في الطابق الثاني لمركز التنقيب وهندسة البترول في الظهران التابع ل"أرامكو السعودية"، تولد الكثير من أفكار التطوير والأسماء الواعدة في مجال التنقيب، فهناك يقع مكتب الجيولوجية السعودية سحر عبد المجيد بدر، التي تترأس مجموعة التطوير الفني والتدريب في قطاع التنقيب، وهي أول جيولوجية توظفها إدارة التنقيب في أرامكو السعودية وذلك في عام 1979. وتقول سحر عن برامج التطوير التي تشرف عليها:"وجدنا أن الاستثمار المبكر في اختيار المرشحين وتعليمهم وفحصهم وتوظيفهم مع التدريب المركز والتطوير له عوائد رائعة في المستقبل، وبخاصة في مجال التنقيب، وما ينطوي عليه من تطوير تقنيات بالغة التعقيد تتناسب مع ضخامة عمل"أرامكو السعودية"ومكانتها البترولية". وتضيف"تقدم المهنيين الفنيين وتطويرهم لدينا آخذٌ في النمو بشكل سريع، وهذا مستمر حتى وقت التقاعد، طالما أن العلم ليست له نهاية". وتدرجت سحر بدر خلال 27 عاماً قضتها في"أرامكو السعودية"، في عدد من المناصب، إذ بدأت حياتها العملية في دراسة الأحافير بعد حصولها على درجة البكالوريوس في الجيولوجيا من جامعة الأردن. ثم انضمت لفريق تقدير الاحتياط في العام 1985، وعملت في وظيفة رئيس أعمال تقدير الاحتياط لجميع حقول الزيت والغاز في السعودية من عام 1990 إلى 1994. كما أنها شغلت في عام 1991، وظيفة رئيس فريق تطوير حقل السفانية، وهو أكبر حقل مغمور في العالم، واستمرت فيها حتى عام 1997، وتم اختيارها للإشراف على فريق العمل في المنطقة المغمورة في حقلي الظلوف والمرجان إلى العام 2000. وخلال الفترة من عام 2000 إلى 2003، ركزت على توسيع برنامج تطوير المهنيين. وفي عام 2003 كلفت بمهمة الإشراف على جميع برامج التطوير في إدارة التنقيب. ومن البرامج التي تتولى سحر الإشراف عليها"برنامج التعليم الجامعي CDP، الذي يشمل برنامج الإعداد الجامعي CPP والبرنامج الصيفي للطلبة SSP، وكذلك برنامج التطوير المهني PDP ومعهد التدريب على التنقيب ETS والبرنامج الفني قصير الأجل STTP وبرنامج الدراسات العليا ADP وبرنامج تطوير الأخصائيين SDP". وحظيت سحر في عام 2003 بتكريم"أرامكو السعودية"، بمنحها"جائزة التفاني والتأثير العام"في قطاع التنقيب، خلال حفلة تسليم الجوائز السنوية. وأشاد رؤساء الإدارات والأقسام في قطاع التنقيب بسحر واعتبروها"موظفة مهنية من طراز فريد، وكان لها تأثير على دائرة التنقيب وأرامكو السعودية بكاملها"، من خلال نجاحها في برنامج تطوير الأخصائيين، نظراً لتفانيها المميز وحيويتها الفائقة. وترجع سحر نجاح برامج التطوير إلى ثلاثة عوامل رئيسة،"الأول: حرص أرامكو السعودية على وضع برامج تطوير منظمة والتزامها بدعمها، والثاني: يتمثل في الدعم الكبير الذي تجده البرامج التطويرية في قطاع التنقيب من نائب رئيس أرامكو السعودية للتنقيب عبدالله النعيم، الذي يؤمن بأهمية تدريب موظفي قطاع التنقيب وتطويرهم، لمواجهة التحديات الكبيرة واستكشاف المزيد من النفط والغاز وتطوير الحقول وفق أفضل المعايير العالمية، أما الثالث: فيرجع إلى التعاون الوثيق بين مجموعة التطوير الفني والتدريب مع أعضاء البرنامج والمرشدين". منقِّبون يبحثون عن الزيت والغاز في الصخور الرسوبية تبدأ عملية توفير البترول ومنتجاته للعالم من خلال أعمال التنقيب والتطوير، إذ تركز أعمال التنقيب على البحث عن حقول الزيت والغاز في أعماق الأرض، ويتكون الزيت في الصخور الرسوبية وينتقل عبر شبكة السوائل في الأحواض الرسوبية. وقد يحدث أن يحتبس بعض الزيت في مصائد جيولوجية متنوعة، وتكون مهمة فرق التنقيب عن الزيت، التي تتشكل بصفة أساسية من الجيولوجيين والجيوفيزيائيين، هي العثور على تلك المصائد. ويقوم الجيولوجيون بدراسة الصخور والمعادن والأحافير لتحديد مكان تجمع الزيت والغاز، كما يقومون بدراسة حركة قشرة الأرض وطرق تكون الأحواض بمرور الوقت في جميع أنحاء العالم. ويقوم الجيوفيزيائيون بدراسة فيزياء الأرض مستفيدين في ذلك من علم الزلازل الذي تتم من خلاله دراسة الأصوات في أعماق الأرض والمسح السيزمي ودراسة تأثير الأصوات التي يحدثها الإنسان في باطن الأرض. ويعتمد أخصائيو التنقيب في"أرامكو السعودية"في شكل أساس على المصائد التي يكتشفها الجيوفيزيائيون في المناطق التي يعتقد الجيولوجيون إمكان وجود الزيت فيها. وحالما يتم تحديد موقع الحقل، تبدأ أعمال التطوير التي تتضمن دراسة مكمن المواد الهيدروكربونية، لتحديد كمية الزيت والغاز والطرق المأمونة والفعالة لاستخراجهما أو إنتاجهما. وتشبه الأساليب المستخدمة في التطوير تلك الأساليب المستخدمة في التنقيب غير أنها تتضمن تفاصيل أكثر، وقد تستمر طوال فترة استغلال الحقل. وتحقق"أرامكو السعودية"نجاحات في أعمال التنقيب لاتباعها طريقة منهجية في أداء تلك الأعمال، فهي تحتفظ بجميع دراسات التنقيب التي يجريها علماؤها، بما في ذلك الدراسات ذات النتائج السلبية، في مكتبات خاصة، علما بأن آبار الاستكشاف التي لا يتم العثور فيها على الزيت أو الغاز، ويطلق عليها اسم الآبار الجافة، توفر معلومات قيمة عن حالة الصخور الرسوبية الموجودة على بعد آلاف الأقدام في باطن الأرض. ويتم العثور على الزيت عموماً في الأحواض الجديدة بعد بحوث مضنية قد تستغرق عدة سنوات، لذا فإن اتباع طريقة منهجية في التنقيب واتباع أسلوب جيد في المحافظة على السجلات يعتبران في غاية الأهمية. وبلغ علم التنقيب عن الزيت مرحلة النضج خلال القرن الماضي وأصبح علماً شديد التعقيد في الوقت الجاري. وتحتاج أعمال التنقيب والتطوير إلى متخصصين لتشغيل أجهزة الكمبيوتر فائقة التطور للمعالجة والتحليل ووضع الخرائط التي تستوعب كميات هائلة من البيانات التي يتم تجميعها. وثمة مجموعتين أخريين من المجموعات التخصصية المهمة، هما مجموعة المتخصصين في الحفر ومهندسي البترول، حيث يكون المتخصصون في أعمال الحفر مسؤولين عن الحفر الفعلي لجميع آبار الاستكشاف والتطوير، فيما يبدأ عمل مهندسي البترول في المراحل الأولية لتطوير الحقل بعد اكتشافه، وهم مسؤولون بصفة أساسية عن إدارة المكمن. كما يقوم المهندسون، بالتعاون مع العلماء المتخصصين في علم الأرض وباستخدام البيانات التي يزودهم بها هؤلاء العلماء والموظفون المسؤولون بشكل مباشر عن إنتاج المواد الهيدروكربونية، ببناء نماذج ثلاثية الأبعاد شديدة التفصيل للمكامن، ويضيفون بيانات تلك النماذج إلى برامج كمبيوتر متطورة لمحاكاة المكامن، تمكن من معرفة الإنتاج الحالي والمستقبلي للمكمن. 11 برنامجاً للتطوير الفني والتدريب المهني يرعى برنامج التعليم الجامعي السنوي خريجي الثانوية الجدد الذين تنتقيهم"أرامكو السعودية"، للحصول على الدرجة الجامعية في جامعات خارج المملكة في الغالب في تخصصات علمية تحتاج إليها، ويوفر هذا البرنامج التعليم والراتب إضافة إلى الوظيفة عند إكمال الدراسة بنجاح. ويهدف إلى إطلاع المشاركين في أسرع وقت ممكن على التطورات في مجال التكنولوجيا، ومساعدتهم على التميز في الدراسة واختيار مجالات الخبرة التي لها علاقة بأعمال التنقيب والتطوير في"أرامكو السعودية"، ويبدأ الطلاب الذين يتخرجون في هذا البرنامج في ممارسة مهام أعمالهم مع الإدارات الراعية لهم، ويتم تسجيلهم آلياً في برنامج التطوير المهني لمدة ثلاث سنوات متواصلة. وصُمم برنامج التطوير المهني لتسريع عملية التطوير والرقي المهني لخريجي الجامعات الذين تنقصهم الخبرة في وظائف مهنية، وبالتالي يصبحون مؤهلين تأهيلاً كاملاً في وقت أقل مما هو مطلوب في العادة. ويتضمن البرنامج التدريب على رأس العمل والعمل الميداني وقضاء ستة أشهر في المدرسة الفنية لأعمال التنقيب، بناء على حاجات العمل ومواهب الشخص واهتماماته، وبإمكان خريجي البرنامج أو من يقع عليهم الاختيار الترشح أو الالتحاق ببرنامج التطوير التخصصي، أو اختيار طريق التطوير السائد. ويعد معهد التدريب على أعمال التنقيب جزءاً من برنامج التطوير المهني، إذ يقدم للخريجين السعوديين الجدد في مجال علوم الأرض نظرة شاملة عن أعمال التنقيب والإنتاج للزيت والغاز وخبرات مهنية متقدمة فيهما عموماً، وبخاصة تقنيات التنقيب. وتؤمن الدراسة التي مدتها ستة أشهر دورات تدريبية صناعية داخل الشركة وخارجها، تعقبها دراسات تفصيلية كثيرة عن"أرامكو السعودية"وزيارات ميدانية مكثفة. كما تؤمن تدريباً رئيساً حول أحدث البرمجيات المستخدمة في دائرة التنقيب. وبدأ برنامج تطوير الأخصائيين في قطاع التنقيب عام 1997، وتتركز أهدافه الرئيسة في تطوير الجيولوجيين السعوديين وإعداد الجيل التالي وتزويده بالمهارات اللازمة، لاستغلال التقنيات المتطورة على نحو سريع. وهو عبارة عن عملية موجهة نحو العمل، تعتمد على نقل المعرفة بين المرشدين الموهوبين والمرشحين من أجل تطوير مهارات التخصص داخل الشركة في مجالات معينة من الخبرات. ويمر مرشحو البرنامج بمراحل تطويرية في مجال تخصصهم، ليصبحوا في نهاية المطاف أخصائيين واستشاريين أكفاء، مهيئين لتحقيق أهداف الشركة في مجال التنقيب، وعلى أتم استعداد لمواجهة التحديات التقنية في أرامكو السعودية. ويرشح برنامج الدراسات العليا كل عام عدداً من أفضل المهنيين في الإدارات، ممن تتوافر فيهم الشروط للحصول على شهادة الماجستير أو الدكتوراه من خارج المملكة في تخصصات تحتاج إليها الشركة. أما برنامج استرداد تكاليف الدراسة فيقدم لموظفي"أرامكو السعودية"الذين يواصلون دراساتهم في مجال تخصصهم أو في مجال جديد كمبادرة للتطوير الذاتي، ويدفع هذا التعويض على أساس دراسة كل حالة على حدة، ولا يشمل برامج الشهادات الكاملة. ويتضمن برنامج التدريب القصير مهمات تدريب غير جامعية تتراوح مدتها بين شهرين إلى أربعة أشهر، وصممت لتطوير الموظفين من الناحية الفنية. ويجب على الموظف أن يثبت جدارته ومهاراته في مهام عمله الحالية أو المستهدفة. كما يجب أن يكون التدريب المقدم غير متوافر محلياً أو أنه مجد اقتصادياً لأن يعطى داخل"أرامكو السعودية". ويتيح برنامج مهمة التدريب المهني والفني للمهنيين الفنيين في الشركة العمل مع شركة خارجية واكتساب تقنيات جديدة والمساهمة في مشروع مشترك. كما توفر الشركة من خلال برنامج توظيف أعضاء هيئة التدريس توظيفاً موقتاً خلال الصيف أو إجازة التفرغ لأعضاء هيئة التدريس في الجامعات لتعريفهم بالبيئة الصناعية الأشهر عالمياً. ويهدف هذا البرنامج إلى تعريف الكادر التعليمي بالأمور الفنية في الشركة، واطلاعه على مجمل متطلبات الصناعة، ما يزيد من التعاون بين الجامعات والصناعة. ويوفر برنامج المعلم للشركة المساهمة في المجتمع الأكاديمي من خلال تقديم خبرائها الفنيين كأساتذة إضافيين لتعليم طلبة الكليات خلال أشهر الصيف أو إجازات التفرغ، وتعريفهم بتجارب وخبرات الشركة وبما تتطلع إليه الصناعة وتأمله من الخريجين. ويشارك طلبة الكليات من خلال برنامج الطلبة الصيفي في"أرامكو السعودية"ويتعرفون على بيئتها، لتتوافر لهم خبرة صناعية مباشرة من خلال التدريب على رأس العمل والتعرف على أحدث ما توصلت إليه التكنولوجيا. كما يركز على تعريف طلبة المرحلة الثانوية على بيئة العمل في أرامكو السعودية، للإفادة من المشاركات التطبيقية والعمل في المواقع المختلفة.