لم يقتصر عالم الفن الرقمي على التصوير والتصميم، بل تجاوزه ليصل إلى الرسم واللوحات، وحل الرسم الرقمي مكان الفرشاة لدى عدد من الفنانين، وشاشة الكومبيوتر أصبحت اللوحة، والألوان الرقمية بديلة عن الألوان التقليدية. الفنانة أمل سعود، إحدى الرسامات القلائل اللاتي احترفن مجال فن الرسم الرقمي، الذي لا يعرف عنه الكثيرون شيئاً، على رغم انتشاره عالمياً، ذلك الفن الذي حل ضيفاً على الفنون التشكيلية، وكان نتاجاً للمزج بين فن الرسم التقليدي والتكنولوجيا الحديثة، ممثلة في الكومبيوتر وفنون الجرافيكس، وهو ما فتح المجال لإنتاج أعمال تفوق الخيال، إذ لا يمكن الوصول إليها عن طريق الرسم اليدوي. كان ل"الحياة"حديث مع أمل، التي كشفت أنها تحمل على عاتقها رسالة تقوم على ضرورة نشر هذا الفن في المملكة والمنطقة العربية، عبر موقع الكتروني خاص بها، ودورات تدريبية ونصائح ومساعدة لمن يحب فن الرسم الرقمي، فإلى تفاصيل الحوار: هل الرسم الرقمي إهدار لموهبة الرسم، وإلغاء لمهارة الفنان، إذ تتولى الأزرار عمل كل شيء؟ - بالطبع لا... فالرسم الرقمي لا يختلف عن الرسم التقليدي إلا في أشياء بسيطة، مثل كون الفرشاة هنا تستلزم وسيطاً، أما بالطرق التقليدية فالرسم يتم مباشرة, والرسم الرقمي يتيح لك التراجع عن أي خطوة قمت بها في أي وقت تريد، وغيرها من الفروق التي سهلت مهمة الرسام، لكنها لم تلغِ موهبته، فالأجهزة والبرامج لا ترسم، أنت من ترسم، لكن بأداة أكثر سلاسة وبميزات إضافية تتيح لك التحكم الكلي في لوحتك. أين وصل الرسم الرقمي عالمياً، وهل ثمة معارض عالمية خُصصت لهذا النوع من الفن، وما تقويمك له في نطاق العالم العربي والنطاق المحلي؟ - أنا أعتبر أن الرسم الرقمي هو واجهة مضيئة للفن الحديث، ووصل لأبعد حد, وأصبح حاضراً في المعارض العالمية باستمرار، والتي تقام في عدد من الدول الغربية، وأهمها الولاياتالمتحدة الأميركية، أما في العالم العربي فلا يزال الرسم الرقمي غريباً ووجوده نادراً جداً، لم يتعرف عليه الكثيرون، على رغم أن الموضوع ليس جديداً، فقط الأداة هي الجديدة، عندما استبدل الرسام بالريشة القلم الإلكتروني، وأصبحت الشاشة مكان اللوحة، لكن الرسم والمواضيع والمعايير هي نفسها، والناقد للرسم التقليدي مماثل للناقد للرسم الرقمي، هو لن ينتقد الأداة، بل سينتقد اللوحة ومستوى الفنان ومهارته. أين تجدين الفن الرقمي في عالم"الانترنت"، وكيف تقومين الدعاية والإعلان له؟ - الفن الرقمي يفتقد للإعلان والدعاية، لأن عدد الرسامين الرقميين قليل جداً، ووجودهم نادر في العالم العربي لصعوبة هذا المجال, أعتقد أنه لو ازداد عدد الرسامين الرقميين لانتشر هذا الفن بشكل أوسع. تقومين بوضع لبنات لفن جديد، وهذا يتطلب جهداً ومالاً ووقتاً، ما الدعم الذي حصلتِ عليه؟ - لا، لم أجد أي دعم من هذا النوع, ولم أبحث عنه أساساً, كل مجهوداتي كانت فردية، وجدت الدعم المعنوي من عائلتي ومن المتابعين لموقعي يشجعونني على الاستمرار دائماً. ذكرتِ أن الفنان الرقمي يعيش غريباً في الخليج، هل هناك فنانون رقميون في الخليج؟ - عدد الفنانين الرقميين في الخليج كبير جداً، خصوصا في السعودية، وهم مبدعون، وعدد منهم لديه مواقع شخصية يعرض بها أعماله, ولكن حتى الآن لا تزال المعارض محصورة في شبكة الانترنت، ولم تتجسد على أرض الواقع بسبب عدم وجود جهة تدعم أو تساعد. كيف وصلتِ لمستوى متقدم من المهارة في هذا المجال، بالدراسة أم بالممارسة والتدريب؟ - بقليل من الدراسة والممارسة المستمرة والاجتهاد والبحث عن الجديد دائماً وتطبيقه, جميع هذه الأمور ساعدتني ولا تزال. هل تتوقعين إنشاء متحف لعرض اللوحات الرقمية مستقبلاً؟ - هناك عدد من المتاحف الآن تحتضن الفن الرقمي، كمتاحف سان فرانسيسكو للفن الحديث، ومتاحف أخرى في بلدان عدة، وأعتقد أنه بدأ يأخذ مكانته التي يستحقها. الفرشاة أم"الماوس"، أيهما أطوع في يد الفنان، وهل ترين اليوم الذي ستغيب أو تختفي فيها الفرشاة والألوان كلية؟ - بالطبع الفرشاة أطوع بكثير, ويستطيع أي شخص استخدامها بعكس الماوس أو"أداة الرسم الرقمي الأساسية وهي ال"Tablet"والقلم الإلكتروني"، فالتحكم بهما صعب, ولن يستطيع أن يسيطر عليهما الفنان بسهولة مثل الفرشاة العادية, ولا أرى أن اليوم الذي ستغيب فيه الفرشاة والألوان سيكون قريباً، أو بالأحرى لا أراه أبداً ولا أظن أنه سيأتي. الرسم الرقمي، وفر الكثير من الأشياء، فلا ورق ولا فرش وألوان وغير ذلك، هل هذه ميزة كبيرة في نظرك، وهل ترين له سلبيات بجانب هذه الايجابيات؟ - نعم هي ميزة عظيمة, وهذه فائدة التكنولوجيا أن تسهل علينا كل شيء, ولا أرى أي سلبيات في كون التكنولوجيا تسهل على الفنان أموره، كما سهلت الأمور في شتى المجالات الأخرى. قضى الكومبيوتر على عدد من المهارات التي امتاز بها الإنسان، مثل الخط والنحت والرسم وتصميم الصحف، ما الخطوات المقبلة والميادين المقترحة للاقتحام؟ - لا نستطيع أن نتوقع مدى التطور التكنولوجي الذي سيصل إليه الإنسان، وأي الميادين سيقتحم، فقد أصبحنا نفاجأ يومياً باختراعات لا تخطر لنا على بال, لكن للأسف كلما تطور العصر أصبحت حالات الإجرام والظلم تتزايد وحقوق الإنسان تنتهك، لا أعرف ما الرابط بين الأمرين، لكن بتنا نخشى أن نفقد حضارتنا الإنسانية بلهثنا خلف التكنولوجيا.