سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
دول "التعاون" قطعت أشواطاً في التنسيق المشترك... والكرة في ملعب "الجهاز الحكومي" . "قمة الدوحة" ... خطوة في طريق الوحدة الخليجية وتعزيز مسارات التعاون الاقتصادي
من أين اختارت دول الخليج الست أن تبدأ مسيرتها للتعاون المشترك، وصولاً إلى الهدف الأسمى متمثلاً في الوحدة المشتركة؟ بمجرد توافر"القناعة السياسية"العليا على أهمية الارتباط الاستراتيجي بين مجتمعات دول الخليج وأنظمتها الحكومية، فإن المجال السياسي يعد مجال تعاون خصب أظهر المسيرة الخليجية إلى العلن. بيد أن شعوب الخليج تدعمها تصريحات القادة الخليجيين وآخرهم كان صوت خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في قمة الرياض الماضية، وتبعه أمس الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني في قمة الدوحة التي تختتم أعمالها اليوم، لا يزالون ينظرون إلى المزيد. فكل شيء يدفع إلى السرعة في الإنجاز، وتبقى المسؤولية على عاتق الموظفين الحكوميين التنفيذيين في مستوياتهم كافة، أو ما يطلق عليه اختصاراً ب"الجهاز الحكومي". وبهذه الرغبة السياسية كان لا بد من أن يتبعها تعاون وثيق في المجال العسكري والأمني والتعاون القانوني والقضائي والإعلامي والاقتصاد والإنسان والبيئة. وبعد أن شعرت الدول الخليجية بإنجازها الأسس الأولى لمفاهيم التعاون المشترك، المفضي إلى الوحدة أسست الهيئة الاستشارية لتكون نواة البرلمان الخليجي، كما وصلت الدول إلى مرحلة أن تتقبل جسماً جديداً ينضم إلى عضويتها متمثلاً في اليمن، والعلاقات الاقتصادية مع المجموعات والدول. وكل مسار رئيسي من هذه المجالات يتفرع إلى عشرات المسارات الأخرى الأكثر تفصيلاً. وعلى سبيل المثال يوجد في مسار التعاون الاقتصادي أكثر من 12 مجالاً متفرعاً للتعاون مثل: التجارة والسوق الخليجية المشتركة والاتحاد النقدي، وصولاً إلى العملة الموحدة والطاقة والكهرباء والماء والصناعة والنقل والمواصلات، وغيرها. السياسة تتمثل أهم الأهداف السياسية الاستراتيجية لدول الخليج، في: التنسيق والتعاون في مجال السياسة الخارجية، وصولاً إلى صوغ مواقف مشتركة موحدة تجاه القضايا السياسية التي تهم دول مجلس التعاون في الأطر الإقليمية والعربية والدولية والتعامل كتجمع مع العالم، في إطار الأسس والمرتكزات القائمة على الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية ومراعاة المصالح المشتركة، وبما يصون مصالح دول المجلس ويعزز أمنها واستقرارها ورضاء شعوبها. وبحسب تقرير رسمي صادر عن الأمانة، يتضح أن لكل مرحلة مر فيها المجلس أولويات سياسية، إذ إنه خلال عقد الثمانينات تلخصت أهم أهداف مجلس التعاون السياسية والاستراتيجية في الحفاظ على أمن دول المجلس واستقرارها، من خلال التصدي لمُسببات عدم الاستقرار ومصادر الخطر التي تمثلت بشكل أساسي ومُباشر في الحرب العراقية - الإيرانية، وهو ما تطلب تحركاً جماعياً لدول مجلس التعاون، للحيلولة دون انتشار رقعة تلك الحرب. أما في التسعينات: مثل عدوان النظام العراقي السابق على الكويت واحتلالها التحدي الأمني الأكثر خطورة منذ قيام المجلس، حيث حظي تحرير الكويت بأولوية مطلقة. ما الذي حصل بعد التحرير؟: تطلب الموقف عملاً ديبلوماسياً مشتركاً مكثفاً لمساندة الشرعية الدولية في سعيها لإلزام العراق بتنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بعدوانه على الكويت. كما إن من الأهداف السياسية الوطنية الأخرى: مساندة ودعم الإمارات في حقها باستخدام جميع الوسائل السلمية، لاستعادة سيادتها على جزرها الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وجزيرة أبو موسى التي تحتلها إيران منذ عهد الشاه عام 1971 وحتى الوقت الحاضر. وأمام ذلك، فإن من أهداف المجلس في الوقت نفسه: السعي إلى تحسين العلاقات مع إيران، وهو ما شرعت فيه دول المجلس منذ أواخر الثمانينات بوضع إطار جماعي للعلاقات معها، ما أسفر عن توقيع العديد من الاتفاقات والبروتوكولات ذات الطابع الاقتصادي والأمني، وهو ما يُمهد لحل القضايا العالقة بين إيران ودول المجلس، ومن أهمها قضية الجزر الإماراتية الثلاث. ولدى الخليجيين محاور سياسية أخرى في سياقهم العربي، إذ إن أحد الأهداف السياسية يتطلب: العمل بشكل جماعي لدعم القضايا العربية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية ودعم مسيرة السلام في الشرق الأوسط مع التمسك بالحقوق العربية. وأخيراً، فإن دعم ومساندة جميع"القضايا الإسلامية"يعد من أهم الأهداف السياسية. الاقتصاد امتلاك دول الخليج لأهم سلعة استراتيجية لنمو الاقتصاد العالمي، كان له أثر حاسم في سرعة تحلق عواصم الخليج حول بعضها، معلنة عن أول وحدة عربية من نوعها. إذ جعلت وفرة الموارد النفطية من اقتصادات الدول الخليجية متقاربة في قوالبها وأهدافها. بيد أن الأمر احتاج إلى سنوات غير قليلة من أجل توحيد هذه الاقتصادات بما فيها نظم عملها وتطبيقاتها. وبعد ربع قرن يبدو أن خطط دول الخليج تقف على أرض ثابتة تمكّنها من تحقيق أعلى الفوائد بعد استقرار الأنظمة الجديدة والعمل بها وتطويرها. وبدأت أولى الخطوات في عام 1981 بإعلان القمة الثانية عن إقرار الاتفاق الاقتصادي الموحد، والذي كان بمثابة خريطة عمل طويلة المدى تستهدف التنسيق المتواصل، لتحقيق العمل الاقتصادي المشترك ومراحل التكامل والتعاون، وتشكل نواة البرامج التكاملية التي تم وضعها بشكل مفصل على السنوات ال20 الأولى من تأسيس المجلس. وفي عام 2001 جددت القمة الخليجية في دورتها ال22، مفعول الاتفاق الاقتصادي بعد عقدين من الزمن تحقق فيها التنسيق، لينتقل العمل إلى دائرة التنفيذ والتكامل. أهم الأهداف في هذا المسار يتمثل في تحقيق المواطنة الاقتصادية لمواطني دول المجلس، وتحقيق التكامل الاقتصادي وفق خطوات متدرجة، بدءاً بإقامة منطقة تجارة حرة، ثم الاتحاد الجمركي، ثم استكمال السوق الخليجية المشتركة، وانتهاءً بالاتحاد النقدي والاقتصادي، وإقامة المؤسسات الرسمية المشتركة اللازمة لتسيير كل ذلك. واليوم، تبعد دول الخليج مسافة أعوام قصيرة من تحقيق الخطوة شبه الأخيرة من الاتفاق العام، إذ تعيش حالياً مرحلة الانتهاء من تأسيس الاتحاد النقدي والعملة الموحدة في العام 2010 كأقصى حد. الدفاع المشترك حظي التعاون العسكري باهتمام قادة دول المجلس في وقت باكر من انطلاق مسيرة مجلس التعاون، وذلك انطلاقاً من قناعة راسخة بوحدة الهدف، والمصير، والتطلعات المشتركة، إضافة إلى حقائق الجغرافيا والتاريخ المشترك. بحسب نص التقرير الرسمي للأمانة العامة للمجلس. وبحسب تقرير خليجي رسمي، فإن رؤساء الأركان عقدوا اجتماعهم الأول في الرياض بتاريخ 21 أيلول سبتمبر 1981، وذلك بناءً على طلب من المجلس الوزاري ورفعوا عدداً من التوصيات المتعلقة بتعزيز التعاون العسكري في ما بين الدول الأعضاء. وسارت تطورات التعاون العسكري كما يخطط لها بهدوء وترو، خلال كل اجتماع وزاري أو على مستوى القمة التي ينظر فيها ملوك وأمراء دول الخليج في نتائج ما تحقق في هذا الاتجاه. ويرى تقرير الأمانة أن أهم الانجازات خلال ربع القرن الماضي يتمثل في تمكن دول مجلس التعاون من تحقيق سبعة أهداف بالغة الأهمية هي: قوة درع الجزيرة، إذ يعتبر إنشاء قوة خفيفة الحركة تضم وحدات من الدول الأعضاء من أقدم القرارات الخاصة بالتعاون العسكري ... وفي وقت لاحق صدرت قرارات بتطوير هذه القوة لتصبح فرقة مشاة آلية بكامل إسنادها الناري والقتالي. وثاني هذه الانجازات هو اتفاق الدفاع المشترك لدول مجلس التعاون، والاتصالات المؤمنة، وربط مراكز عمليات القوات الجوية والدفاع الجوي، وقمر الاستطلاع العسكري الخليجي، والتمارين المشتركة جوية - بحرية، إضافة إلى مجالات التعاون العسكري الأخرى، التي تستهدف تعزيز التعاون في مجال تبادل المساندة والمعلومات، وتوحيد مناهج وكراسات الدورات العسكرية المختلفة، والاستفادة المتبادلة من الإمكانات المتوافرة في دول المجلس خصوصاً في مجال الصيانة والتدريب. الأمن ترى أمانة مجلس التعاون لدول الخليج العربية أن التعاون الأمني شهد خطوات وإنجازات متقدمة، شملت مختلف المجالات الأمنية بشكل عام، وما يمس حياة المواطن الخليجي بوجه خاص، وينسجم مع متطلبات جوانب العمل المشترك الأخرى الاقتصادية، والاجتماعية، والشبابية. وتعرّف الأمانة الاتفاق الأمني بأنه عبارة عن مواد قانونية تعالج قضايا التعاون الأمني بين دول المجلس، وهي إلزامية لمن وقّع عليها وصادق عليها وفق نصوص موادها. ووقّع عليها وزراء الداخلية في كل من الإمارات، والبحرين، والسعودية، وعمان في اجتماعهم ال 13 في الرياض. فيما هناك الاستراتيجية الأمنية الشاملة التي أقرت في اجتماع وزراء الداخلية الثاني في مسقط عام 1981. ولتحقيق هدف تسهيل التنقل وانسياب السلع، قرر وزراء الداخلية أن الأمر يتطلب نحو 18 خطوة لتحقيقه تم الانتهاء من كثير منها. كما أعلن وزراء الداخلية في العام 2002 اتفاقاً على إطلاق"الاستراتيجية الأمنية لمكافحة التطرف المصحوب بالإرهاب"، وأُصدر في العام ذاته إعلان مسقط بشأن مكافحة الإرهاب. وتوصلت دول المجلس في العام 2004 إلى التوقيع على اتفاق التعاون لمكافحة الإرهاب. ويشمل التعاون الأمني مجال الدفاع المدني، والتعاون في مجال مكافحة المخدرات، والتعاون في مجال التحقيقات والمباحث الجنائية - بما فيها رصد الجرائم الاقتصادية ومكافحتها - والتعاون في مجال المرور، والتعاون في مجال حرس الحدود وخفر السواحل، والتعاون في مجال المؤسسات العقابية والإصلاحية السجون.