رجحت مصادر في البرلمان العراقي طرح مسوَّدة قانون المحكمة الاتحادية للنقاش العلني، خلال الجلسات المقبلة في ظل استمرار الخلافات الكبيرة حوله وعدم توصل اللجان المختصة الى صيغة تواقفية. وواصلت كتلتا «العراقية» و «دولة القانون» تبادل الاتهامات بإعاقة اقرار القانون. وكان البرلمان الشهر الماضي أحال مشروع القانون على رؤساء الكتل للبت في أربع نقاط لم تحسمها، وهي: اختيار أعضاء المحكمة الاتحادية من فقهاء الشريعة وفقهاء القانون، وإمكان الجمع بين رئاسة المحكمة ورئاسة مجلس القضاء الأعلى، وآلية اختيار رئيس المحكمة، وهل قرارات المحكمة الاتحادية ملزمة. وحال تعطيل النصاب القانوني دون مناقشة القانون في جسلة السبت الماضي، واتهمت القائمة العراقية كتلة التحالف الوطني بتعطيله. وقال النائب عن القائمة محمد سلمان ل»الحياة»، ان «ائتلاف دولة القانون وبعض نواب التحالف الوطني لا يريدون تغيير مسودة قانون المحكمة الاتحادية لانها تخدم مصالح الحكومة ويعتقدون ان باقي الكتل تسعى الى الحد من صلاحياتها». وأضاف ان «الخلاف حول قانون المحكمة الاتحادية جزء من الصراع المستمر بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، اذ تريد الاولى ان تستحوذ على اكبر قدر ممكن من صلاحيات البرلمان، وهذا لن نقبل به ابداً». وأشار الى ان نقطة الخلاف الجوهرية هي «اعطاء السلطة التنفيذية صلاحيات ترشيح وتعيين اعضاء المحكمة الاتحادية والقائمة العراقية والتحالف الكردستاني وعدد كبير من نواب الكتل الاخرى، يرفضون ذلك ويصرون على ان يكون الترشح والتعيين في البرلمان». وتنص المادة الرابعة على أن «يرشح مجلس القضاء الاعلى رئيس المحكمة ونائبه واعضاءها، على ان يتم اقتراح ثلاثة مرشحين لكل منصب يتم اختيار احدهم من قبل رئيس الجمهورية ويعيَّنون بمرسوم جمهوري»، وإن «ترشح وزارة التعليم العالي والبحث العلمي اربعة من خبراء الفقه القانوني يتم اختيار اثنين منهم من مجلس الوزراء بعد موافقة مجلس النواب بالغالبية المطلقة ويعينان بمرسوم جمهوري». وتعترض الكتل الليبرالية على الفقرة التي تنص على «ترشيح الوقفين السني والشيعي اربعة من بين خبراء الفقه الاسلامي، يتم اختيار اثنين منهم من مجلس الوزراء ويعينان بمرسوم جمهوري بعد موافقة مجلس النواب بالغالبية المطلقة». ووصف النائب لطيف مصطفى عن قائمة «التغيير» الكردية، مسوَّدةَ القانون بأنها «ستحول المحكمة الى مجلس خبراء للفقه وليس للقضاء»، واعتبر هذا التوجه «يشكل خطراً على المحكمة وعلى مستقبل الدولة، لأنه قد يحولها الى دولة دينية». من جهة أخرى، اوضح النائب عن «دولة القانون» علي شلاه، ان «السباق الآن هو لجمع الغالبية النيابية لتمرير القانون، ونتوقع مناقشته بشكل علني خلال الايام المقبلة». وأكد في تصريح الى «الحياة»، ان «الدستور العراقي لم يمنح البرلمان صلاحية ترشيح او تعيين اعضاء المحكمة وما تطالب به الكتل الاخرى غير دستوري ويسلب صلاحيات السلطة التنفيذية، وحتى لو تم تمرير القانون بالشكل الذي تريده القائمة العراقية، فإن المحكمة الاتحادية ستردّه حتماً، لان الترشيح لا يدخل في اختصاصات البرلمان». وعبَّر عضو «دولة القانون» عن قناعته بأن «الوصول الى صيغة توافقية حول قانون المحكمة الاتحادية غير ممكن، لأنه قانون حساس ومهم ويجب ان يأتي وفق مقاسات الدستور حصراً، وان لا يخضع للمساومات السياسية». ومن أبرز بنود المسوَّدة المقترحة للقانون، أن «أحكام وقرارات المحكمة باتت لا تقبل أي طريق من طرق الطعن وملزمة، ورأي المحكمة في تفسير اي نص دستوري يكون باتّاً وملزماً للجميع»، كما ان «المحكمة تختص بممارسة الرقابة على دستورية القوانين والانظمة التشريعية وتفسير نصوص الدستور». يذكر ان رئيس الوزراء نوري المالكي طالب في وقت سابق، البرلمان بالتريث في تشريع خمسة قوانين مهمة، هي: قانون مجلس القضاء الأعلى، قانون المحكمة الاتحادية، قانون ديوان الرقابة المالية، قانون المفتشين العموميين، وقانون هيئة النزاهة، لكن هيئة رئاسة البرلمان رفضت الطلب وأصرّت على إدراج هذه القوانين في جدول الاعمال.