في يوم الجمعة 26-6-1433ه ودَّعت أسرة المطلق رمزاً من رموزها، العم الشيخ/ عبدالرحمن بن صالح بن مطلق المطلق، بعد معاناة مع المرض في آخر أيام حياته، عاشها ذاكراً لله شاكراً لنعمه عليه مذكراً به - سبحانه وتعالى - صابراً على ما به، محتسباً أجر ذلك من خالقه - جعل الله ما أصابه كفارة له. فقد خيَّم الحزن العميق على قلب كل من عرف الفقيد - رحمه الله -، وتقبل أبناؤه وذووه ومحبوه العزاء فيه، واكتظ جامع الراجحي بمدينة الرياض بجموع غفيرة ووفية من المصلين، حضرت من أماكن مختلفة من داخل المملكة وخارجها؛ لما للراحل من مكانة كبيرة ومنزلة عزيزة في قلوبهم؛ ليتضرعوا للمولى - عز وجل - بالدعاء الخالص له بالمغفرة والرحمة والمنزلة العالية في الجنة، ثم تبعته تلك الجموع الكبيرة في موكب مهيب إلى مثواه الأخير في هذه الدنيا؛ لتودعه في مقبرة النسيم وهم يتضرعون له بالدعاء سائلين الرب - الغفور الرحيم - أن يثبته عند السؤال، وأن يجعل قبره روضة من رياض الجنة، وألا يحرمهم أجره، وأن يجمعهم به في جنة عرضها السماوات والأرض. كان - رحمه الله - أباً وأخاً وصديقاً لكل من في مجلسه، بل إنه ينزل لمستوى الأطفال، ويمازحهم، ويخاطبهم بروح الطفولة؛ حتى أنك تقول إنه صار طفلاً مثلهم؛ فلا غرابة إن افتقده الأطفال الصغار قبل الكبار. واشتهر - رحمه الله - بالشهامة والكرم والنبل والتحمل والصبر والجلد، والذكر الحسن. عرفه الناس - رحمه الله - محباً للخير والبذل والعطاء واللطف في المحادثة والعطف على الصغير والكبير، ترتسم على محياه دوماً أسارير الفرح والسرور بزواره وضيوفه؛ لتجد بيته عامراً بالأقارب والأصدقاء والمعارف والمحبين رجالاً ونساءً، كباراً وشباباً، بل إنك تجدهم يتواعدون ويدعو بعضهم بعضاً للقاء في مجلس أبي صالح وكأنهم في بيتهم؛ وهذا لما عرفوه من فرحته - رحمه الله - بهم؛ فتواصوا على إسعاده بما يحب، وكأن الشاعر عناه عندما قال: حبيب إلى الزوار غشيان بيته جميل المحيا شبّ وهو كريم وفي الوصل حدِّث عنه ولا حرج؛ فكأن الوصل جبلة جُبل عليها منذ صغره، وربَّى أولاده على ذلك وكل من يحب؛ فتجده أول الحاضرين في المناسبات المختلفة، ومَنْ قطعه ولم يزره يلتمس له العذر قبل أن يعتذر القاطع، وكأنما الشاعر خصه بقوله: تخالف الناس إلا في محاسنه كأنما بينهم في وده رحم كم كان بسيطاً دون تكلف، مبتسماً دون تصنع، متهلل الوجه للجميع، وما ذلك إلا لأن شخصيته المحبة تركبت على هذه الهيئة التي جعلته محبوباً لكل من عرفه ومن لم يعرفه، فهكذا كان أبو صالح - رحمه الله - عمر القلوب بالحب والخير، وترك زاداً مختلفاً عن غيره ومنهلاً عذباً صافياً لمن بعده.. يا غائباً في الثرى تبلى محاسنه الله يوليك غفراناً وإحساناً ولا نقول إلا ما يُرضي ربنا {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}، وجزاك الله عنا خير الجزاء، وغفر الله لنا ولك. سليمان بن صالح المطرودي