كل شيء يتغير ويتطور من حولنا وهذه سنة الحياة والتي غالبا ما تفرض التغيير والتطوير ليس لمجرد التغيير أو لمجرد التطوير وإنما لأن طبيعة الحياة تريد ذلك فليس هناك شيء يبقى على حاله. الفن التشكيلي هو من أجمل الفنون التي أبدع فيها الإنسان واستطاع الرسامون من خلاله أن يجعلوا من الريشة والألوان لغة تحكي ماضي وحاضر الشعوب بل أصبحت وسيلة للتعبير عن هموم وقضايا الإنسان. وفي الآونة الأخيرة ظهر فن لا نستطيع أن نسميه فنا جديدا بقدر ما هو امتداد لفن قائم يحاكي روح العصر ويلبي متطلبات الحياة المعاصرة وهو فن الرسم من خلال استخدام الكمبيوتر والذي يتيح للرسام كل الأدوات التي يحتاج إليها الرسامون أثناء عملية الرسم ولكن بشكل جديد حيث أصبح بإمكان الرسام الذي يستخدم الكمبيوتر في رسوماته أن يجد كل تلك الأدوات والتي أصبحت قريبة منه وفي متناول يده بطريقة سهلة وميسرة بل إن جهاز الكمبيوتر يقوم بحفظ خطوات الرسام أثناء عملية الرسم ويتيح له استرجاع تلك الخطوات وإضافة وحذف وتعديل ما يريد.هذا النوع من الرسم والذي يتم تداول اسمه على أنه ( الرسم الرقمي ) لا يحتاج فيه الرسام إلا إلى شاشة صغيرة تحمل قلما يتم إيصاله بجهاز الكمبيوتر ليبدأ الرسام بعملية الرسم وهو وإن اختلف عن الرسم التقليدي في أدواته وطريقة الرسم إلا إن لغة وخيال وإبداع الرسام تبقى القاسم المشترك بين من يرسم من خلال الكمبيوتر وبين من يرسم بالطريقة التقليدية. ولكن ما يؤسفني هنا أن هناك بعض الجهات التي تهتم بالفن التشكيلي لا تعترف بالرسم بالكمبيوتر بالرغم من أن هناك فنونا كثيرة استفادت من الكمبيوتر وأصبحت تعتمد عليه كثيرا ولا أدل على ذلك من كثير الأعمال السينمائية والتي أصبح الكمبيوتر أداة مهمة في إنتاجها من خلال الصور وبعض المشاهد التي يتم معالجتها من خلاله . أيضا المطربون يعتمدون على التقنية الحديثة لإنتاج ألبوماتهم والتي أصبحت جزءا مهما في الإنتاج الغنائي .وكذلك الحال مع بقية الفنون والتي أصبح الكمبيوتر أداة مهمة من أدوات تنفيذ تلك الفنون ومع هذا لم نجد مؤسسة واحدة معنية بالاهتمام بتلك الفنون ترفض استخدام الكمبيوتر كأداة في تلك الفنون بل على العكس الجميع يشجع على استخدام التقنية الحديثة في أي فن بما يكون من شأنه إدخال روح العصر على الفنون وزيادة الإبداع فيها . وما يجب أن تعيه تلك المؤسسات الرافضة لهذا النوع من الرسم أن هناك رسامين أبدعوا في الرسم بالكمبيوتر وأصبح لهم قاعدة جماهيرية ليست بالهينة بل إن هناك بعض المؤسسات التي تهتم بالفن التشكيلي – وإن كانت قليلة جدا – بدأت بالسماح للرسامين الرقميين بالمشاركة في لوحاتهم في المعارض التي تقيمها ومع هذا فإن هؤلاء الرسامين الذين يحملون في لوحاتهم لمسات التجديد هم بحاجة إلى مزيد من الدعم والتشجيع .