زادت في الآونة الأخيرة المخالفات التي يرتكبها العمال الوافدون.. والتي لا تتفق اطلاقاً مع أنظمة البلاد.. ومع القوانين والتعليمات التي يفترض أن يكون العامل الوافد أكثر تقيداً بها والتزاماً بتطبيقها في بلادنا.. خاصة أنه جاء لهذه البلاد من أجل القيام بعمل محدد يتقاضيى بموجبه مقابلاً مادياً.. وهذا العمل تم الاتفاق عليه بين العامل ورب العمل الذي استقدم ذلك العامل من بلاده. لكن المؤسف، ومن خلال الحملات الأجنبية التي نفذتها الجهات المسؤولة على الكثير من أوكار هذه العمالة تم الكشف عن العديد من المخالفات والتجاوزات التي يقوم بها الكثير من هؤلاء العمالة الذين ربما ساعدهم التهاون، والسلبية من بعض الكفلاء، وانعدام الوطنية عند كفلاء آخرين على ممارسة كل ما من شأنه أن يحقق لهم الكسب المادي حتى لو كان ذلك على حساب الوطن والمواطن.. وعلى حساب أمن الوطن. إن قراءة متأنية في الكم الهائل من هذه المخالفات التي يقوم بها هؤلاء العمال الوافدون من آسيا وافريقيا تدعونا إلى مراجعة سريعة لأجندة الاستقدام في مكاتب العمل.. ومراجعة سريعة لأسماء الكفلاء الذين أغرقوا المملكة بعمالة لا تحتاجها البلاد.. ومراجعة سريعة أيضاً لأسماء هوامير الاستقدام الذين جاءوا بهؤلاء العمال.. ومعرفة مدى متابعتهم لهم.. ومعرفتهم بما يمارسه هؤلاء العمالة من مخالفات وتجاوزات وصلت إلى درجة غير مقبولة، وغير محتملة.. ولا يمكن أن يمارسها هؤلاء العمَّال حتى في بلادهم التي جاءوا منها!! التخلف .. والعامل المكفول إذا سلمنا أن عدداً من هذه المخالفات التي يقوم بها العمالة الوافدون إلى بلادنا تأتي من فئات متخلفة في البلاد بسبب قدومهم إلى العمرة أو الحج ثم تخلفهم عن العودة إلى بلادهم.. فإن المؤكد أن الجزء الأكبر من هذه المخالفات يقوم بها عمالة جاءت للبلاد بعقود عمل.. ثم وجدت الفرصة لممارسة ما تشاء إما نتيجة عدم وجود عمل لدى كفلائهم الذين جاءوا بهم.. فاطلقوا لهم العنان ليمارسوا ما يشاءون من الأعمال بطريقتهم الخاصة.. فاحترف بعضهم الإجرام واحترف بعضهم التزوير، واحترف آخرون المخالفات الأقل وطأة مثل البيع عند أبواب المساجد.. أو غسيل السيارات، أو أصبحوا تجار بسطات وغير ذلك من الأعمال التي قد تقودهم مع الوقت إلى أعمال أخرى مخالفة كالدعارة وبيع الخمور، والمخدرات، والسلع الفاسدة وغير ذلك من المخالفات التي كشفتها حملات رجال الأمن.. وما خفي كان أعظم!! هوامير الاستقدام.. جزء من المشكلة!! لقد ساهمت الأنظمة المتبعة في السابق في مجال الاستقدام لخلق ما يمكن أن نطلق عليه هوامير الاستقدام الذين جعلوا من تأثيرات الاستقدام مجالاً للربح والكسب حتى لو جاء ذلك على حساب الوطن والمواطن.. فأغرقوا البلاد بأعداد كبيرة من العمَّال الذين لا عمل لهم.. والكثير من هؤلاء العمال حتى يستطيع شراء تأشيرة العمل من سماسرة الاستقدام في بلاده ربما باع كل ما لديه من سقط الحياة حتى يحصل على التأشيرة ويأتي للمملكة بمساعدة تجار التأشيرات هنا .. وفي بلده .. وعندما جاء إلى المملكة اكتشف إنه بغير عمل.. وإن كفيله الذي استقدم باسمه لا يملك أي امكانات لتشغيله.. واعطاه الفرصة ليمارس ما يشاء من أعمال بمجهوده الشخصي .. فاتجه ذلك العامل إلى البحث عن أي فرصة يكسب من خلالها.. حتى لو جاء ذلك على حساب أنظمة البلد وتعاليمه وقوانينه. أحد العمالة من دولة آسيوية أكد لي أنه جاء إلى المملكة للعمل بعد أن اشترى تأشيرة من سمسار في بلده بمبلغ كبير اضطر معه إلى بيع كل ما يملكه ورهن مزرعته وبيته باسم ذلك السمسار حتى يسدد له قيمة التأشيرة عندما يذهب للمملكة ويعمل.. ولكنه عندما جاء إلى هنا وجد أن كفيله لا عمل عنده.. وإنه غير مسؤول عنه.. فإذا أراد البقاء تحت كفالته عليه أن يبحث له عن أي عمل. يضيف ذلك العامل وقد اكتشفت ان هذه حال الكثيرين من أبناء بلدي الذين جاءوا مثلي للبحث عن عمل.. ولأنني أخاف الله.. ولدي مهنة مطلوبة في البلد.. فقد عملت سباكاً واستطعت أن أدبر أموري.. ولكن الكثير غيري صدموا واتجهوا إلى أعمال غير مرضية من أجل الكسب. وقال عامل آخر: يجب أن تحاسبوا الكفلاء الذين جاءوا بنا على عدم وفائهم بتوفير أعمال لنا.. وعلى عدم التزامهم بالعقود، فقد جعل منا بعض هؤلاء الكفلاء وسيلة للكسب.. ونحن بدورنا يجب أن نكسب أيضاً لنعود إلى بلادنا أثرياء؟! وقال آخرون: إن بعض العمالة التي يتم استقدامها لبلادكم لا تجيد الأعمال التي جاءت من أجلها.. ولكن سماسرة التأشيرات في بلادهم لا يهمهم إن كانوا مؤهلين أو غير مؤهلين.. وإنما كل هدفها هو الكسب من خلال الفرصة التي أتاحها لهم تجار التأشيرات في بلادكم؟! محترفو إجرام لا شك أن المخالفات التي يتم ضبطها اليوم والتي يقوم بها بعض العمالة الوافدون جاءت نتيجة إغراق بلادنا في فترة من الفترات بعمالة رديئة.. وفقيرة في الوعي والالتزام الأخلاقي.. ولا شك أن بعض هؤلاء العمالة من محترفي الإجرام وخريجي السجون.. ولهذا عندما وجدوا الفرصة متاحة لهم بدأوا في احتراف الأعمال التي طبعوا عليها.. وتربوا عليها وتغذوا منها. وقد أكد لي عدد من العمالة الذين التقيت بهم أثناء جولتي على الأحياء الشعبية والأسواق إن الكثير من العمال الذين صدرهم لنا سماسرة التأشيرات من محترفي الإجرام في بلادهم. أحدهم قال: لا يمكن أن يقوم شخص بالسرقة أو بيع الخمور.. أو المخدرات أو أعمال التزوير إذا لم يكن أصلاً من محترفي هذه الأعمال الإجرامية!! وقال آخر: مع الأسف بعض العمالة في بلادكم من خلال ممارستها بعض الأعمال المخالفة برغبة الكسب أساءت لبلادها.. ولسمعة العمالة في بلادها.. فالمفروض ان تحترم هذه العمالة الأنظمة والقوانين في هذه البلاد وإذا لمست أي تقصير أو إخلال من الكفيل يجب أن نرفع أمرها للجهات المسؤولة عن العمل لتحصل على حقوقها.. كما يجب أن تتدخل سلطات بلادنا ممثلة في السفارات والقنصليات في المملكة للقضاء على مخالفات عمالها.. وممارساتهم غير النظامية. الآسيويون والافارقة وجهان لعملة واحدة مخالفات العمالة الوافدة إلى بلادنا ... والتي زادت أعدادها مؤخراً.. ربما لأن جهات المتابعة بدأت تنشط بمتابعتها وملاحقتها عمّا كان عليه الأمر في السابق.. والذي كانت تمارس فيه مخالفاتها في الظلام، وبعيداً عن المتابعة. المؤلم إن هذه المخالفات تجاوزت التوقعات.. ووصلت إلى تشكيل عصابات ومجموعات إجرامية للسرقات بالقوة وتحت تهديد السلاح.. وهذه ينفرد بها الأفارقة.. وأخرى للدعارة، وبيع الخمور والمخدرات، وبيع الأطعمة الفاسدة .. والأفلام الخليعة، وتمرير المكالمات، والتزوير، وهذه ينفرد بها العمالة الآسيويون. والواقع إن هؤلاء المخالفين ومحترفي الإجرام سواء من الأفارقة أو الآسيويين هم وجهان لعملة واحدة.. والمؤسف اننا مع بالغ الحزن نحن الذين جئنا بهذه العمالة إلى بلادنا.. ونحن الذين أغرقنا مدننا ومناطقنا بهم.. وفتحنا لهم بلادنا حتى يمارسوا فيها ما لديهم من أعمال إجرامية وصلت إلى القتل وتكوين العصابات التي تعيث في مجتمعنا فساداً؟! العمل في التجارة أذكر أنني ذات مرة استعنت منذ وقت بعيد بأحد السباكين البنجلاديشيين لإصلاح بعض الأعطال في التمديدات الصحية في منزلي.. وقد استغرق عمله في منزلي عدة أيام.. مما جعلني في بعض الأيام أدعوه لتناول الغداء في ضيافتي.. وأحياناً أشرب معه الشاي أملاً في أن يخلص معي.. ويؤدي عمله على الوجه المطلوب. وذات مرة وجدته يسألني عن عملي فقلت له إني موظف.. فزم شفتيه دلالة على اشفاقه عليَّ .. وهو يقول «راتب وظيفة .. ما فيه فايدة.. لماذا لا تعمل في التجارة؟!» قلت: لأنني لا أعرف في التجارة كما أنه ليس معي مالاً يمكنني من خلاله أن أدخل عالم التجارة.. فزم شفتيه مرة أخرى.. هو يؤكد لي أنه بنجلاديشي ومع هذا لديه بقالتان لبيع المواد الغذائية .. ومحل لبيع أدوات السباكة باسم كفيله.. وأضاف أنت سعودي مسكين؟! هؤلاء البنجلاديشيون الذين إذا رأيت الواحد منهم مدعياً المسكنة والوداعة لا يمكن أن يتبادر إلى ذهنك أنه يمكن أن يقوم بأي عمل مخل للأنظمة.. ولكن مع الأسف كشفت الحملات الأمنية التي يقوم بها رجال الأمن أن الكثير من المخالفات يقف وراءها هؤلاء المتمسكنون.. والذين ينطبق عليهم المثل القائل «يا ما تحت السواهي دواهي»؟! المشكلة تبدأ من هنا من أهم الأسباب التي أتاحت للكثير من العمالة الوافدة ممارسة المخالفات التي يقومون بها هو إتاحة الفرصة لكل جنسية من جنسيات هذه العمالة أن تتجمع وتشكل تواجداً مكثفاً في حي واحد مما يعطيهم الفرصة من خلال هذا التجمع بممارسة بعض الأعمال.. وقدرة الفاسد منهم في إقناع الآخرين من بني جلدته في مشاركته أعماله غير النظامية. في جدة مثلاً هناك أحياء للبنغالة وأحياء للتشاديين.. وأحياء للباكستانيين وأحياء للأندونسيين .. وأحياء للصوماليين وهكذا.. ومثل هذه التجمعات تخلق فرصة لكل جنس بأن يعطي لنفسه فرصة للعمل والتحرك حسب توجهاته وما يفكر فيه. إن كسر حدة هذه التجمعات يعد من أهم الحلول التي يجب أن تبدأ بها لعلاج مشكلة خروج بعض العمالة الوافدة عن القانون؟!!