كان أحد الأثرياء يعيش مع ابنه الصغير في قصره المنيف، وقد وفر له كل أسباب العيش الرغيد والترف والدلال، وكان كل ما يطلبه الطفل يُستجاب له، ولكن لم يستطع إسعاده، فقد كان دائماً حزيناً ومنطوياً، واحتار والده ماذا يفعل له، وكيف يسعده وقد وفر له كل ما يتمناه؟ توصل الأب أخيراً إلى رأي قد يكون هو الحل لمشكلة ابنه. ذهب إلى أحد أصدقائه في الريف وطلب منه أن يستضيف ابنه فترة الصيف، كي يرى المشقة والتعب والحرمان لدى الآخرين، من اجل أن يدرك النعمة التي وهبه الله إياها ويشعر بالغبطة والسعادة المفقودة. ذهب بابنه وتركه لدى صديقه وأبلغه أنه سيعود في نهاية الصيف لاصطحاب ابنه إلى منزله، وبعد أن انقضى الصيف عاد الرجل الثري متهلل الأسارير وعانق ابنه، وسأله بشغف: لقد تضايفت كثيراً، أليس كذلك يا بني؟ ولكني أردتك أن تعرف قيمة النعمة التي حبانا الله بها. ولكن الوالد فوجئ برفض الطفل العودة معه، وحين استفسر الوالد عن السبب قال له الطفل: يا أبي في المنزل لدينا حديقة كبيرة ولكن هنا لديهم فضاء مفتوح بلا نهاية، وفي المنزل لدينا بركة سباحة وهنا لديهم بحيرة بلا نهاية، وفي البيت لي أخ وحيد وهنا لديهم أطفال كثيرون، فهنا السعادة الحقيقية لي يا أبي. هل كنا أسعد حالاً من أطفالنا الآن، على رغم الحرمان الذي عانيناه؟! بالتأكيد نعم، إننا حين نوفر الحلويات والملابس الجديدة والألعاب والملاهي والمأكولات التي تأتي إلى باب المنزل بحسب الطلب بشكل مستمر لأطفالنا، إنما نسرق سعادتهم وفرحتهم بالأشياء، وحتى صحتهم باسم الحنان والرحمة والدلال والمسؤولية غير المسؤولة. أقول خافوا الله في أطفالكم وتعلموا أن تقولوا لا من أجل أن يحسوا بقيمة كلمة نعم، وبقيمة الأشياء وحلاوة الأكل واللبس واللعب، لا تسرقوا طفولتهم فهم أمانة الله لديكم. خالد الدهيمان - الرياض [email protected]