منذ أن بدأت الحملة الأمنية لملاحقة العمالة غير النظامية وجميع الصحف المحلية تطالعنا بالأعداد الهائلة التي يتم القبض عليها يومياً في جميع مناطق المملكة. وهذه الحملة المباركة أدت ما عليها وما زالت مستمرة، ولكن اللافت للنظر أن معظم من يتم القبض عليهم من الجنسية البنغلاديشية، ولا تتوقف مخالفاتهم عند هروبهم من كفلائهم أو تخلفهم، إنما تعدى ذلك إلى ما هو أكبر وأخطر. فجميع من يقبض عليهم من هذه العمالة يمتهنون كل ما هو مخل بالأمن وفساد الأخلاق، فنجدهم متخصصين في الترويج لكل ما هو مخل بالآداب من أفلام خليعة والاتجار في الخمور وتصنيعها وترويج المخدرات والدعارة بكل أساليبها وأنواعها، وسرقات الكيابل والأسلاك النحاسية بجميع أنواعها، وتهريب العاملات من منازل كفلائهن وتأجيرهن للآخرين أو للدعارة، وكذلك هم متمكنون في تمرير المكالمات الدولية بأثمان بخسة، تسبب لشركة الاتصالات خسائر بملايين الريالات، وكذلك فك تشفير القنوات الفاضحة الساقطة. كل هذه الجرائم محصورة في هذا النوع من العمالة. إذاً ما الفائدة المرجوة منهم؟ ولماذا الصبر عليهم؟ أليست أعمالهم ضرباً من الفساد والإفساد الذي لن ينتهي إلا بوقف استقدامهم نهائياً؟ أو ليس هناك من مصدر آخر يمكن لنا أن نستعين به؟ لماذا هذا السكوت والتهاون ونحن نسمع ونقرأ يومياً عن الحوادث التي يرتكبونها؟ لماذا نغض عيوننا ونصم آذاننا؟ هل ننتظر حتى نسمع بحوادث يشيب لها الوليد وبعد ذلك نبدأ التحرك؟ إن آلاف الملايين التي يقومون بتحويلها إلى بلدهم سببها هذه الأعمال المخزية، التي تدر عليهم أموالاً طائلة، ومن خلالها يفسدون الأخلاق ويعيثون في البلاد فساداً يوماً بعد يوم، وينشرون كل أنواع الرذيلة ونحن نتفرج عليهم وكأن ما يحدث ليس في بلادنا! قبل بضع سنين كنت أستمع إلى مقابلة مع مفتي جمهورية البوسنة وكان حينها في زيارة إلى المملكة، كان يتكلم بمرارة وحسرة ويقول لماذا لا تقوم دول الخليج باستقدام شباب البوسنة للعمل في هذه الدول بدلاً مما هو موجود من سيخ وهندوس وبوذيين وحزنت عندما قال إن هؤلاء الهندوس والسيخ والبوذيين يستعملون الأموال التي يأخذونها من هذه البلدان لقتل المسلمين في بلادهم! واستطرد يقول أليس شباب البوسنة أحق بذلك؟ أولاً: هم مسلمون وعندما يأتون يستفيدون من تعميق صلتهم بالإسلام، وثانياً: سيرضون بأجور أقل مما يتقاضاه غيرهم. لماذا لا نقف ونتمعن في مثل هذا الكلام وندرسه درساً وافياً من جميع الجوانب؟ ولكن بشرط وهو ألا تطول مدة الدراسة، لأننا تعودنا أن درسنا لأي موضوع يحتاج إلى سنين، إضافة إلى أنها تُدرس ثم تداس. يجب علينا التحرك سريعاً بإقفال استقدام العمالة البنغلاديشية وليكن لنا أسوة في دولة الكويت التي أقفلت الاستقدام من هذا البلد بعدما تأكد لهم مدى خطورة هذه العمالة على بلدهم. إنني بمقالي هذا أهيب بوزير الداخلية ووزير العمل إلى التحرك السريع لقفل هذا الباب نهائياً والاتجاه للدول الإسلامية الأخرى كالبوسنة وألبانيا ودول آسيا الوسطى المسلمة. أليس هؤلاء أحسن وآمن من اللجوء إلى فيتنام وكمبوديا؟ لكي لا نلجأ للمثل الشعبي القائل: وش حدك على المر قال اللي أمر منه والله الموفق.