداب من قسم اللغة العربية وآدابها، جامعة القاهرة 1951، ثم الدكتوراه في الآداب من قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة عين شمس 1954. ثم تدرج من معيد في قسم اللغة العربية وآدابها حتى عين أستاذاً للأدب العربي في قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة عين شمس1959. ثم عميداً لكلية الآداب لشؤون الدراسات العليا والبحوث. هذا إلى جانب عمله أستاذًا في جامعات بلدان عدة، منها السودان والسعودية والمغرب. هذا عن الجانب النظري، أما جهد عز الدين إسماعيل وتلاميذه العملي، فقد تجسد أيضاً في إقامة مؤتمر دوري للنقد الأدبي برعاية جامعة عين شمس، أقيمت منه أربع دورات كان آخرها بعنوان"البلاغة والدراسات البلاغية". وأسس مجلة"فصول"العريقة عام 1980 وترأس تحريرها، وما من باحث في الوطن العربي إلا واستفاد منها في المجال الأكاديمي. ولا يمكن ان ننكر جهود الراحل في مجال الترجمة، إذ ترجم أحدث النظريات الأدبية مثل كتب"مقدمة في نظرية الخطاب"لديان مكدونيل، و"فردينان دي سوسير"لجونثان كلر، و"نظرية التلقّي"لروبرت هولب، وهي الكتب التي لا تزال سيارة حتى الآن، ويعمل بها الباحثون في مجال النقد الأدبي والعلوم الإنسانية جميعاً وفق آليات نقدية منضبطة. فضلاً عن ذلك، صدر لعز الدين إسماعيل الكثير من المؤلفات التي رسخته كناقد فذ للشعر، يكتب نقد الشعر بروح الشاعر، فضلاً عن آليات الناقد. كما كتب للمسرح كتاب"قضايا الإنسان في الأدب المسرحي المعاصر". ثم اتبعه بكتب"الشعر العربي المعاصر"،"المصادر الأدبية واللغوية في التراث العربي"،"التراث الشعبي العربي في المعاجم اللغوية: دراسة استطلاعية"حركة المعنى في شعر المتنبي بين السلب والإيجاب"الشعر قيمة حضارية"،"الفن والإنسان"وعلى مستوى دراسة الشعر العربي كتب عز الدين إسماعيل:"الشعر العربي المعاصر في اليمن". و"الشعر القومي في السودان". ومن الأمور اللافتة أن المنظور الجديد لتشكيل الإيقاع عند عز الدين إسماعيل، يرجع إلى أساس جمالي يغاير الأساس الجمالي القديم للشعر تمام المغايرة. واعتبر نقاد كتاب"الفن والإنسان"لعز الدين إسماعيل مهماً لكونه يكشف علاقة التلازم القائمة بين الفن والإنسان في تطورها الدائم، إذ يفرد الحديث لقضية شديدة الحساسية بالنسبة للفن التشكلي والأدب هي قضية"الزمن"التي تبدو أنها قضية فلسفية خالصة، لكن الزمن بالنسبة للفنان والأديب ممارسة عملية وليس فكرة نظرية. خلاصة القول إن الراحل ترك موروثاً ثقافياًَ شعرياً ومسرحياً ونقدياً لا يمكن حصره بين دفتي كتاب واحد.